قوات الأمن الخاصة السعودية.. «الطلقة» القاتلة في وجه الإرهاب

قائد قوات الأمن الخاصة السعودية لـ «الشرق الأوسط» : لدينا الإمكانية والقدرة على تنفيذ أي مهمة بحرفية عالية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف خلال رعايته تخريج إحدى الدفعات لقوات الأمن الخاصة
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف خلال رعايته تخريج إحدى الدفعات لقوات الأمن الخاصة
TT

قوات الأمن الخاصة السعودية.. «الطلقة» القاتلة في وجه الإرهاب

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف خلال رعايته تخريج إحدى الدفعات لقوات الأمن الخاصة
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف خلال رعايته تخريج إحدى الدفعات لقوات الأمن الخاصة

بصيحاتهم الحماسية المنتشية بحب أرضهم، وصفوفهم الثابتة، ووثباتهم القتالية، كانت قوات الأمن الخاصة السعودية على موعد معتاد في استعراضهم العسكري المهيب، الذي رعاه الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد وزير الداخلية.
رسائل بعثتها قوات الأمن الخاصة من معسكراتهم الكبرى في العاصمة الرياض، عكست جاهزية الأمن السعودي المعتادة في مواجهة المخاطر من ناحية، وبعث رسائل قوية للمتربصين باستقرار المملكة من ناحية ثانية، في استعداد تام لمواجهة كل المخاطر الأمنية، والاستعداد على مدار العام، رغم طبيعة التدريب الصارمة التي يتلقاها أفراد القوات الخاصة.
أكثر من ثلاثين فرضية أداها أفراد وضباط قوات الأمن الخاصة أمام ولي العهد، أول من أمس، أبرزت المنهجية المتطورة في التصدي للإرهاب، تقوم على الأخذ بأسباب القوة ومعطيات العلوم والتقنية وأساليب التدريب والتنسيق المتكاملة من أجل تحقيق تلك الغايات السامية؛ حفاظا على الأفراد والممتلكات.
قوات الأمن الخاصة، أيقونة استثنائية في منظومة القطاعات الأمنية في السعودية، يقترب عمرها من الخمسة والأربعين عاما، وإنجازاتها تعد قوة بحد ذاتها، هي الجبهة الأمنية المعنية بمكافحة الإرهاب، يدعمها العنصر البشري المتميز لياقة وحضورا، فكانت الأساس في مرحلة مواجهة تنظيم القاعدة الإرهابي الذي خسر موقعه وحضوره في البلاد خلال أقل من ثلاثة أعوام، نتيجة العمل الأمني الكبير.. فقدت العشرات من أفرادها «شهداء» للدفاع عن وطنهم، ومهدت التطور والنجاح للحاضر والمستقبل.
تركيز كبير من قوات الأمن الخاصة على أساليب متطورة، وفق فلسفة أمنية تجعلها في موقع القيام بالعمليات الخاصة والسريعة، وربما أحيانا لا يتجاوز نسبة نجاحها أقل من 20 في المائة، لكنها تحقق النجاح الكامل دون خسائر في الأرواح، مؤكدة استعداها لأي تهديد يمكن أن تتعرض له أي من المنشآت والمراكز الحيوية بالبلاد.
وقال اللواء الركن مفلح العتيبي قائد قوات الأمن الخاصة السعودية في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «إن قوات الأمن الخاصة سعت في ظل التوجيهات والدعم غير المحدود من ولي العهد إلى تكامل المدخلات التدريبية أساسا للوصول إلى تدريب ذي كفاءة عالية، ومخرجات أمنية متميزة تواكب التطورات المعاصرة والمتسارعة وتجمع بين العلم والمعرفة والمهارة في مختلف المجالات العسكرية والأمنية التي يحتاج إليها رجل القوات الخاصة، التي تسير وفق خطط وبرامج محددة تستشرف المستقبل وتوظف الإمكانات المادية والبشرية والاستفادة من التقنيات الحديثة، والعمل على تكاملها وفق أعلى المعايير لتحقيق المزيد من الاحترافية القتالية»، مشددا على أن دعم القيادة السعودية دفع بالقوات إلى أن تضاهي وتتفوق على مثيلاتها في دول متقدمة.
