متحف مكي يجسد السيرة المحمدية والإسلام في ثوبه القشيب

الزهراني: ألف زائر يوميًا يطلعون على أنواع أثاث ولباس الرسول الكريم

الزهراني يقدم للزوار شرحًا عن طريق الهجرة النبوية
الزهراني يقدم للزوار شرحًا عن طريق الهجرة النبوية
TT

متحف مكي يجسد السيرة المحمدية والإسلام في ثوبه القشيب

الزهراني يقدم للزوار شرحًا عن طريق الهجرة النبوية
الزهراني يقدم للزوار شرحًا عن طريق الهجرة النبوية

يعد «متحف السلام عليك أيها النبي» في مكة المكرمة، إحدى الواجهات الحضارية الإنسانية التي تقدمها السعودية للعالم أجمع، ضمن مشروع عالمي، يراعي المراحل التي مر بها الدين الإسلامي.
وأكد الدكتور ناصر الزهراني المشرف العام على المتحف لـ«الشرق الأوسط»، أن المتحف عمل يلبي النظرة الطموحة لدى القيادة السعودية في مسيرة «رؤية المملكة 2030»، ويظهر دور السعودية في العناية بالكتاب والسنة والمنهج الوسطي، والإسهام في محبة نبي الرحمة وتقديم الإسلام في ثوبه القشيب وسمته السامية كرسالة حضارية تدعو للحب والسلام والرفق والتسامح ونبذ الكراهية والعنف والغلو بجميع أشكاله.
وأوضح أن المتحف، يعتبر الأول عالميًا، ويقوم على التعريف الشامل بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام وتقريب حياته للناس بأحدث الوسائل العصرية، وحظي بزيارة الملك سلمان بن عبد العزيز أثناء الاحتفالية الكبرى التي أقامها أهالي منطقة مكة المكرمة العام الماضي بمناسبة توليه مقاليد الحكم في البلاد.
وقال الزهراني: «مشروع (السلام عليك أيها النبي)، يعتمد على أحدث التقنيات في تقديم صورة علمية حضارية عن أخلاق الرسول وآدابه وشريعته السمحة وعرض الدين الإسلامي وما يتميز به من محبة ومودة وتسامح وجمال وجلال، ويحتوي على أكثر من 20 قاعة تضم مجسمات وخرائط وأطالس لمكة المكرمة والمدينة المنورة في زمن الرسول الكريم، وتوضيح لطريق الهجرة النبوية الشريفة وطريق حجة الوداع ومصنوعات ووسائل تعليمية لأنواع الأثاث والمقتنيات واللباس والسلاح، كما ورد في السنة الشريفة، إضافة لوسائل توضح أنواع الطعام النبوي والحديقة المحمدية والدولة النبوية وشمائل الرسول وتربيته وتعليمه واهتمامه بحقوق الإنسان وعنايته بالمرأة والطفل والكون والبيئة وذكريات الأماكن التي مر بها».
وتحول المتحف، لوجهة لزوار البيت الحرام ليتعرفوا على عظمة الإسلام وكريم فضائل نبي الرحمة، حيث يستقبل يوميًا ما لا يقل عن 1000 زائر خصوصًا في أوقات المواسم من جميع الجنسيات، ويحظى بعناية فائقة واهتمام لافتين من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، مشيرًا إلى أن عددًا كبيرًا من علماء العالم الإسلامي عبروا عن سعادتهم بالمتحف، كما سطرت أكثر من ألف شخصية من رؤساء ووزراء وكبار الشخصيات حول العالم مشاعرها تجاه المشروع في سجل الزيارات.
ولفت إلى أن هناك طلبات من أكثر من 30 دولة لإقامة فروع للمتحف على أراضيها، ويدرس المتحف ذلك بالتنسيق مع سفارات المملكة في الخارج، مشددًا على أن المتحف يمثل دعوة علمية عملية لحب الرسول واتباع سنته وتقريب هديه الشريف للناس والتحذير من الأفكار الضالة والتطرف والإرهاب وبيان أن الإسلام دين رحمة ومحبة ووسطية.
ويضم مشروع «السلام عليك أيها النبي»، مركز الحكمة والحوار العالمي للتدريب، والموسوعة الأضخم في التاريخ عن الرسول الكريم، ومعارض، ومتاحف دينية متنقلة ومكتبة عالمية، كما يستعرض قسمًا خاصًا منه جهود السعودية في خدمة الكتاب الكريم والسنة الشريفة منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».