السعودية: وزراء «المالية» و«التجارة» و«العمل» يناقشون «رؤية 2030» بمؤتمر «يوروموني»

انطلاق المؤتمر المالي الأكبر في الرياض اليوم بمشاركة عالمية واسعة

محمد خربوش مدير مؤتمر «يوروموني السعودية 2016»
محمد خربوش مدير مؤتمر «يوروموني السعودية 2016»
TT

السعودية: وزراء «المالية» و«التجارة» و«العمل» يناقشون «رؤية 2030» بمؤتمر «يوروموني»

محمد خربوش مدير مؤتمر «يوروموني السعودية 2016»
محمد خربوش مدير مؤتمر «يوروموني السعودية 2016»

يتناول وزراء المالية والتجارة والصناعة والعمل في السعودية، اليوم في مؤتمر «يوروموني السعودية 2016» في العاصمة الرياض، خططهم ضمن إطار الرؤية السعودية 2030. وسبل تنويع الاقتصاد، مع إجراءات إصلاحية تتعلق بمختلف القطاعات، بالإضافة إلى التعديلات على أنظمة الإقامة والتشريعات، بجانب المواضيع المتعلقة بالأوراق المالية والسوق المالية السعودية، ومناخ الاستثمار الدولي، وفرص إدارة الأصول خلال الفترة المقبلة.
وقال محمد خربوش، مدير مؤتمر يوروموني السعودية 2016 لـ«الشرق الأوسط»: «تأتي نسخة المؤتمر في وقت نشهد فيه اهتماما عالميا كبيرا بما تتخذه المملكة من خطوات إصلاحية هامة، وقد كان آخرها الإعلان عن رؤية السعودية 2030، قبل فترة وجيزة في أبريل (نيسان)، حيث يسلّط المؤتمر الضوء على آخر تطورات ومستجدات الساحة الاقتصادية في المملكة».
وأوضح خربوش أن خطة التحول الاقتصادي للسعودية، تعد الأكثر شمولا في تاريخ المملكة، مبينا أنها تشرك الكثير من أصحاب القرار في مختلف القطاعات، متوقعا أن لها انعكاسات مهمة على المستويين المحلي والعالمي، مشيرا إلى أن هذا ما يدفع الكثير من كبار الشخصيات لحضور هذا المؤتمر والمشاركة فيه، مؤكدا أن نسخة هذا العام تتمتع بأهمية خاصة.
وفيما يتعلق بالقضايا الرئيسية التي سيناقشها المؤتمر، أوضح خربوش، أن هناك مجموعة من أبرز الشخصيات القيادية في السعودية، من بينها الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية السعودي، والدكتور مفرج الحقباني، وزير العمل السعودي، والدكتور توفيق الربيعة، وزير التجارة والصناعة السعودي، سيتناولون اليوم الحديث حول خطط العمل، التي ستنفذها وزاراتهم ضمن إطار رؤية السعودية 2030.
ووفق مدير مؤتمر يوروموني، فإن خطط تنويع الاقتصاد ستتضمن إجراءات إصلاحية تتعلق بقطاعات الطاقة المتجددة، والسياحة، والصناعة، والقطاع العسكري، إضافة إلى التعديلات على أنظمة الإقامة والتشريعات، حيث لن تنحصر الموضوعات النقاشية في مؤتمر «يوروموني السعودية 2016» حول أبعاد «رؤية المملكة 2030»، بل ستناقش أيضا المواضيع المتعلقة بالأوراق المالية والسوق المالية السعودية، ومناخ الاستثمار الدولي، وفرص إدارة الأصول خلال الفترة المقبلة.
ويستضيف المؤتمر يوم غد، خبير الاستثمار العالمي الدكتور مارك موبيوس في حوار خاص مع يوروموني. ويعد الدكتور موبيوس إحدى الشخصيات المتمرسة في مجال الاستثمار في الأسواق الناشئة، كما أنه أحد أوائل المستثمرين في الأسواق الناشئة.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي السعودي حاليا من حيث النمو والتحديات التي تواجهه، أكد خربوش أن الانخفاض المستمر في أسعار الطاقة منذ 2015 وحتى الوقت الحالي يمثل عقبة كبيرة أمام الاقتصاد السعودي، نظرًا للاعتماد بشكل رئيسي على قطاع النفط؛ فقد تم إقرار موازنة 2016 بعجز قدره 87 مليار دولار، مشيرًا إلى أنه في ظل هذا الوضع، مثلت إيرادات النفط نحو 73 في المائة من إجمالي الإيرادات خلال عام 2015، مبينا أن السعودية تحتاج لخلق المزيد من فرص العمل، وبناء المساكن بأسعار في متناول الأفراد ودعم عدد من البنى التحتية الأساسية والعامة ومشاريع الأشغال العامة، الأمر الذي يتطلب استثمار رؤوس الأموال.
