طيران التحالف يستهدف مواقع الميليشيات العسكرية في باب المندب

ردًا على خروقاتها وقصفها لمواقع الجيش الوطني والمقاومة

قوات موالية للحكومة الشرعية تجوب شوارع محافظة لحج  (ا.ف.ب)
قوات موالية للحكومة الشرعية تجوب شوارع محافظة لحج (ا.ف.ب)
TT

طيران التحالف يستهدف مواقع الميليشيات العسكرية في باب المندب

قوات موالية للحكومة الشرعية تجوب شوارع محافظة لحج  (ا.ف.ب)
قوات موالية للحكومة الشرعية تجوب شوارع محافظة لحج (ا.ف.ب)

عاود طيران التحالف غاراته، أمس، على مواقع وتجمعات الميليشيات الانقلابية في محافظة تعز، التي ما زالت مدينتها محاصرة. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن غارات طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية استهدفت مواقع الميليشيات الانقلابية في باب المندب، غرب المدينة، حيث استهدفت الغارات تجمعات وآليات عسكرية تابعة للميليشيات الانقلابية، وذلك ردًا على خروقات الانقلابيين في حشدها للآليات العسكرية، وقصفها مواقع الجيش الوطني والمقاومة، وكذا الأحياء السكنية.
وواصلت الميليشيات الانقلابية حصارها وقصفها المكثف والعنيف لتعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، وذلك من مواقع تمركزها المحيطة بالمدينة، بالإضافة إلى شن هجومها على الوازعية وباب المندب (غرب تعز) وأحياء المدينة (في شرقها). وتصاعدت حدة المعارك بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، وميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح من جهة أخرى، في عدد من الجبهات، بما فيها في الوازعية وذباب، يرافقها حالات القنص للمدنيين الذين بلغ عدد ضحاياهم أكثر من 30 منذ بدء سريان الهدنة.
وقال الناشط الحقوقي والصحافي محمد سعيد الشرعبي، من أبناء تعز، لـ«الشرق الأوسط» إن المعركة في غرب تعز تسير بوتيرة متسارعة منذ أسبوعين، بعد تعليق ضربات طيران التحالف، مضيفا أن «معركة غرب تعز خطيرة جدا كون المقاومة الشعبية ليس لديها أسلحة واستعداد للمواجهات مع ميليشيات الانقلاب التي أعدت عدتها وحشدت قواتها من كل حدب وصوب».
وأكد الشرعبي أن «المواجهات متواصلة في كافة جبهات غرب تعز، وتستخدم ميليشيات الحوثي وصالح الصواريخ والدبابات في محاولة التقدم نحو المناطق الساحلية المطلة على باب المندب، في الوقت ذاته تعمل على التقدم في منطقة الظريقة من أجل التقدم نحو راسن وبني عمر في الحجرية».
ولا تزال الميليشيات الانقلابية تحاول السيطرة على اللواء 35 مدرع في المطار القديم، غرب مدينة تعز، من خلال شن الهجوم على المعسكر، وكذلك على السجن المركزي. ورافق ذلك استمرار الميليشيات في الدفع بتعزيزات عسكرية على جميع مداخل المدينة من الجبهة الغربية، بما فيها باب المندب. ويأتي ذلك بعد عودة المحافظ علي المعمري إلى تعز، قادما من ميدنة عدة الجنوبية التي زار خلالها جبهة حيفان، جنوب المدينة، حيث التقي بعناصر الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
من جهته، كشف المركز اليمني للعدالة والتنمية في تعز، منظمة مجتمع مدني غير حكومية، عن عدد من الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات الانقلابية في محافظة تعز خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي. وقال المركز في تقريره الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن «ضحايا الانتهاكات الموجهة ضد السكان في محافظة تعز خلال شهر أبريل الماضي ارتكبت جميعها من قبل الميليشيات الانقلابية، جماعة الحوثي المسلحة والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، حيث وصل عدد القتلى إلى 36 قتيلا من المدنيين».
وأضاف المركز: «15 قتلوا قبل الهدنة التي أعلن عنها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، و21 قتيل من لحظة سريان الهدنة. أما عدد الجرحى، فوصل إلى 224 جريحا، 100 قبل إعلان الهدنة، 124 أثناء سريان الهدنة، وجميعهم سقطوا جراء القصف العشوائي والقنص وانفجار الألغام التي زرعتها الميليشيات الانقلابية.
في المقابل، طالب عدد من أبناء تعز الرئيس الهادي وحكومته ومحافظ تعز وجميع الجهات ذات العلاقة بشؤون الجرحى، بإنقاذ الجرحى وتوفير متطلباتهم العلاجية. وجاء ذلك خلال وقفة احتجاجية نفذها، أمس، العشرات من أبناء المحافظة، وسط مدينة تعز، التي نظمتها رابطة إعلاميات تعز.
وعلى الجانب الإنساني، وزعت منظمة الإغاثة الإسلامية، من خلال مكتبها في اليمن، 835 سلة غذائية في تعز. واستهدفت المنظمة الأسر الأكثر احتياجًا الموجودة في مناطق الصراع. ومن جهتها، أصدرت هيئة مستشفى الثورة بلاغًا عامًا، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، ذكرت فيه تعطل مولد كهرباء الهيئة، وذلك بسبب الربط العشوائي من المولد.
وقالت في البلاغ إنه «مع استمرار الهيئة تقديم خدماتها الطبية لأبناء المحافظة، مرضى وجرحى، وفي ظل ظروف استثنائية تعيشها المحافظة، نود إبلاغكم بأن المولد الوحيد للمستشفى قد تعطل نتيجةً للحمل الزائد الذي سببه الربط العشوائي للكهرباء من المولد إلى خارج المستشفى، مما أدى إلى توقف كثير من الأجهزة، بما يعنيه ذلك من عرقلة للعمل في المستشفى، وعدم تمكنه من أداء الخدمات الطبية لمرضى وجرحى المحافظة».
ومع استمرار الحصار على جميع منافذ تعز، ونزوح أهالي المدينة إلى القرى والمحافظات الأخرى، ناقش محافظة تعز، علي المعمري، مع نائب وزير التربية والتعليم عبد الله لملس، السبل الكفيلة بترتيب العملية التعليمية والامتحانات في محافظة تعز، وتوفير الإمكانات اللازمة لضمان إجراء الامتحانات في الموعد المحدد ضمن المحافظات والمدن المحررة من ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية.
وأكد المعمري رفض المحافظة للانقلاب، وكل ما يترتب عليه في مختلف المجالات، مؤكدا أن التعليم عصب التنمية والنهوض في كل بلدان العالم، وأن نهوض الوطن مرتبط بإصلاح الاختلالات الحاصلة في النظام التعليمي للبلاد. كما أوضح إلى أن الامتحانات في المحافظة ستسير تحت إدارة وإشراف وزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية، وستحظى بتأمين كامل من لجان أمنية تابعة للجيش الوطني في محافظة تعز.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.