العراقيون يسخرون من اهتمام العبادي والجبوري بـ«كنبة» رئيس البرلمان

هدوء سياسي في شوارع بغداد بعد 3 أيام عصيبة

الجبوري يعاين «الكنبة» التي أثارت الجدل («الشرق الأوسط»)
الجبوري يعاين «الكنبة» التي أثارت الجدل («الشرق الأوسط»)
TT

العراقيون يسخرون من اهتمام العبادي والجبوري بـ«كنبة» رئيس البرلمان

الجبوري يعاين «الكنبة» التي أثارت الجدل («الشرق الأوسط»)
الجبوري يعاين «الكنبة» التي أثارت الجدل («الشرق الأوسط»)

أثارت صور نشرتها مواقع رئاسة الوزراء والبرلمان خلال تفقد العبادي قبل أيام، والجبوري أول من أمس، مبنى مجلس النواب ومعاينة الخراب الذي حصل نتيجة الهجوم عليه من قبل المتظاهرين، خصوصا تلك الصور التي تعرض وقوف العبادي ومن ثم الجبوري أمام كنبة بيضاء في مكتب الجبوري وقد تلوثت بالدم أو بطلاء أحمر، واهتمام كل من رئيس الحكومة ورئيس البرلمان بهذه الكنبة، سجالات وتعليقات كثيرة تداولها العراقيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بسبب «اهتمام العبادي والجبوري بأثاث المجلس، وتلك الكنبة البيضاء أكثر من اهتمامهما بمطالب المتظاهرين، أو محاولة اللقاء مع ممثلين عنهم للوقوف على مطالبهم».
وقالت الكاتبة والناشطة المدنية العراقية في تعليقها على اهتمام المسؤولين بأثاث البرلمان «أحيل الوقوف الحزين لكبار رجالات الدولة ومرافقيهم أمام كنبة البرلمان إلى ذوي شهداء تفجيرات السماوة. حدثان تزامنا يوم (أول من) أمس»، في إشارة منها إلى التفجيرين المزدوجين بمدينة السماوة، جنوب العراق، اللذين راح ضحيتهما أكثر من 150 قتيلا وجريحا، وعدم تسليط الضوء على هذا الحادث.
ومن جهة أخرى، تعيش العاصمة العراقية هدوءا نسبيا بعد أن انشغلت وهاجت الأحداث فيها على مدى الأيام الثلاث الماضية، بسبب المظاهرات الجماهيرية التي توجت بقيام المتظاهرين من أتباع التيار الصدري والتيار المدني الديمقراطي باجتياح المنطقة الخضراء المحصنة، واحتلال مبنى مجلس النواب العراقي، وهو الهدوء الذي قد يسبق عاصفة عودة المتظاهرين الذين هددوا وعلى لسان قيادات في التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، بالعودة بصورة أقوى، والمطالبة بتغيير الرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) أو احتلال مكاتب هذه الرئاسات في حال عدم التصويت على كابينة وزرائها من التكنوقراط.
على مستوى آخر، يعم العراق هدوء سياسي حذر للغاية، إذ إن الغالبية العظمى من النواب والوزراء تركوا بغداد بعد واقعة احتلال البرلمان من قبل المتظاهرين وتوجهوا إلى إقليم كردستان والأردن ودبي وبيروت وتركيا وأوروبا، «كل حسب مرجعيته السياسية»، بحسب البرلماني عن ائتلاف الوطنية حامد المطلك، الذي قال: «أنا باق في بغداد ولم أتركها مهما حصل».
ولوحظ أن بغداد شبه خالية من السياسيين، باستثناء حيدر العبادي رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة، وسليم الجبوري رئيس البرلمان، وبخاصة البرلمانيين الذين تمتعوا بالإجازة الرسمية لمدة شهرين، بدأت بمستهل هذا الشهر وتنتهي في الأول من يوليو (تموز)، كما أن زعيم التيار الصدري كان قد أعلن عن اعتكافه شهرين تزامنا مع عطلة البرلمانيين، ولا أحد يدري كيف سيتم التصويت على الكابينة الجديدة في ظل هذه الأوضاع، خصوصا أن الكتلة الكردستانية التي تضم جميع النواب الأكراد قررت مقاطعة جلسات مجلس النواب بعد تعرض نوابهم للملاحقة من قبل المتظاهرين في واقعة احتلال البرلمان.
وقال المطلك، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعرف من سيصوت للكابينة، فالنواب المعتصمون، وأنا من ضمنهم، قاطعوا جلسات البرلمان ما لم يتم انتخاب هيئة رئاسية جديدة لمجلس النواب، والأكراد غادروا إقليم كردستان، وهناك من يؤكد عدم حضور الجلسات إذا ترأسها سليم الجبوري، لذا علينا أن ننتظر لنرى ما سيحدث بعد نهاية مراسم زيارة الإمام الكاظم». وقد حاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بعدد من قيادات الكتل السياسية والبرلمانية، إلا أن (رنات) هواتفهم أكدت أنهم خارج العراق ولم يزعجوا أنفسهم بالرد على الاتصالات.



جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
TT

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)

فضَّل شاب يمني أن يتعرض للضرب والاعتداء من أفراد نقطة تفتيش حوثية على مشارف العاصمة المختطفة صنعاء على أن يسلم الأدوية التي يحملها معه، بعد أن دفع لأجل الحصول عليها أموالاً كثيرة، واضطر للسفر إلى مدينة عدن لتسلمها بنفسه من أحد معارفه القادمين من خارج البلاد.

وبحسب رواية أحد المسافرين بسيارة أجرة من عدن إلى صنعاء خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الشاب الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة (غرب) بدا متوتراً للغاية عند توقف السيارة في نقطة التفتيش، وعندما وصل أفراد النقطة إليه لجأ إلى توسلهم وإخبارهم أن الأدوية تخص والدته الطاعنة في السن، ولا يمكنه توفير بديل عنها.

ومما قاله الشاب إنه سبق له دفع ثمن الأدوية ليجلبها له أحد المسافرين من خارج البلاد، لكن تمت مصادرتها بالطريقة نفسها، وعندما عجز عن إقناع أفراد نقطة التفتيش؛ احتضن الكيس بكل قوته، لينهالوا عليه بالضرب قبل أن يحتجزوه لديهم، وطلبوا من سائق السيارة والمسافرين الانطلاق وعدم التدخل.

وتشير هذه القصة إلى ما يشهده سوق الدواء في اليمن، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ندرة واختفاء عدد من أصناف الأدوية المهمة للأمراض الخطيرة والمزمنة، في وضع صحي يزداد كارثية، إلى جانب تشديد الجماعة الحوثية للجبايات في نقاط التفتيش بزعم تحصيل الإيرادات الجمركية.

الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

ويشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.

ويقول أحد الناشطين المتعاونين مع منظمة دولية مختصة بحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.

ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.

جبايات بلا سندات

تعتمد الجماعة الحوثية على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيراداتها الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.

ويذكر محمد العزب، من أهالي مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أنه، ولعدة مرات، تعرض لتفتيش المواد الغذائية التي ينقلها معه إلى أقاربه في صنعاء، واضطر لدفع مبالغ مالية مقابل السماح له بالعبور بها، رغم أن كمياتها محدودة وليست تجارية.

عناصر حوثيون يغلقون مقرات شركات الأدوية التي تتعرض لتعسفات الجماعة (إعلام حوثي)

وكان العزب ينقل معه خلال سفره إلى صنعاء بعضاً من فائض السلال الغذائية التي تتحصل عليها عائلته في تعز كمساعدات من المنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى أقاربه في صنعاء، الذين يعانون من الفاقة بسبب انقطاع رواتب الموظفين واتساع رقعة البطالة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وتشير غالبية شكاوى المسافرين إلى مساعٍ حوثية لمصادرة الأدوية التي يحملها المسافرون للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم، خصوصاً مع أزمة الأدوية التي تشهدها مناطق سيطرة الجماعة، وارتفاع أسعارها الذي يتسبب بعجز الكثيرين عن شرائها.

