سعر الذهب العالمي.. سيناريوهات الصعود والهبوط

ارتفاع على المدى القصير وحركة تصحيحية على المدى الطويل

سعر الذهب العالمي.. سيناريوهات الصعود والهبوط
TT

سعر الذهب العالمي.. سيناريوهات الصعود والهبوط

سعر الذهب العالمي.. سيناريوهات الصعود والهبوط

شهدت الأيام الماضية صعودا كبيرا لأسعار المعدن الأكثر طلبًا في العالم، لم تشهده منذ أكثر من عام مضى، وكسر سعر الأوقية (الأونصة) حاجز 1300 دولار لأول مرة منذ 15 شهرا، فما هي العوامل التي تتحكم في صعود أو هبوط أسعار الذهب عالميًا، وما الاتجاه العام السائد للأسعار وكيف يبدو مستقبله؟
شهدت الأسعار العالمية للذهب زيادة مطردة منذ بداية الأزمة المالية العالمية في عام 2008، ما دفع المستثمرين إلى الإقبال على شراء الذهب، فارتفعت أسعاره بوتيرة سريعة خلال السنوات اللاحقة للأزمة، من نحو 870 دولارا للأوقية في عام 2008 لتصل إلى قمتها في 6 سبتمبر (أيلول) عام 2011، حيث وصل السعر إلى 1921 دولارا للأوقية، مع تزايد التوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، والأزمات الاقتصادية في كثير من الدول في منطقة اليورو، والمخاوف من خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي.
ومع نهاية عام 2012 وحتى الآن، شكلت أسعار المعدن النفيس اتجاهًا عامًا هابطًا - رغم الزيادات التصحيحية الكبيرة التي شهدتها الأيام الماضية - متراجعًا من نحو 1800 دولار للأوقية، دعم انحصار التوترات السياسية، وعودة معدلات نمو الاقتصاد العالمي نسبيًا عبر سنوات.
خلال الأسبوع الحالي قفز سعر الذهب إلى 1303.60 دولار للأوقية، مسجلا أعلى مستوياته خلال أكثر من 15 شهرا، وتحديدا منذ يناير (كانون الثاني) 2015. وذلك بعد أن تراجع الدولار أمام الين الياباني، وانخفض الدولار الأميركي هذا العام مقابل أغلب العملات الرئيسية من أعلى مستوى له في 8 أشهر، الذي سجله في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

العوامل المتحكمة في تغيرات سعر الذهب
يتحكم في تغير أسعار الذهب عدة عوامل أبرزها سعر الدولار، وقرارات البنوك المركزية بتغيير معدلات الفائدة، وخصوصا المركزي الأميركي، وسعر النفط، والطلب العالمي للمستثمرين على الذهب، وخصوصا في الهند والصين، بوصفهما أكبر الأسواق المستهلكة للمعدن الأصفر، وكذلك يتأثر السعر بالتوترات والأحداث السياسية والاقتصادية الكبرى، وتتناسب أسعار الذهب مع هذه العوامل إما طرديًا في حالة زيادة أسعار الذهب مع زيادة أحد العوامل السابقة، أو عكسيًا في حال تراجع أسعار الذهب مع تراجع أحد العوامل السابقة.
وتعد علاقة الذهب بالدولار من أوضح العلاقات التي تتحكم في تغييرات أسعار الذهب، فأسعار الذهب على العكس من أسعار الدولار مقابل العملات الرئيسية في العالم، فعندما يرتفع سعر الدولار أمام العملات الرئيسية يتجه المستثمرون لشرائه مقابل انخفاض الطلب على الذهب فيتجه سعر الذهب إلى الانخفاض، والعكس صحيح، عندما ينخفض سعر الدولار يتجه المستثمرون إلى شراء الذهب كملاذ آمن لاستثمار أموالهم وحفظ قيمتها من التراجع.
وتؤثر قرارات البنوك المركزية الرئيسية في العالم كالفيدرالي الأميركي والمركزي الياباني والأوروبي، في تحركات أسعار الذهب المستقبلية، وساهمت قرارتها في دعم ارتفاع أسعار الذهب، عندما أقرت بنوك مركزية عالمية فرض فائدة سلبية على الأموال المودعة بها، كبنك اليابان الذي فرض فائدة سلبية لأول مرة في تاريخه، في يناير مطلع العام الحالي، في محاولة منه لزيادة معدلات استثمار الأموال بدلاً من إيداعها بالبنوك ودفع عجلة النمو بالبلاد، وهي قرارات سبق لعدة بنوك مركزية اتخاذها قبل اليابان في منطقة اليورو والسويد وسويسرا والدنمارك.
ويشجع فرض فوائد صفرية أو سلبية فرص الاستثمار في المعدن النفيس بوصفه وسيلة للاستثمار وحفظ قيم الأموال، وترقبت الأسواق خلال العام الماضي قرار البنك الفيدرالي الأميركي برفع معدل الفائدة لأول مرة منذ 2006. وهو ما تسبب في خفض أسعار الذهب، ولكن عندما أشار المركزي الأميركي إلى أنه سيتحرك «بحذر» في اتخاذ قرارات الرفع التدريجي لمعدل الفائدة بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد، منح ذلك دعمًا لأسعار الذهب من جديد.

