اليونان محطة المهاجرين السوريين الأولى إلى أوروبا

لاجئ سوري يكشف لـ {الشرق الأوسط} : ثمانية آلاف دولار سعر جواز السفر المسروق عبر شبكة من المهربين

اليونان محطة المهاجرين السوريين الأولى إلى أوروبا
TT

اليونان محطة المهاجرين السوريين الأولى إلى أوروبا

اليونان محطة المهاجرين السوريين الأولى إلى أوروبا

بدأ رنين الهاتف في تمام الساعة الثامنة والنصف مساء، وعرف عاصم الموضوع الذي ستدور حوله المكالمة حتى قبل أن يرد عليها، كما عرف أيضا أن هذه المكالمة ربما تكون بمثابة دفعة لبدء حياته مرة أخرى. بيد أن التجارب الصعبة والإحباطات السابقة قد علمته أن لا يتوقع الكثير. لقد صار هذا النوع من المكالمات الهاتفية أمرا روتينيا للغاية، لدرجة أنه لا يذكر حتى موضوع المكالمة، إلا بعد مرور عشر دقائق من وقت إنهائها. ويقول عاصم: «بالمناسبة، كانت هذه المكالمة عبارة عن اتصال وارد من شقيقي، وكانت لإبلاغي بالذهاب لمقابلة المهرّب».
يقيم عاصم، البالغ من العمر 25 سنة، وشقيقه الذي يبلغ عمره 18 سنة، في مكان لا يرحب بهما. وهما اثنان من بين نحو 40 ألف لاجئ، وطالب للجوء السياسي (وفقا لتقديرات الأمم المتحدة) موجودين حاليا في اليونان.
وتعتبر اليونان من الدول التي تكافح، في ظل مرورها بأسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، ويتدفق إلى أراضيها المهاجرون غير الشرعيين من خلال شواطئها. ويوفر هذان الأمران معا مزيجا متقلبا؛ حزب النازيين الجدد «الفجر الذهبي»، الذي يشتمل برنامجه على تبني القومية المتشددة والعنصرية المطلقة، والذي يشغل حاليا 18 مقعدا في البرلمان اليوناني. ويقع مقر الحزب في منطقة عاصم، ولكنه يقول إن ذلك الأمر لا يضايقه كثيرا. ويوضح قائلا: «الشرطة هي التي تثير قلقي أكثر من الفاشيين، وهذا هو السبب وراء ندرة خروجي من منزلي، ففي حال قبضت الشرطة علي، ربما أقضى ستة شهور في السجن».
يستغل «الفجر الذهبي» تصعيدا تدريجيا للاستياء الشعبي. ويشعر كثير من الأشخاص في اليونان بأن بلدهم أصبح بمثابة الباب الخلفي السري غير الشرعي للوصول إلى أوروبا، فهو أسهل طريق يمكن من خلاله الوصول إلى أرض الميعاد بالنسبة لعشرات الآلاف من المهاجرين البائسين الذين يقومون برحلاتهم مقبلين من الشرق في كل عام.
بيد أن اليونان أصبحت في حقيقة الأمر بمثابة السياج لأوروبا. وقد يكون هذا البلد هو المكان الذي يدخل من خلاله أعداد ضخمة من المهاجرين إلى أوروبا، ولكنه ليس بالمكان الذي يريدون الإقامة فيه. ويقول عاصم: «بالطبع لا نريد البقاء هنا، ولا يرغب أحد مطلقا في الإقامة في هذا المكان. ولا يحب أي شخص أن يكون لاجئا في هذا البلد». إنه تحول قاسٍ في الأحوال بشكل كبير؛ فهو لا يريد البقاء هنا، كما أن اليونانيين لا يريدون أن يكونوا في هذا البلد أيضا، ومع ذلك، فمن شبه المستحيل بالنسبة له أن يغادر البلاد.
إن مقاطع الفيديو البراقة التي يعرضها مجلس السياحة اليوناني في حلقات رائعة في محطات مترو أثينا تصور جنة رعوية جميلة تشترك في القليل من السمات، مع المعيشة الخانقة التي يعاني منها عاصم، حيث يقيم خمسة منهم في غرفة في ضاحية محددة الملامح لمدة ستة أشهر في المدينة. وأخبرني عاصم (وهو يضحك ساخرا من الموقف برمته) أن «الأمر يتمثل في رغبتي في السفر دوما. فقط لم أرغب مطلقا في السفر بهذه الصورة».
منذ 10 أشهر، لم يسافر عاصم وعائلته خارج دمشق. بيد أن الغارة الجوية المدمرة التي تم شنها على منطقتهم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أجبرتهم على بيع منزلهم وممتلكاتهم وسيارتهم، وبدء رحلة شاقة تحت مسؤولية مهربي الأشخاص. وفي الوقت الحالي، تشتتت أسرة عاصم عبر أوروبا، حيث توجد والدته وشقيقاته في ألمانيا، بينما يقيم والده في تركيا، وتقيم عماته وخالاته في السويد، في حين يقيم أخواله وأعمامه في الدنمارك.