ويضيف العتيبي قائلا: «إن التطورات والمتغيرات التي تجتاح عالمنا المعاصر وما أفرزته من تحديات ومستجدات أمنية تتطلب منا مضاعفة الجهود وانتهاج الأساليب الحديثة والمتطورة في التخطيط والتدريب، والتركيز على العنصر البشري تأهيلا وتدريبا ليكون العمل الأمني مواكبا لتطوير العصر وقادرا على مواجهة التحديات والتعامل معها بكفاءة عالية».
ويؤكد قائد قوات الأمن الخاصة، الجاهزية لتنفيذ أي مهام أمنية تكلف بها في أي موقع من أرجاء الوطن، ويقول «إن لديها المقدرة على التعامل مع مختلف الأحداث والأزمات، مهما كان نوعها، بكل كفاءة واقتدار وحرفية عالية في الأداء والتنفيذ؛ دفاعا عن الوطن ومقدساته، وحفاظا على مقدراته ومكتسباته».
ويصف اللواء العتيبي جودة التدريبات التي تتلقاها القوات بـ«ذات المستوى الرفيع»، ويؤكد أن التطبيقات والتمارين تمثل حالة مستمرة للعملية التدريبية لمختلف الوحدات التي تركز على تنمية القدرات والمهارات القتالية لمنسوبيها، بما يتوافق مع مهام وواجبات القوات التي تتمثل في مكافحة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، وحماية الشخصيات المهمة، والقتال في المناطق المبنية، والتعامل مع المتفجرات وكيفية إبطال مفعول العبوات الإرهابية، إلى جانب تنفيذ المهام والعمليات الخاطفة السريعة.
* إنجازات وقفت ضد الإرهاب
إلى التاريخ القديم الراسخ في الذاكرة، ففي عام 2001 كانت قوات الأمن الخاصة مصدر الإشادة الدولية والتهاني للحكومة السعودية، بعد أن قامت تلك القوات في مطار الأمير محمد بن عبد العزيز في المدينة المنورة، بتخليص طائرة روسية من أربعة خاطفين مسلحين، بعد اختطاف الطائرة من مطار إسطنبول التركي، بعد أن هبطت في المطار السعودي طلبا للتزود بالوقود، لكن قوات الأمن الخاصة السعودية حررت الرهائن وخلصت الطائرة من خاطفيها بعد أن قتلت أحدهم.
في تلك الحادثة، سجلت السعودية نفسها بوصفها أسرع عملية أمنية في إنهاء خطف الطائرات، وأشادت وسائل الإعلام الغربية والشرقية بالنجاح السعودي، والقوة الأمنية التي ساهمت بذلك، حينها قال وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله: «إن الحكومة الروسية عرضت عبر سفيرها في الرياض إرسال قوة أمنية لاقتحام الطائرة وتحرير الرهائن، وهو عرض رفضته السعودية»، وأكد الأمير نايف، أن «الحكومة السعودية أبلغت الحكومة الروسية أن القوات السعودية لديها القدرة على إنهاء عملية الاختطاف، وهو ما تم بالفعل، نظير الثقة الحكومية وللعلم بمدى قدرة الفريق الأمني على التعامل بحزم على إنهاء العملية».
من أبرز العمليات الخاصة المتعددة والمختلفة التي شاركت في قوات الأمن الخاصة السعودية، هو نجاحها في تحرير رهائن في عام 2004 أثناء اقتحام مجموعة من الإرهابيين المنتمين إلى تنظيم القاعدة، مجمعا سكنيا في مدينة الخبر شرق السعودية، بعد أن حاصرت المجمع وخلصت عشرات الرهائن من الذبح البارد الذي مارسه أفراد التنظيم هناك، بعد عملية دامت لأكثر من عشرين ساعة، تم خلالها تخليص أكثر من خمسين أسرة والقبض على بعض الإرهابيين ومقتل أحدهم.
وعلى البعد الأمني القوي الذي فرضته السعودية، كانت الإنجازات كبرى وتعطي دلالات ذات مستوى أخاذ، ففي فترة كان يسعى معها «القاعدة» لتهديد أمن السعودية واستقرارها، كانت القوة الأمنية وتضحيات رجال الأمن تحكيها الأرقام، ففي خلال الفترة من 2003 وحتى عام 2006، أحبطت الأجهزة الأمنية أكثر من 250 عملية.