توقعات مستقبل أسعار الذهب
وعن التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب، يوجد سيناريوهان، أولهما يتوقع مزيدا من الطلب على الذهب، وبالتالي مزيدا من ارتفاع الأسعار، إذ إن الذهب هذا العام يشهد تدفقات استثمارية بمعدلات سريعة ليس لها مثيل منذ عام 2009.
وتوقع تقرير للـ«فايننشال تايمز» أن أسعار الذهب ربما تتمسك بالبقاء فوق 1200 دولار للأوقية، لأن حيازة الذهب عالميًا ما زالت أقل من ذروتها المسجلة في ديسمبر (كانون الأول) 2012 بمقدار الثلث، بالإضافة إلى دخول المضاربين من الصين والهند (أكبر الأسواق المستخدمة للذهب في العالم) إلى السوق في حال استمرت الأسعار بالصعود، مما قد يدعم ارتفاع الأسعار.
وفي السياق نفسه، ربما يزداد الطلب على الذهب وترتفع أسعاره في حال صوّت البريطانيون بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المزمع انعقاده الشهر المقبل، وهو قرار سيدفع الجنيه الإسترليني إلى الانخفاض، وسيجعل الذهب ملاذا آمنًا للمستثمرين في العملة البريطانية.
وعلى الناحية الأخرى، هناك سيناريو ثانٍ مرتبط بارتفاع الدولار مع تحسن معدلات النمو الاقتصادي للولايات المتحدة الأميركية وزيادة الفيدرالي الأميركي لمعدلات الفائدة، مما سيجعل الذهب غير جاذب للاستثمار ويدفع أسعاره للهبوط مرة أخرى.
ويدعم هذا التوقع توقعات المجموعة العالمية للاستثمارات جولدمان ساكس، في تقرير حديث نشر في فبراير (شباط) 2016، عودة أسعار الذهب إلى 1000 دولار للأوقية في خلال عام واحد.
وخلال الثلاث جلسات الماضية تأثرت أسعار الذهب سلبيًا بتصريحات من مسؤولين في البنك المركزي الأميركي تصب في اتجاه رفع أسعار الفائدة هذا العام، بجانب صعود الدولار بدعم من آمال في أن ينتعش الاقتصاد الأميركي بعد اقترابه من الركود في الربع الأول من العام الحالي، وهبط السعر عن أعلى مستوى له خلال 15 شهرا (1303.6) ليسجل أمس (الخميس) 1278.4 دولار للأوقية في المعاملات الفورية، و1283 دولارا للأوقية في المعاملات الآجلة.



ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.