خبير دولي: البرامج المطروحة حاليًا في السعودية ستحقق «الرؤية» بخطى ثابتة

زخور أبرز لـ «الشرق الأوسط» أن التحول للاقتصاد الرقمي والانفتاح على الاستثمار الأجنبي والقطاع الخاص أهم المقومات

خبير دولي: البرامج المطروحة حاليًا في السعودية ستحقق «الرؤية» بخطى ثابتة
TT

خبير دولي: البرامج المطروحة حاليًا في السعودية ستحقق «الرؤية» بخطى ثابتة

خبير دولي: البرامج المطروحة حاليًا في السعودية ستحقق «الرؤية» بخطى ثابتة

تتوافق البرامج التي أطلقها بعض المسؤولين في المالية والتجارة والصناعة والهيئات والمؤسسات، في مؤتمر يوروموني السعودية، الذي اختتم أعماله أمس في الرياض، مع رؤية المملكة 2030. في ظل توافر المقومات والفرص التي ستحفز هذه البرامج للمساهمة بفاعلية في تحقيق الرؤية، بخطى ثابتة وثقة كبيرة، وفق خبير اقتصادي دولي بارز.
وقال الخبير الاقتصادي العالمي في الاقتصاديات الرقمية الحديثة، لطفي زخور، نائب رئيس أول في «بوز ألن هاملتون» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الرؤية السعودية 2030، جاءت مستوعبة لكل مستجدات المرحلة، ومواكبة لحاجة العصر، في ظل انفتاحها على الاستثمار الأجنبي»، مشيرا إلى أن السياسات الاقتصادية مكنت الاقتصاد السعودي من امتصاص الصدمات والتحديات التي تواجه الاقتصادات العالمية، وتبطئ من نموها.
ولفت الخبير إلى أن الجهد الذي كشفه إبراهيم العساف وزير المالية خلال مؤتمر يوروموني السعودية في الرياض أخيرا، من حيث التكيف المالي والتوافق مع المعايير الدولية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، يعبر عن برامج طموحة، ستخلق حالة من التوازن المطلوب بين الإيرادات والنفقات، مع الاستمرار في تعزيز الاستدامة المالية، من خلال تطوير معايير ضبط الإنفاق ورفع كفاءته، والمساهمة في جهود تنويع الإيرادات وتحسين آليات التحصيل.
وأوضح زخور أنه لمس عزيمة قوية، تؤكد حتمية التنفيذ والالتزام بالأهداف التي تتناسب مع متطلبات تحرّك الرؤية لعجلة الاقتصاد والتنمية، مع العمل على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفسح المجال واسعا أمام القطاع الخاص للمشاركة في تحقيق الاستدامة المالية، وفق الإصلاحات المؤسسية التي تدعم التوجهات الحكومية في هذا الإطار، مشيرا إلى أن السعودية تجاوز التحديات التي أفرزها هبوط أسعار الطاقة، متجهة نحو زيادة الصادرات وتعزيز تنافسيتها وجودتها، مع تقوية القطاع المالي والمصرفي من خلال تحقيق التحول للاقتصاد الرقمي بشكل متسارع.
وأكد أن السياسات الاقتصادية السعودية، كانت بمستوى الحدث والتغيرات التي طالت مفاصل الاقتصادات العالمية، وأثرت فيها بشكل بليغ، مبينا أن الخطوات المتسارعة لتنويع الاقتصاد وتوطين الصناعات واعتماد آليات الاقتصاد الرقمي، كلها خطوات تؤكد جدية المملكة في تحقيق الرؤية 2030، بقلب وعقل منفتح، سيعزز قوة النظام المصرفي والشركات وزيادة النشاط الاقتصادي، مشيرا إلى أن تحقيق الاقتصاد لمعدل نمو بلغ 3.4 العام الماضي رغم التحديات التي خلقتها أسواق الطاقة العالمية، مؤشر قوي لقوة سياسات المملكة في هذا الاتجاه.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن تركيز الرؤية 2030 على إشراك القطاع الخاص والانفتاح على قطاعات ريادية جديدة، مع تعزيز القطاعات غير النفطية بشكل عام، سيحقق التنويع الاقتصادي المطلوب، مبينا أن الإصلاحات والإجراءات والبرامج التي أطلقها الدكتور توفيق الربيعة أخيرا، المتمثلة في خدمة التراخيص الإلكترونية مصحوبة بتسهيلات إجرائية أخيرا، مع تطلعات لزيادة عدد تلك المصانع إلى 2000 مصنع خلال العامين المقبلين، تعتبر تسهيلات استثمارية بامتياز تتناغم مع الرؤية 2030.
وفي حديث ذي صلة، أكد زخور أن الرؤية السعودية 2030، تواكب التطلعات بتنفيذ مستحقات عصر الاقتصاد الرقمي، من خلال سياسات مالية واقتصادية واستثمارية وتجارية، وتوفر فرصة كبيرة لزيادة المدفوعات الرقمية بمعدّل ضعفين أو ثلاثة أضعاف ما عليه الحال حاليا، موضحا أن المملكة قطعت شوطا في هذا المجال، مشيرا إلى أن 26 في المائة من مدفوعات التجزئة تسدد رقميا، مشددا على ضرورة التوسع في هذه الخدمة الرقمية من خلال العمل على تطوير خدمات المصارف لمواكبة الاحتياجات المتغيرة للمستهلكين للحفاظ على جدواها.
وتوقع أن السعودية، ستتوسع خلال الفترة المقبلة في مجال الخدمات التقنية، بهدف تعزيز البنية التحتية الحديثة في مجال الدفع الرقمي، مع العمل على بناء مسارات جديدة لإيرادات مستدامة للمصارف، مشددا على ضرورة تبني منهجية استراتيجية في مجال وضع السياسات التنظيمية، بهدف تحقيق الطاقات القصوى للاقتصاد الرقمي، وذلك من خلال مواكبة التركيز الرقمي على سلوك الدفع لدى المستهلك، مع مواجهة التحديات بشكل مستمر.
وقال زخور: «إن تخفيض نسبة الاعتماد على الدفع النقدي ومواجهة التحديات المتنامية المرتبطة بالدفع في قطاع التجزئة، هي عناصر أساسية ينبغي إدراجها في أعلى قائمة الأولويات بالنسبة لمؤسسة النقد العربي السعودي والبنوك بشكل عام، للاستفادة من نتائج استحداث اقتصاد رقمي متكامل، مع إطلاق قوانين وتشريعات للترويج للتجارة الرقمية وتعزيز الابتكار والحماية من الغش عبر شبكة الإنترنت»، مشددا على ضرورة بناء شراكات متينة وصحية لتعزيز التنافسية وقوة السوق، بجانب تعزيز الشراكة مع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».