قطاع طرق يجوبون شوارع صنعاء ومسؤول أمني يعدها نهاية سقوط الانقلاب

تسجيل محاولات اختطاف فتيات.. ومسلحون بزي عسكري لنهب المواطنين

عدد من الأطفال اليمنيين في مخيم مؤقت في منطقة نهم غرب مدينة مأرب للنازحين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم بسبب الانقلاب الحوثي والقتال الدائر في البلاد (أ.ف.ب)
عدد من الأطفال اليمنيين في مخيم مؤقت في منطقة نهم غرب مدينة مأرب للنازحين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم بسبب الانقلاب الحوثي والقتال الدائر في البلاد (أ.ف.ب)
TT
20

قطاع طرق يجوبون شوارع صنعاء ومسؤول أمني يعدها نهاية سقوط الانقلاب

عدد من الأطفال اليمنيين في مخيم مؤقت في منطقة نهم غرب مدينة مأرب للنازحين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم بسبب الانقلاب الحوثي والقتال الدائر في البلاد (أ.ف.ب)
عدد من الأطفال اليمنيين في مخيم مؤقت في منطقة نهم غرب مدينة مأرب للنازحين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم بسبب الانقلاب الحوثي والقتال الدائر في البلاد (أ.ف.ب)

قال اللواء محسن خصروف مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع اليمنية إن الميليشيات الانقلابية تعيش آخر أيامها بالعاصمة صنعاء والمدن التي لا تزال تحت سيطرتها، وذكر أن الانقلابيين يفقدون السيطرة على الأمن بعد ازدياد معدلات الجريمة وانتشار العصابات الإجرامية في عدد من شوارع صنعاء.
وأكد سكان بالعاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» انتشار مسلحين بزي عسكري في أوقات متأخرة من الليل يقومون بعمليات نهب للمواطنين في عدد من الشوارع، إضافة إلى تسجيل ثلاث محاولة اختطاف لفتيات من وسط العاصمة من قبل مسلحين خلال أسبوع واحد، وأوضحت شهادة السكان أن مسلحين يلبسون زيا عسكريا، حاولوا اختطاف فتاتين من وسط شارع الستين الشمالي، لكن وجود الناس أفشل العملية، فيما ذكر أحد المواطنين بأن مسلحين بزي الأمن حاولوا اختطاف زوجته التي قاومت المختطفين وتمكنت من الإفلات منهم.
ويعيش سكان العاصمة صنعاء البالغ عددهم 3 ملايين نسمة تقريبا، تحت حكم ميليشيات الحوثي وصالح منذ أكثر من عام ونصف، وتدير ما تسمى اللجنة الثورية الطوق الأمني لصنعاء، وجندت أكثر من 20 ألف مسلح من أتباعها وضمتهم إلى الوحدات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، بينهم متهمون بجرائم جنائية وعمليات تقطع.
وإلى جانب الحالة الأمنية التي تعيشها صنعاء، فإن الوضع المعيشي للسكان ينهار بشكل تدريجي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الضرورية اليومية للمواطنين، إضافة إلى توقف الكهرباء بشكل نهائي منذ الانقلاب على الحكومة الشرعية، وهو ما أجبر الكثير من السكان للعودة للريف والبحث عن مكان آمن للعيش فيه.
وأوضح اللواء محسن خصروف لـ«الشرق الأوسط» أن تصاعد مظاهر السقوط لحكم الميليشيا يتمثل في انتشار العصابات بسبب غياب الوحدات العسكرية والأمنية التابعة للدولة، وأصبح الأمر بيد ميليشيات لا تحتكم للقانون ولا للدولة.
ولفت إلى أن أغلب من يمارس عمليات قطع الطريق ونهب المارة هم ممن لديهم سوابق جنائية، حيث قامت الميليشيات بتجنيد كثير من اللصوص وقطاع الطرق والفاسدين وعينتهم فيما يسمى اللجنة الثورية، بعضهم اشتهر بعملياته الإجرامية في طريق صنعاء الحديدة، والبعض منهم كانوا ضباطا فاسدين بالجيش والأمن من الموالين لصالح وهم حاليا من يديرون العملية الأمنية في داخل صنعاء. واعتبر خصروف هذه المظاهر بأنها تعجل بسقوط الانقلابيين، كما أنه يحصل مع أي نظام فاشي بدول العالم، لأن القوة الغاشمة والحكم بالسلاح والنار، لا يستمر، داعيا المواطنين في صنعاء إلى الدفاع عن أنفسهم وبيوتهم وأعراضهم من هذه الميليشيات التي نشرت الدمار والخراب بكل منطقة تسيطر عليها، وانتهكت الحرمات والقيم التي اشتهر بها الشعب اليمني على مر العصور.
إلى ذلك أعلنت قيادة أركان الجيش الوطني والسلطة المحلية بمحافظة صنعاء أنها اتخذت إجراءات عاجلة لإصلاح شبكة أبراج الطاقة الكهربائية التي تمتد من محافظة مأرب إلى العاصمة صنعاء، والتي توقفت بسبب استهداف المتمردين للمنظومة الوطنية للكهرباء، والتي تغذيها محافظة مأرب عبر المحطة الغازية.



