عريقات: اللقاءات مع إسرائيل انتهت بعد وصولها لطريق مسدود

«المنظمة» تنظر اليوم في قرار بقطع العلاقات الأمنية رسميًا.. والتطبيق سيبدأ تدريجيًا

صحافيون يحاولون الاحتماء من غازات القنابل المسيلة للدموع التي أطلقتها القوات الإسرائيلية خلال مظاهرة لدعم الصحافيين الفلسطينيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة خارج مجمع سجن عوفر أمس  (أ.ف.ب)
صحافيون يحاولون الاحتماء من غازات القنابل المسيلة للدموع التي أطلقتها القوات الإسرائيلية خلال مظاهرة لدعم الصحافيين الفلسطينيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة خارج مجمع سجن عوفر أمس (أ.ف.ب)
TT

عريقات: اللقاءات مع إسرائيل انتهت بعد وصولها لطريق مسدود

صحافيون يحاولون الاحتماء من غازات القنابل المسيلة للدموع التي أطلقتها القوات الإسرائيلية خلال مظاهرة لدعم الصحافيين الفلسطينيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة خارج مجمع سجن عوفر أمس  (أ.ف.ب)
صحافيون يحاولون الاحتماء من غازات القنابل المسيلة للدموع التي أطلقتها القوات الإسرائيلية خلال مظاهرة لدعم الصحافيين الفلسطينيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة خارج مجمع سجن عوفر أمس (أ.ف.ب)

أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات أمس، انتهاء اللقاءات الثنائية مع الجانب الإسرائيلي دون أي اتفاق، قائلا إن الفلسطينيين تسلموا جوابا واضحا من الإسرائيليين بعدم الالتزام بالاتفاقيات، في إشارة إلى رفض التوقف عن اقتحام المناطق الفلسطينية التي تقع تحت سيطرة السلطة، والإصرار على حرية العمل في تلك المناطق. وقال عريقات إن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ستقرر (اليوم الأربعاء) طبيعة الرد على الموقف الإسرائيلي.
وكانت السلطة دخلت في مفاوضات أمنية مع إسرائيل قبل نحو شهرين حول احترام الولاية الأمنية والإدارية للسلطة الفلسطينية في المنطقة «A» التي تضم المدن الفلسطينية الكبرى. وعقد الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي عدة اجتماعات، بدأت بطلب فلسطيني، لإبلاغ إسرائيل نية السلطة التحلل من الاتفاقات الأمنية بما في ذلك التنسيق الأمني وفق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني الذي نصت على إعادة تعريف العلاقة مع إسرائيل إذا لم تلتزم بالاتفاقات السابقة وتعترف بولاية السلطة السياسية والأمنية على المناطق الفلسطينية، وتتوقف عن اقتحامها.
وأثناء عدة لقاءات، ماطلت إسرائيل في إعطاء رد واضح، وحاولت جر الفلسطينيين إلى مربع مفاوضات جديد، واقترحت أن يوقف الجيش الإسرائيلي عملياته أولا في مدينتي رام الله وأريحا فيما عدا العمليات التي تتعلق بـ«القنابل الموقوتة»، (ناشطون تعتقد إسرائيل أنهم يشكلون خطرا)، على أن تنتقل إلى مدن أخرى إذا نجحت التجربة، لكن الفلسطينيون رفضوا هذا الاقتراح وطالبوا بأن يخرج الجيش من كل المُدن الفلسطينية كما ينص عليه اتفاق أوسلو ووفق الاتفاقات السابقة، قبل أن يصدر الكابنيت (المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر) بيانا جاء فيه: «أوضح رئيس الحكومة، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان أن الجيش الإسرائيلي يحتفظ بحق الدخول إلى المناطق (أ) وإلى أي مكان يتطلب الدخول إليه لأداء مهام قتالية. ليس هناك أي اتفاق آخر مع الفلسطينيين».
ولم يتوقف الجيش الإسرائيلي أثناء المفاوضات عن اقتحام المناطق الفلسطينية، ولم يخفف ذلك. وأمس فقط اقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة نابلس شمال الضفة وفجر منزل يعود لزيد عامر المتهم في إسرائيل بالمشاركة في عملية أسفرت عن مقتل المستوطن الإسرائيلي ايتام هانكين وزوجته في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وجاءت عملية الهدم في تحد جديد للسلطة التي يفترض أن تكون مسؤولة عن نابلس أمنيا وإداريا كذلك، وبعد قرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتسريع عمليات هدم منازل منفذي الهجمات، ردا على حملات تشكيكية بجدوى الهدم وضحاياه وإجراءات قانونية للحد منه.
وفوق ذلك، اعتقل الجيش الإسرائيلي 19 فلسطينيا على الأقل من مدن الضفة الغربية فجر الأمس.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الرسائل الإسرائيلية واضحة في هذا المجال منذ بدء المفاوضات الأمنية وحتى آخر لحظة. وأضافت: «منظمة التحرير ستصادق على التوصيات بقطع العلاقة الأمنية مع إسرائيل فورا». لكن المصادر تعتقد أن التطبيق سيبدأ بشكل متدرج.
وأضافت المصادر: «البداية هي الإعلان عن وقف اللقاءات الثنائية، وسيتبعه وقف أي لقاءات أمنية، ثم وقف التعاون الأمني».
وأكدت المصادر أن السلطة تنطلق من قناعة قوية بأن مواصلة تطبيق التزاماتها في الوقت الذي ترفض فيه إسرائيل تطبيق ما عليها ورفضها كذلك المبادرة الفرنسية، يعني أن السلطة توافق على الأمر الواقع كونها سلطة بلا سلطة أمنية أو إدارية وستصبح مهمتها شرطيا عند إسرائيل، وهو الأمر الذي يرفضه الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يؤمن بأن السلطة وجدت بهدف نقل الفلسطينيين إلى الدولة.
وكانت إسرائيل أعلنت قبل يومين فقط رفضها المبادرة الفرنسية، في ضربة جديدة للجهود الدولية والفلسطينية.
وهاجمت الحكومة الفلسطينية أمس، ما وصفتها بأنها «محاولات الحكومة الإسرائيلية لإجهاض المبادرة الفرنسية»، وقالت إن ذلك «يشير إلى أنها مصممة على إفشال أي مبادرة، أو جهود دولية تعوقها عن الاستمرار في ترسيخ احتلالها، ومواصلة مخططاتها الهادفة إلى إحكام مشروعها الاستيطاني الاستعماري في الضفة الغربية، واستكمال تهويد وضم مدينة القدس، ومواصلة السيطرة على اقتصادنا، ونهب مقدراتنا، ومواردنا الطبيعية، والتحكم في كل مجريات حياتنا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.