وأبدى الكثير من المسافرين، سواء للعلاج أو لأغراض أخرى، استياءهم الشديد من ممارسات نقاط التفتيش الحوثية بحقهم، وإجبارهم على الإفصاح عن كل ما يحملونه من أدوية، سواء كانت للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم ومعارفهم.

ويوضح نبيل، وهو من سكان صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه ووالده اضطرا إلى تبرير وجود الأدوية التي بحوزتهما بعد رحلة علاجية طويلة خارج البلاد، أجريا خلالها عدة عمليات جراحية، ولم يُسمح بالمرور بتلك الأدوية إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير.

أدوية الأطفال في اليمن تشهد نقصاً شديداً في ظل أزمة معيشية معقدة يعيشها السكان (أ.ف.ب)

واستغرب نبيل من أنه لم يسمح لهما بحمل سند تحصيل المبلغ، وبعد إلحاحهما من أجل الحصول عليه، اشترط عليهما أفراد النقطة تصويره بالهاتف فقط، وفوجئا حينها أن السند تضمن نصف المبلغ الذي اضطرا لدفعه، وليس المبلغ كاملاً.

غلاء وتزوير

لم تتمكن شركات صناعة الأدوية المحلية في اليمن من تغطية الاحتياجات المتزايدة للأدوية والنقص الحاصل في السوق المحلية، نتيجة سيطرة الجماعة الحوثية على غالبيتها، أو فرض الجبايات عليها، إلى جانب القيود المفروضة على استيراد المواد الخام.

وينوه جهاد، وهو صيدلي يعمل في أحد المستشفيات في صنعاء، إلى أن سوق الأدوية في العاصمة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية تشهد انتشار أدوية بديلة للأدوية الشهيرة والمعروفة لمختلف الأمراض، خصوصاً المزمنة منها، وأن الأدوية البديلة ليست بفاعلية وكفاءة الأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المهربة.

وتنتشر في الأسواق المحلية كميات كبيرة من الأدوية المهربة التي لا يعلم حقيقة مصدرها، والمواد المصنعة منها، كما وتنتشر الأدوية المقلدة والمزورة في ظل الرقابة الحوثية التي تُتهم بالتواطؤ والفساد.

الجماعة الحوثية تزعم باستمرار إتلاف أطنان من الأدوية المهربة (إعلام حوثي)

وحذر من الانعكاسات السلبية التي تقع على المرضى بسبب الأدوية البديلة، إلى جانب عدم كفاءتها في حماية المرضى من تدهور صحتهم.

ومنذ أيام مرت الذكرى الثانية لوفاة 10 أطفال في وحدة علاج السرطان بمستشفى الكويت في صنعاء، إثر حقنهم بأدوية «منتهية الصلاحية»، التي تبين مسؤولية قادة حوثيين عنها، دون أن يتخذ القضاء الذي تديره الجماعة أي إجراءات ضدهم.

وطبقاً لشهادات طبية متعددة حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن الأدوية التي يعاني المرضى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من نقصها تتمثل في أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكر والصرع والغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وأدوية الأطفال، وفيتامين (د).

وحذرت مصادر طبية من أن الكثير من الأدوية المتوافرة ستشهد أسعارها ارتفاعاً جديداً يصل إلى 50 في المائة من أسعارها الحالية، وقد تزيد تلك الزيادة على هذه النسبة لكون الكثير من الصيدليات تبيعها حالياً بأسعار أعلى من أسعارها المتعارف عليها نتيجة غياب الرقابة، أو اضطرار الكثير من تجار الأدوية لزيادة الأسعار بسبب الجبايات المفروضة عليهم.