إرجاء محادثات الدوحة بين الكونغو والمتمردين يثير مخاوف من «عقبات»

عناصر من حركة «إم 23» على شاحنة عند معبر غوما جيسيني غراندي بارير الحدودي (رويترز)
عناصر من حركة «إم 23» على شاحنة عند معبر غوما جيسيني غراندي بارير الحدودي (رويترز)
TT
20

إرجاء محادثات الدوحة بين الكونغو والمتمردين يثير مخاوف من «عقبات»

عناصر من حركة «إم 23» على شاحنة عند معبر غوما جيسيني غراندي بارير الحدودي (رويترز)
عناصر من حركة «إم 23» على شاحنة عند معبر غوما جيسيني غراندي بارير الحدودي (رويترز)

محادثات السلام بين الكونغو الديمقراطية ومتمردي حركة «23 مارس (إم23)» لإنهاء صراع ممتد منذ نحو 3 عقود، لم تلتئم بعدُ في الدوحة، مع إرجاء المفاوضات المباشرة، التي تعدّ الأولى بين الجانبين منذ تجدد النزاع بينهما قبل 3 أشهر، وسط تحذيرات أممية من حدوث أزمة إنسانية كبيرة مع ازدياد أعداد النازحين إلى دول الجوار.

هذا التأجيل، الذي لم يحدَّد معه موعد جديد للمحادثات، وفق مصادر من الحكومة وحركة «23 مارس (إم23)» المتمردة، يرجعه خبراء بالشأن الأفريقي، في أحاديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى احتمال وجود عقبات وخلافات لم تُحسم بعد؛ بينها عدمُ انسحابٍ أكبر من المتمردين، فضلاً عن غياب الثقة بين الأطراف المتورطة في النزاع، مشددين على أنه في ظل عدم حسم الصراع؛ فإن المنطقة مهددة بمزيد من المخاطر، وسط تعويل على تحرك أكبر من الدوحة لتقريب وجهات النظر والوصول إلى تفاهمات قريباً.

وأفادت مصادر، في حديث لـ«رويترز»، بأن محادثات السلام بين الجانبين، التي كان مقرراً عقدها الأربعاء بالعاصمة القطرية الدوحة، أُجّلت دون تحديد موعد آخر. وفي حين لم يتضح سبب تأجيل الاجتماع، قال مسؤول كونغولي إنها «مسألة تنظيمية ليس إلا».

وجاء التأجيل بعد أيام من تأكيد المصدر ذاته أن الجانبين عقدا «اجتماعاً سرياً» في الدوحة قبل أسبوع.

جنود كونغوليون في الحراسة خلال زيارة وزير الدفاع جاي كابومبو موادايامفيتا مقاطعة شمال كيفو (رويترز)
جنود كونغوليون في الحراسة خلال زيارة وزير الدفاع جاي كابومبو موادايامفيتا مقاطعة شمال كيفو (رويترز)

وقطر، التي تجمعها علاقات جيدة بالكونغو الديمقراطية ورواندا المتهمة بدعم المتمردين، أحدث دولة في قطار الوساطة المنطلق منذ أشهر بحضور أفريقي، وجمعت، في الدوحة الشهر الماضي، رئيسَ الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، ورئيسَ رواندا بول كاغامي، في لقاء مفاجئ دعا خلاله الزعيمان إلى وقف إطلاق النار.

وكان «تحالف نهر الكونغو»، الذي يضم حركة «إم23» المتمردة، أعلن في أواخر مارس (آذار) الماضي، سحب مسلحيه من مدينة واليكالي الغنية بالمعادن في إقليم شمال كيفو، و«إعادة تمركز قواته (...)؛ دعماً لمبادرات السلام»، ووصفت وزارة الخارجية الرواندية، في بيان نقلته وسائل إعلام، تلك الخطوة بأنها «إيجابية باتجاه تحقيق الاستقرار في شرق الكونغو، وتحقيق سلام»، وأعربت حكومة الكونغو الديمقراطية، ببيان، عن أملها في أن يُمهّد هذا التعليقُ الطريقَ لاستئناف الحوار مع الحركة المتمردة وسواها من الفصائل المسلحة.

