تطبيق جديد يسمح بعرض محتوى أرشيفي من «سناب شات»

عذبي لـ «الشرق الأوسط»: «موجز» تطبيق ربحي.. والمحتوى العربي لا يحتاج لأفكار مشابهة

مطور التطبيق عذبي المطيري (الشرق الأوسط)
مطور التطبيق عذبي المطيري (الشرق الأوسط)
TT

تطبيق جديد يسمح بعرض محتوى أرشيفي من «سناب شات»

مطور التطبيق عذبي المطيري (الشرق الأوسط)
مطور التطبيق عذبي المطيري (الشرق الأوسط)

تعد منصة التواصل الاجتماعي «سناب شات»، الأشهر والأكثر استخدامًا في الفترة الأخيرة، وذلك عن طريق عرض اليوميات ومشاركة الأفكار في مقطع فيديو لا يتجاوز عشر ثوانٍ.
مجموعة من الحسابات في «سناب شات»، تعرض محتوى فيديو يستحق المشاهدة مرارًا وتكرارًا، والمؤسف في الأمر اختفاء الفيديو بعد مرور 24 ساعة على مشاركته.
تطبيق موجز «Mojaz» المطروح مؤخرًا على نظام «آي أو إس»، يمكّن المستخدم من عرض محتوى أرشيفي من «سناب شات» من مجموعة حسابات محددة، ترى أن المحتوى الذي تُقدّمه هذه الحسابات يستحق الأرشفة والتوثيق ليطّلع عليه من لم يستطع مشاهدته قبل اختفائه. وقال عذبي المطيري، المؤسس والمشرف على تطبيق «موجز» لـ«الشرق الأوسط»، إن الفكرة أتت في البدء لأرشفة حساب واحد فقط، وهو حساب «مجلس سناب» وهو حساب لمجموعة من الشباب الخليجي الذين قرروا نقل معرفتهم وخبراتهم من خلال تطبيق «سناب شات»، لكن مع مرور الوقت تطورت الفكرة لتتحول إلى تطبيق بدلاً من موقع، مع إضافة حسابات أخرى بعد انتشار «سناب شات» في الخليج، وتحوله إلى شبكة اجتماعية لنقل المعرفة بدلاً من كونه شبكة اجتماعية لتبادل رسائل وصور ذاتية التدمير.
وعن الأهداف المنشودة لتطبيق «موجز»، حول كونه يهدف إلى إثراء المحتوى العربي، أم أنه خطوة مبدئية لتحويل التطبيق لمنتج تجاري، أجاب المطيري قائلاً: «لا أرى تعارضا بين فكرة وجود تطبيق مفيد يثري المحتوى العربي، وبين كونه مشروعا ربحيا عبر تقديمه خدمات تجارية للشركات لتأمين دخل مادي يضمن تطور المنتج وتوسعه، لذلك هو منتج تجاري من اليوم الأول».
تطبيق «موجز» الذي لاقى استحسان المستخدمين، يعرض بعض الأعمال التي صنفت على أنها ليست بتلك الجودة – حسب بعض المستخدمين - ما دعا للتساؤل: هل هناك من ينتقي المحتوى ويقوم بعمل تدقيق، أم أن النشر تلقائي؟ أجاب عذبي: «نحاول قدر الإمكان الحفاظ على جودة عالية للمحتوى، لكن في النهاية مقياس الجودة أمر نسبي ويختلف من شخص لآخر، وفي تطبيق مثل (موجز) يقدم فيه المحتوى مئات الأشخاص لا يمكن التحكم في المعايير، لكن في النهاية الأمر يعود للمشاهدين في مشاهدة ما يعجبهم من المحتوى المتنوع الموجود في التطبيق».
وعن العاملين وطبيعة العمل في تطبيق «موجز»، أوضح مؤسس التطبيق، أن «هناك حاليًا شخصين، مع عدد من المتطوعين الذين يساعدون في متابعة المحتوى»، مشيرًا إلى أن «الخطة المستقبلية تهدف إلى إطلاق النسخة المقبلة من التطبيق خلال أشهر قليلة، حيث سيحتوي التطبيق على مميزات أكثر تساعد في العثور على المحتوى بشكل أسرع، وخدمات تثري تجربة المستخدم وتزيد تفاعله مع الحسابات المختلفة».
وإجابة على سؤال «الشرق الأوسط» عن حاجة المحتوى العربي إلى تطبيقات مشابهة لـ«موجز»، قال المطيري: «لا أظن أن المحتوى العربي يحتاج إلى تطبيقات جديدة بقدر حاجته إلى محتوى».
وأردف المطيري: «تقول الأرقام إن عدد المتحدثين باللغة العربية على الإنترنت يتخطون 4٪ من إجمالي مستخدمي الإنترنت في العالم، بالمقابل المحتوى العربي لا يزيد عن 1٪ من المحتوى الموجود على الإنترنت، لذلك نسبة حجم المحتوى لا تتناسب أبدا مع عددنا على الإنترنت». وكشف المطيري عن عدد مستخدمي «موجز»، حيث وصل إلى نصف مليون حتى اليوم، يستهلكون ما يقارب 40 تيرابايت من البيانات شهريا، مشيرًا إلى أن «الهدف القادم هو تطوير تجربة المستخدم داخل التطبيق وزيادة أدوات التفاعل بين الحسابات والمستخدمين أو بين المستخدمين أنفسهم، كذلك تعزيز انتشار البرنامج بشكل أكبر ليكون المرجع الأساسي للباحثين عن محتوى مفيد وممتع بنفس الوقت».
أما عن ثورة وسائل التواصل الاجتماعي في الخليج العربي تحديدا، والعالم العربي بشكل عام، وطبيعتها في تغيير السلوك وتأثيرها على الطباع والعادات، أكد مؤسس «موجز» أنها غيرت السلوك، موضحًا: «لا يمكنني الجزم بالإيجاب أو السلب، ولو أنني أميل إلى أن إيجابياتها كثيرة جدًا مقارنة بالسلبيات، انفتاح المجتمعات على بعضها البعض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أزال عوائق كانت لا يمكن أن تزول من دونها».
يذكر أن تطبيق «موجز» لا يعرض أي محتوى من أي حساب، ما لم يوافق صاحب الحساب على ذلك، في حين يرحب فريق عمل «موجز» بالحسابات المقترحة من المستخدمين التي يرى المستخدم ضرورة إضافتها لأرشيف التطبيق، ثم يقوم فريق العمل بالتواصل مع صاحب الحساب وإتمام عملية إضافته بعد موافقته.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)