ورغم كل هذه التحديات، فإن السعودية لا تزال الدولة ذات الاقتصاد الأكثر أهمية في المنطقة، مبينا أن قيادة المملكة تتمتع برؤية حكيمة، وهي على بيّنة من هذه القضايا وتواصل اتخاذ خطوات جريئة للتعامل معها، حسب مدير مؤتمر يوروموني.
أما برنامج التحول الوطني، وفق خربوش، فإنه يمثل نهجا شاملا ومرجعيًا للكثير من المؤسسات يهدف إلى زيادة الإيرادات غير النفطية وترشيد الإنفاق، مشيرا إلى أن السعودية أثبتت أن لديها الاحتياطات المالية الكافية ومصادر المعرفة اللازمة لتنفيذ خططها بشكل فعال.
وفيما يتعلق بالبرنامج الوطني ومرحلة ما بعد النفط وأهميته وأبعاده الاستراتيجية وانعكاساته على التنمية المستدامة وتفادي مخاطر انخفاض أسعار البترول، يعتقد خربوش أن أفضل ما في خطة البرنامج الوطني هي أنها «مُعدّة وفقًا لافتراض الانخفاض المستمر في أسعار النفط».
وأوضح خربوش أن الخطة تهدف إلى إحداث التحول المنشود من خلال تنويع الاقتصاد وتعزيز دور الاستثمارات كمصدر للإيرادات، مبينا أن ذلك «يعد ممكنًا للغاية، في ظل إنشاء صندوق جديد لإدارة الثروة وتنويع الاستثمار، وعدم الاعتماد على إيرادات النفط، ما يؤكد أن الاقتصاد السعودي سيتمتع بتنمية مستدامة، دون النظر إلى أحوال أسعار النفط؛ وما إن كانت ستواصل انخفاضها أو تعاود الارتفاع».
وأضاف خربوش أن الخطة الاقتصادية التي تستهدف التنويع الاقتصادي وتوطين الصناعة وزيادة الإنتاج وزيادة الصادر السعودي، ستنعكس إيجابا على محاربة البطالة وتفادي مخاطر انخفاض أسعار الطاقة، متوقعا أن تحدث الخطة الاقتصادية، تحولات هامة في عدد من القطاعات الرئيسية، مشيرا إلى أنها ستعمل على زيادة حجم الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة والتعدين، والذي يمكن أن يشكل رافدا رئيسيا للاقتصاد.
كما توقع أن تساهم هذه الخطة، في الارتقاء بالقطاعات السياحية والعسكرية. كما أن التعديلات على أنظمة التأشيرات والإقامة، ومشروع برنامج «الغرين كارد» أو «البطاقة الخضراء السعودية»، سيمكن العمالة الوافدة من إبقاء أموالهم داخل المملكة على المدى الطويل وسيمكنهم من تملك العقارات والقيام بالأنشطة التجارية والصناعية والخدمية.
وقال خربوش إن «جميع هذه التغييرات ستساهم في خلق فرص عمل جديدة، وتوفير فرص مهنية للشباب السعودي في مجالات جديدة، في ظل توقعات بزيادة حجم الوظائف التي سيوفرها للشباب والعائد المتوقع من الناتج الإجمالي المحلي في عام اكتمال تنفيذ برنامج مرحلة ما بعد النفط، كنتاج طبيعي للأثر الإجمالي لرؤية السعودية 2030».
وتوقع أن تزيد «الرؤية السعودية 2030» الناتج المحلي الإجمالي للمملكة وتسهم في إعادة التوازن لاقتصادها، وخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين، مع توفير الفرص أمام الشركات السعودية للنمو والتطور على المستوى الدولي، نتيجة للإجراءات الإصلاحية، ما من شأنه أن يساهم في تحقيق النمو والتنمية وتوفير حياة أفضل لأفراد المجتمع السعودي.



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.