تنديد دولي واسع بقصف مخيم للنازحين أسفر عن مقتل 28 شخصًا

مصدر معارض ينفي وجود مقاتلين في المخيم.. والقصف الجوي نُفذ من علو شاهق

تنديد دولي واسع بقصف مخيم للنازحين أسفر عن مقتل 28 شخصًا
TT

تنديد دولي واسع بقصف مخيم للنازحين أسفر عن مقتل 28 شخصًا

تنديد دولي واسع بقصف مخيم للنازحين أسفر عن مقتل 28 شخصًا

لم تحدد مصادر المعارضة السورية هوية الجهة التي قصفت مخيما للنازحين في شمال غربي سوريا قرب الحدود التركية، ما تسبب بمقتل 28 مدنيا على الأقل، إذ أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن المخيم قُصف بضربات جوية، من غير أن يحدد من المسؤول عنها، في حين اتهمت وزارة الدفاع الروسية «جبهة النصرة» بالوقوف وراء العملية.
وقتل 28 مدنيا مساء الخميس، بينهم نساء وأطفال، جراء قصف جوي استهدف مخيم الكمونة القريب من بلدة سرمدا القريبة من الحدود التركية، ويأوي عائلات نازحة من محافظة حلب (شمال) المجاورة، كما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من غير تحديد الجهة المسؤولة عن الغارات.
وقال مصدر معارض في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط» بأن حجم الأضرار «يؤكد أن الضربة جوية، كون نتيجتها تتخطى مفعول عشرين قذيفة»، مشيرًا إلى أن التقديرات تشير «إلى أن القصف تم من مرتفع شاهق جدًا». وقال: إن المنطقة «دقيقة جدًا كونها محاذية للحدود التركية وتستدعي قصفًا جويًا دقيقًا، وهو ما يؤهلها لتكون منطقة آمنة»، مشيرًا إلى أن النشطاء «تعرفوا إلى 12 اسما من بين أسماء الضحايا الـ28»، لافتًا إلى وجود «جثث متفحمة نتيجة القصف».
بدوره، قال القيادي في «أحرار الشام» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط» بأن هناك «شبهات على أن الطيران الروسي نفذ الضربة، وليس طيران النظام، لأنها نفذت عن ارتفاع شاهق جدًا، وحققت إصابات دقيقة»، مشيرًا إلى أن «التجربة مع الضربات الجوية النظامية، تثبت أنه لا يمتلك تلك القدرة».
ونفى الشامي في الوقت نفسه أن يكون هناك عسكريون أو مقاتلون في المخيم، مؤكدًا أن «جيش الفتح أصدر تعليمات حاسمة بمنع اقتراب العسكريين من مواقع سكن المدنيين بغرض حمايتهم وعدم ترك أي ذريعة للنظام بقصف مناطق المدنيين الآمنة». وأشار إلى أن المخيم «تم إنشاؤه قبل أقل من عام، بعد سيطرة جيش الفتح على كامل محافظة إدلب، ويمتلك قدرة لاستيعاب نحو 5000 مدني في منطقة تعتبر آمنة قرب الحدود التركية».
وأظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شبانا ورجال إنقاذ يعملون على إخماد الحريق الذي اجتاح المخيم، فيما أحدهم يغطي جثة متفحمة. وبدت حالة من الفوضى داخل المخيم الذي التهمت النيران خيمه الزرقاء وكان الدخان يتصاعد منه. وذكر «مكتب أخبار سوريا» المعارض أن «كثيرا من الضحايا أطفال»، لافتا إلى أن الجرحى «نقلوا إلى مستشفى باب الهوى الحدودي مع تركيا، في حين لم تسمح السلطات حتى الآن بإدخال أي جريح إلى المشافي داخل تركيا».
واتهم ناشطون معارضون قوات النظام السوري باستهداف المخيم، إذ أكد الناشط المعارض مأمون الخطيب لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن طائرتين تابعتين «لنظام الأسد استهدفتا بأربعة صواريخ مخيم غطاء الرحمة في قرية الكمونة»، مشيرًا إلى سقوط «صاروخين قرب المخيم ما أدى إلى حالة هلع وهروب عدد كبير من النازحين خارج المخيم، ليسقط بعدها صاروخان داخل المخيم ويتسببا بحريق عشرة خيم بالكامل». لكن النظام، نفى مسؤوليته عن استهداف المخيم، محملة المسؤولية لـ«بعض المجموعات الإرهابية التي بدأت في الآونة الأخيرة، وبتوجيه من جهات خارجية معروفة، بضرب أهداف مدنية بشكل متعمد لإيقاع أكبر عدد من الخسائر في صفوف المدنيين واتهام الجيش السوري».
وعلى المنوال نفسه، أكدت روسيا التي تشن طائراتها أيضا غارات في سوريا، عدم تحليق أي طائرة فوق المخيم الذي تعرض للقصف. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، إن صور المخيم المنكوب، التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تدل على «غياب حفر ناجمة عن انفجار ذخائر أطلقت من طيران حربي ومؤشرات أخرى لشن ضربة جوية». وأوضح كوناشينكوف أن «طابع الأضرار، التي سجلتها الصور وأشرطة الفيديو المنشورة، تشير إلى أن توجيه ضربة إلى المخيم تم عمدا أو بالخطأ من راجمات الصواريخ المتعددة، التي يستخدمها في هذه المنطقة إرهابيو تنظيم جبهة النصرة».
وأثار قصف المخيم تنديدًا من المجتمع الدولي، والائتلاف الوطني السوري الذي اعتبر أن المجزرة «لم تكن لتحصل لو لم يرفض الرئيس الأميركي باراك أوباما إقامة المنطقة الآمنة في سوريا». مستنكرًا صمت المجتمع الدولي عن الإبادة التي يرتكبها النظام بحق المدنيين في سوريا، مؤكدًا أن هذا الصمت يعتبر شراكة مباشرة في الجريمة، لما يمثله من ضوء أخضر ورخصة مفتوحة لقتل السوريين. من جهته، قال عضو الائتلاف الوطني أحمد رمضان إن «الأطفال والنساء الذين قتلهم السفاح بشار الأسد في مخيم كمونة بريف إدلب، كان يفترض أن يكونوا في المنطقة الآمنة التي رفض أوباما إقامتها»، متسائلاً عن «سبب رفض أوباما تحويل ملف بشار الأسد إلى محكمة الجنايات الدولية وقد ارتكب جرائم حرب واضحة بحق الأطفال والنساء».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.