* مواجهة الإرهاب والوقاية منه
وتثبت الخبرة الأمنية السعودية المقدرة على نقل التجارب في مكافحة الإرهاب، والوقاية المجتمعية وفقا لنتاج مسبق أثبتته في خلال ثلاثة أعوام؛ إذ تمكنت من دحر تنظيم القاعدة الذي أضحى غالب عناصره الداخلية في قبضات الأمن، أو تحت أنظار المحكمة، أو في هلاك نظير عملهم، وآخرون استجابوا للدعوات الملكية بتسليم أنفسهم، وعدد من الإجراءات المتنوعة.
ورغم محاولات التنظيمات الإرهابية استهداف أمن المملكة في أحداث أخيرة، إلا أن السعودية تسير بقوة أمنية كبرى لإفشال مخططات كثيرة تختلف في أحيان كثيرة أدواتها وتتفق على منهج إرهابي واحد، حيث أكدت المملكة على لسان الأمير محمد بن نايف، ولي العهد وزير الداخلية «أن هذه الحوادث لن تثني عزائمنا في المواجهة والتصدي بكل حزم لكل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن ومكتسباته».
قوات الأمن الخاصة تحقق الإعجاب العالمي نظير القوة في تجفيف بؤر الإرهاب في عمليات متلاحقة ومستمرة، وفي استخدام التطبيقات المتنوعة في مجال الحماية ومكافحة الإرهاب، وتحقيق إنجازات عالية في القضاء على كافة أشكال محاولات تهديد الاستقرار، مهما علت موجاته أو تجددت، وتظل الأجهزة الأمنية بقطاعات الأمن العام، والمباحث العامة، وحرس الحدود، والدفاع المدني، وقوات الأمن الخاصة، ومديرية السجون؛ ذات وجود مميز في تحقيق الأمن والسلم.
* رعاية وقوة
وتمتاز القوات الخاصة عالية التدريب، بتنوع مدارس التكتيك العسكرية، المجتمعة في العقيدة العسكرية السعودية، محققة الاحترافية في التعامل الأمني مع التنظيمات المتطرفة، وقودها التدريب العسكري النظري والعملي المتطور على المستوى العالمي، في مجالات مختلفة ومشاركة في بسط السلم والأمن الوطني والإقليمي، وشهدت الأعوام الماضية توسعا في تشكيلاتها وأعدادها ومعداتها، وكافة تجهيزاتها الفردية والعسكرية، وارتفاع ملحوظ في التقدم والتصنيف العالمي الساعي نحو السلم.
وحدات قتالية متخصصة من قوات الأمن الخاصة، تمارس تدريباتها في مناطق جبلية وعرة لقتال الإرهابيين في الجبال والمغارات، والظروف الجبلية الصعبة؛ وذلك استمرارا لنهج التطوير وتكثيف التدريب للقوات. وتحقق هذه التدريبات على أرض الواقع نتائج إيجابية كبيرة وتطورا في إمكانات المقاتلين تفوق المتوقع منها، في دورات ذات مهام تتعلق، إضافة إلى مكافحة الإرهاب؛ حماية الشخصيات وتخليص الرهائن ودورات متخصصة في إزالة المتفجرات وتطهير المواقع، والإنزال المظلي، وأمن الطائرات وكذا المطارات، ودورات شاملة في أمن المواقع والممتلكات، مساندة بتخصص دقيق كل الأجهزة الأمنية الأخرى.
وفي حد سيف آخر، تمارس قوات الأمن الخاصة عملياتها المساعدة، في جانب الرعاية المرافق للقوة، مشاركة الأجهزة الحكومية السعودية، في خدمة الحجاج، وتشارك كل عام بفاعلية في المواقع المقدسة كافة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، كإدارة وتنظيم الحشود البشرية بالتجمعات، جنبا إلى جنب مع قوة الحج والعمرة الخاصة، ومع بقية القوات الأمنية الأخرى للعمل على تأمين أعلى درجات الأمن والطمأنينة لخدمة الحجاج.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)