ويضيف عاصم قائلا: «في بداية الأمر، ذهبنا إلى لبنان وأقمنا هناك لمدة شهر واحد، ثم تقدمنا بطلب للحصول على تأشيراتنا لدخول تركيا. وبعد ذلك، سافرنا إلى إسطنبول. أحببت المكان هناك، وكنت أريد الإقامة فيه، ووجدت وظيفة مصمم غرافيك، ولكن أرادت أسرتي المجيء إلى أوروبا، واضطررت إلى النزول على رغبتهم؛ فأنت تعرف مدى قوة الروابط الأسرية في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن أفراد أسرتنا تربطهم أواصر قوية».
ومع زيادة حدة الحرب في سوريا، تضاءلت الخيارات أمام الأشخاص الراغبين في الهروب خارج البلاد. وفي جنوب تركيا، تقابلت مع فتاتين من اللاذقية، بدأتا حياة جديدة في مصر، قبل أن تضطرا إلى مغادرة مصر مرة أخرى بعد عزل الرئيس مرسي واشتداد حالة العداء ضد السوريين. والأدهى من ذلك أن جمهورية قبرص قد أعلنت مؤخرا أنها لن تدع السوريين يدخلون عبر حدودها مرة أخرى. كذلك، اكتشف صديق سوري، يعيش ويعمل في تركيا، أنه لا يوجد أمامه في الوقت الحالي سوى تسع دول في العالم بأسره يمكنه السفر إليها لقضاء إجازة دون الحصول على تأشيرة. «والأكثر من ذلك، أنني أحتاج إلى تأشيرة للدخول إلى الصومال»، حسبما ذكر عاصم، وهو في حالة استسلام للترويح عن نفسه.
ويعد الخيار الوحيد المتاح أمام معظم السوريين الذين يرغبون في الذهاب إلى أوروبا متمثلا في ذهابهم إلى اليونان، بصورة غير شرعية. فبمجرد دخولهم إلى هناك، لا يمكن إجبارهم على مغادرة البلاد، حيث يتم منحهم حق اللجوء السياسي، ويكون مسموحا لهم بالتقدم بطلب للحصول على إقامة، ولكن ليس هناك مفر من التقدم بطلب من الخارج، ولذا، لا يكون السفر إلى أوروبا عبر شبكة غامضة من المهربين هو الملاذ الأخير للوصول إلى هناك، ولكنه هو الخيار الوحيد المتاح. لقد اتبعت عائلة عاصم خط سير يسلكه كثيرون، لكن قصتهم تكشف كيف كانت رحلتهم مخاطرة لا يمكن التنبؤ بنتيجتها.
كانت خطتهم الأولى هي شراء جوازات سفر مزيفة من أحد مهربي الأشخاص، مع استخدام هذه الجوازات للسفر من إسطنبول إلى أي مكان آخر في أوروبا. ويشرح عاصم هذا الأمر قائلا: «إنهم يبحثون عن شخص ما يبدو مثلك. فيتم منح بعض الأموال للشخص الذي يمتلك جواز السفر، وينتظرون لمدة 30 يوما لحين الإبلاغ عن سرقة هذه الجوازات. بيد أن السعر المتعارف عليه لجواز السفر المسروق في إسطنبول يصل إلى 8000 دولار أميركي، وليس بإمكان الأسرة تحمل سداد تلك المصاريف. ولذا، لم يكن هناك بد أمام العائلة سوى اللجوء إلى الخيار الثاني».
ويضيف عاصم قائلا: «نصحنا البعض بالسفر بالقارب إلى أثينا، حيث يرون أن هذه الطريقة أسهل بكثير من السفر جوا من المطار هناك. ولذلك، فقد عقدنا صفقة مع أحد المهربين، حيث أخذ 1000 دولار أميركي من كل واحد منا، وأخبرنا أنه ستكون هناك حافلة تقلنا إلى الساحل في تمام الساعة الرابعة صباحا. ومن هذا المكان، سنأخذ القارب إلى اليونان».
إن الوضوح الذي يسترجع من خلاله عاصم تفاصيل تلك الرحلة يكشف لنا إلى أي مدى طبعت هذه الرحلة في ذهنه إلى أبعد الحدود. ويقول عاصم: «إنهم ينظمون تلك الرحلات بانتهاج مثل هذا الأسلوب. القارب عبارة عن زورق مطاطي، ولكن الجزء الأسفل منه مصنوع من الخشب. ولذلك، تجلس النساء والأطفال في قلب القارب، في حين يجلس الرجال فوق القطعة المطاطية حول الجزء الخارجي. كان طول القارب ستة أمتار، وكان على متنه أربعون شخصا».