وعدّت قطر في حينها، عبر بيان من وزارة الخارجية، تلك التصريحات «خطوة إيجابية ومهمة نحو تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة».

وحركة «إم23» من بين نحو 100 جماعة مسلحة تتناحر للحصول على موطئ قدم في شرق الكونغو الغني بالكوبالت والليثيوم واليورانيوم إلى جانب معادن أخرى، والقريب من الحدود مع رواندا.

وتَجدد النزاع، الذي يعود إلى نحو 3 عقود، بشكل لافت في يناير (كانون الثاني) الماضي، مع شنّ المتمردين، الذين تقودهم عرقية «التوتسي» والمدعومين من رواندا، هجوماً في شرق الكونغو الديمقراطية، متقدمين نحو مدينة غوما؛ ثانية كبرى مدن شرق الكونغو الديمقراطية وعاصمة إقليم شمال كيفو الذي يضم مناجم للذهب والقصدير، وكذلك نحو مدينة بوكافو الاستراتيجية؛ كبرى مدن شرق الكونغو وعاصمة إقليم جنوب كيفو، في أكبر توسّع بالأراضي الخاضعة لسيطرة الحركة منذ بدء أحدث تمرد لها في عام 2022، وبعد صعود وهبوط في المواجهات التي تصاعدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

ويرى المحلل في الشأن الأفريقي، محمد تورشين، أن مساعي السلام بين الكونغو والمتمردين «عادة ما تواجه عقبات وتحديات منذ اندلاع الصراع، وإرجاء المحادثات بالدوحة يعني أن بعض القضايا الخلافية ظهرت وأعاقت مسار التوصل إلى تفاهمات، وربما أبرز الأسباب يتمثل برغبة الحكومة في انسحاب أكبر من قِبَل المتمردين؛ دون توافق على ذلك بعد»، مشدداً على أن «الأزمات في أفريقيا عادة ما تكون معقدة وحلها ليس سهلاً، فضلاً عن أن المحادثات يطغى عليها طابع السرية لإنجاحها».

ويقول المحلل في الشأن الأفريقي، عبد المنعم أبو إدريس: «الواضح أن غياب الثقة بين الأطراف المتورطة في الصراع هو السبب الأساسي، ولم تستطع الوساطة القطرية، التي جمعت بين الرئيسين الرواندي والكونغولي، تجسير الهوة. لذا؛ تعثرت المفاوضات»، مشيراً إلى سبب آخر، هو «تقاطعات مصالح الجهات التي لديها أطماع في ثروات شرق الكونغو وتأثيراتها على طرفي النزاع».

وجاءت محادثات الدوحة عقب فشل محاولة سابقة في أنغولا الشهر الماضي لجمع حكومة الكونغو وحركة «إم23»؛ لإجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار، بعد إعلان «الاتحاد الأوروبي» فرض عقوبات على قادة بالحركة ومسؤولين روانديين.

ومنذ 2021، أُقرّ أكثر من 10 اتفاقات هدنة في شرق الكونغو الديمقراطية، الغني بالموارد الطبيعة ويشهد نزاعات منذ مدة طويلة. وباءت بالفشل كلّ المحاولات الدبلوماسية لإنهاء النزاع.

وتأتي هذه المساعي وسط أزمة إنسانية كبيرة، وقال ماثيو كرينتسيل، ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في أوغندا، عبر بيان الثلاثاء: «منذ يناير الماضي، لجأ أكثر من 41 ألف كونغولي إلى أوغندا بحثاً عن الأمان، ليصل إجمالي عدد الكونغوليين في أوغندا إلى نحو 600 ألف».

ويرى تورشين أنه رغم إخفاقات كثيرة لمحادثات السلام خلال السنوات الماضية وأحدثها في أنغولا، فإن «الدوحة بما لها من خبرات سابقة بالمنطقة، ووجودٍ في أفريقيا، وعلاقاتٍ بالكونغو ورواندا، قد تضع تصورات تسهم بشكل أو بآخر في الدفع نحو تحقيق السلام»، لافتاً إلى أن «تصاعد النزاع في شرق الكونغو يهدد أمن المنطقة، ولا مفر من تحرك الجميع لدعم مبادرات السلام لإنهاء النزاع».

ويعتقد أبو إدريس أن التأثيرات المباشرة للصراع في شرق الكونغو ممتدة إلى دول الجوار، مؤكداً أنه «لا مفر من الذهاب نحو السلام في أقرب وقت، وإلا فهناك مزيد من التصعيد والتهديد لمصالح الجميع».