في لبنان...«المتحف الوطني الافتراضي للفن الحديث» يسبق «الواقعي»

عرض 800 قطعة فنية... ومجموعة جورج قرم ضيفة لثلاثة أشهر

لوحة لجورج قرم.. «امرأة بلاعنوان»
لوحة لجورج قرم.. «امرأة بلاعنوان»
TT

في لبنان...«المتحف الوطني الافتراضي للفن الحديث» يسبق «الواقعي»

لوحة لجورج قرم.. «امرأة بلاعنوان»
لوحة لجورج قرم.. «امرأة بلاعنوان»

800 قطعة فنية تشكيلية بين رسم ونحت، بمقدور المبحر على الشبكة الإلكترونية أن يزورها وهو أمام الكومبيوتر، بفضل موقع «المتحف الوطني الافتراضي للفن الحديث» اللبناني الذي تم إطلاقه العام الماضي. وبدءًا من الآن، صار بمقدور الزائر أن يكتشف هذه المجموعة الكبيرة التي تبدأ من قبل عام 1960 حتى يومنا هذا على هاتفه أو على جهاز «آيباد» بفضل التطبيق الخاص الذي وضع لهذه الغاية. كما أصبح الموقع موجودًا باللغة الإسبانية حريصًا على التواصل مع الجالية اللبنانية التي تبلغ الملايين والموجودة في أميركا اللاتينية. وقد أطلقت هذه التحديثات، وغيرها، أمس، بشكل متزامن، من بيروت وبيونس آيرس ولندن وروما وباريس ومدن أخرى حول العالم.
وعقد مؤتمر صحافي في «متحف سرسق» في بيروت، بهذه المناسبة، تحدث خلاله وزير الثقافة ريمون عريجي، شارحًا أن هذا المتحف جاء بعد أن اكتشف، عند توليه مهامه، ثروة تمتلكها الوزارة من مجموعة قيمة من اللوحات والمنحوتات، كانت مهملة ومحفوظة بطريقة غير سليمة. وبدأت على إثرها، جردة علمية وشفافة، ليس فقط للتعداد ولكن لوصف حال الأعمال، وإعادة تأهيل المستودع المركزي وفقا لأعلى المعايير. وانطلق ترميم اللوحات بالتعاون مع جمعية «أبيل» لوضعها في متناول الجمهور في لبنان والاغتراب، عبر استعمال التقنيات الحديثة. وهكذا تم إنشاء الموقع - المتحف، بالتعاون مع جامعة البلمند كلية الألبا.
والحدث الأهم الذي كشف عنه أمس، هو إطلاق موسم المعارض الافتراضية. وتمامًا، كما تفعل المعارض التقليدية.
سوف تخصص غرفة افتراضية لاستضافة مجموعات خاصة وفنانين شباب، بحيث تعرض لمدة ثلاثة أشهر مجموعة خاصة معينة، ومن بعدها ثلاثة أشهر لعرض مجموعة لفنان أو فنانة من الشباب. والهدف بالنسبة إلى المجموعات الخاصة هو إلقاء الضوء على ما يختزنه لبنان من مجموعات فنية قيمة. أما بالنسبة للشباب فهو تحويل الموقع الافتراضي إلى منصة للتعريف بمجموعاتهم تساعدهم على نشر فنهم وإبداعهم. وأول مجموعة خاصة يستضيفها المتحف الافتراضي هي مجموعة الفنان الرائد جورج قرم.
وتكلم خلال المؤتمر ابن الفنان المحتفى به لمدة ثلاثة أشهر، أي الوزير السابق جورج قرم، متحدثًا عن جده ووالده داود وجورج قرم الفنانين التشكيليين ومسيرتهما الفنية، وقد توجه جده إلى روما ووالده إلى باريس لدرس فنون الرسم، لافتا إلى تأثر كل منهما بنمط فن الرسم في المدينة التي تتلمذ فيها، ومشيدا بافتتاح المتحف الافتراضي للرسم لكونه يضع لبنان على الخريطة الفنية العالمية.
ومن غريب الأمور أن يصبح للبنان متحف افتراضي للفن الحديث، قبل أن تبصر البلاد ولادة متحف واقعي يضم أعمال الفنانين اللبنانيين، والثروة التي خلفها أقطاب كبار في المجال التشكيلي، كالفنانين الحاليين الذين بات بعضهم عالميًا، ومطلوبة أعمالهم في كبريات المتاحف.
ويمكن لزائر موقع المتحف، أن يشاهد الأعمال، إما معلقة على الحيطان، كما أي متحف تقليدي، ويتنقل من غرفة إلى أخرى ملاحقًا السهم الذي يساعده في ذلك، أو يطلب مشاهدة الأعمال، لوحة بعد أخرى. كما بمقدور المهتم أن يزور المجموعة الخاصة لجورج قرم، أو يطلب مشاهدة فيلم وثائقي. كما يحث الموقع من يريد تشجيع الفن على المساهمة في الدعم، وثمة صفحة للأرشيف لم تفعل بعد، إضافة إلى أنه بمقدور من يريد أن يفتش عن اللوحة التي يشاء تبعًا لاسمها أو اسم الفنان الذي رسمها. أما إذا قصدت زيارة المجموعة الدائمة، فهي مقسمة زمنيًا تبعًا للسنوات في أربع مجموعات.
للمزيد من المعلومات يمكن الاطلاع على الموقع الإلكتروني للمتحف الافتراضي
www.artmodernemv.gov.lb



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».