وفي ضوء القمر، تمكّن عاصم بالفعل من رؤية الجزيرة اليونانية التي كانوا يتجهون إليها، حتى عندما وقف على شواطئ تركيا. لقد بدت الجزيرة قريبة جدا لدرجة أنه أعتقد أن الوصول إليها لن يستغرق سوى 10 دقائق. ولم يأتي المهرب معهم، بل علم أحد الأشخاص كيفية قيادة القارب». وأضاف عاصم: «لم يسدد ذلك الشخص سوى نصف المبلغ المطلوب، بيد أنها مخاطرة كبيرة. ففي حال إلقاء القبض عليك، فستتم إدانة ذلك الشخص كما لو كان هو المهرب». كانوا متيقنين من أنه سيتم إلقاء القبض عليهم. ولم تستغرق الرحلة 10 دقائق، ولكنها استمرت لمدة ساعتين.
وكان عاصم متأكدا أنه سيتم رصدهم من قبل سفن خفر السواحل، أثناء سفرهم ليلا في اتجاه اليونان تحت ظلال السماء منقشعة الغيوم. وكان يجثم على صدر عاصم مصير بعض المسافرين السابقين الذين أبحروا ليلا، حيث سقط بعض منهم في تلك المنطقة في مياه البحر المتجمدة في شهر فبراير (شباط) وغرقوا. ويقول عاصم: «ما زلت مندهشا من نجاحنا في تلك الرحلة».
سافر 26 شخصا من أفراد عائلة عاصم إلى اليونان، ولكن والده لم يكن من بين هؤلاء الأشخاص، قُتل أخوه في الغارة الجوية التي تم شنها في ديسمبر (كانون الأول)، وبقي والده في دمشق للتخفيف عن والدته ومواساتها. وفي الوقت الحالي، وفي ظل القصف المستمر ومحاصرة المنطقة من قبل قوات الأسد، غادر والده أيضا سوريا، وهو حاليا عالق في تركيا في انتظار فرصته للقيام بالرحلة نفسها بالقارب واللحاق بباقي أفراد أسرته. ويضيف عاصم قائلا: «لقد حاول والدي بالفعل أن يقوم بتلك الرحلة أربع مرات، ولكن في كل مرة، كان يتم القبض عليه وإعادته. وأعتقد أنهم قد قاموا الآن بزيادة سفن خفر السواحل على الجانبين التركي واليوناني. ينجح قارب واحد فقط من بين كل خمسة أو ستة قوارب في العبور. وسيحاول والدي مجددا في الأسبوع المقبل».
كانت خطة الأسرة متمثلة في السفر إلى السويد. ويوضح عاصم قائلا: «ذهبت بقية أفراد عائلتي إلى هناك أولا. وكانت الفكرة أنني أنا وأخي سنسافر إلى هناك لاحقا»، وكان المهربون يتقاضون 3000 يورو عن كل شخص من أجل الحصول على جوازات سفر مزيفة لمغادرة اليونان، بيد أن العائلة لم يكن لديها المال الكافي لكل أفرادها. ولكن والدة عاصم وشقيقاته تم توقيفهن واكتشاف أمرهن أثناء تنقلهن بين الرحلات الجوية في ألمانيا.
وطبقا لقواعد الاتحاد الأوروبي، يجب عليك التقدم بطلب الحصول على حق اللجوء في أول بلد تصل إليه. ولذلك، تعين عليهم البقاء في ألمانيا، على الرغم من عدم معرفتهم بأي شخص هناك، وكذلك عدم قدرتهم على تحدث اللغة الألمانية.
إن على عاصم وأخيه الآن أن يلعبا لعبة الانتظار، طالما أنهما يحاولان الخروج من اليونان. ولقد حاولا بالفعل الخروج من اليونان ولكنهما فشلا أربع مرات عند استخدامهما لجوازات سفر مزورة. وفي كل مرة، يتم اكتشاف أمرهما وإعادتهما. ومع انتهاء موسم السياحة وعدم وجود مسافرين في المطارات، يصبح الفحص الأمني أكثر صرامة، كما ترتفع الأسعار التي يطلبها المهربون. انتهى عاصم من شرب قهوته وغادر المكان لمقابلة جهة اتصاله لمعرفة آخر معدلات الأسعار. ويخبرني عاصم قائلا: «إن المال الذي معنا بدأ ينفد، حيث إننا أنفقنا بالفعل كل الأموال التي جمعناها من بيع المنزل والسيارة».
ويضيف عاصم: «في اليوم التالي، قام ذلك الشخص بإرسال رسالة بريد إلكتروني إليّ، حيث طلب مني 5500 يورو مقابل كل فرد. وفي كل مرة يرتفع السعر».
وعلى الرغم من موقفه اليائس، فقد استطاع التحلي بروح دعابة مشوبة بالمرارة وكتب: «عنوان اليوم: سأموت في أثينا».



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».