هربًا من «داعش».. عائلات ليبية تلجأ إلى الطرق الصحراوية

الجيش يتجه لطرد التنظيم المتطرف من سرت.. وفتح الطريق الساحلي بين الغرب والشرق

أحد عناصر «داعش سرت» يلقي خطبة الجمعة في «مسجد الرباط» بالمدينة («الشرق الأوسط»)
أحد عناصر «داعش سرت» يلقي خطبة الجمعة في «مسجد الرباط» بالمدينة («الشرق الأوسط»)
TT

هربًا من «داعش».. عائلات ليبية تلجأ إلى الطرق الصحراوية

أحد عناصر «داعش سرت» يلقي خطبة الجمعة في «مسجد الرباط» بالمدينة («الشرق الأوسط»)
أحد عناصر «داعش سرت» يلقي خطبة الجمعة في «مسجد الرباط» بالمدينة («الشرق الأوسط»)

في وقت يستعد فيه الجيش الوطني الليبي، بقيادة الفريق أول خليفة حفتر، لطرد تنظيم داعش من سرت وفتح الطريق الساحلي بين غرب البلاد وشرقها، لجأت عائلات ليبية للدروب الصحراوية للتواصل بين شطري الدولة هربًا من التنظيم الذي يسيطر، منذ صيف العام الماضي، على المدينة الواقعة في الشمال الأوسط من ليبيا، بما فيها الطريق الرئيسي بين أكبر مدينتين وهما طرابلس العاصمة غربًا، وبنغازي في الشرق.
ومن بين مئات المآسي التي تتردد بين الليبيين الذين كانوا يسعون للانتقال بين غرب البلاد وشرقها، تبقى حكاية مهندس البترول في شركة النفط الليبية، عبد الله، واحدة من القصص التي تعبر عن الحظ العاثر لمن تقطعت بهم السُّبُل في دولة تنتشر فيها التنظيمات المتطرفة.
ويقول مبروك سلطان، الأستاذ الأكاديمي في جامعة بنغازي، لـ«الشرق الأوسط» إن العبور بين جانبي ليبيا عن طريق سرت «أصبح محفوفا بالمخاطر.. بعض الناس يضطرون لارتداء ملابس سوداء»، حتى لا يثيروا غضب «داعش»، مشيرا إلى أن «الطريق الساحلي المار من سرت لم يغلق، لكن كل من يدخل منه يتعرض للتفتيش من تنظيم داعش، وإذا كان من الشرطة أو الجيش فيتم حجزه واختطافه».
ويضيف أن «الطرق الالتفافية التي أصبح يلجأ إليها كثير من العابرين بين جانبي البلاد، تزيد عن الطريق العادي من سرت بنحو 600 كيلومتر. من يتكبد هذه المشقة يبحث عن سلامته».
ويقدر عدد النازحين الليبيين في داخل البلاد، واللاجئين خارجها، بنحو مليونين، في دولة نفطية شاسعة المساحة ولا يزيد عدد سكانها على نحو ستة ملايين نسمة. ومنذ خمس سنوات يعاني معظم الليبيين من غياب الأمن وتأخر الرواتب ومن شكوك في قدرة الفرقاء السياسيين على إنهاء الخلافات فيما بينهم، إلا أن السفر بين المدن بات من الكوابيس المزعجة.
أدت الفوضى إلى تفرق ألوف العائلات والأسر بعضها عن بعض، خصوصا تلك التي تعيش في مدن يسيطر عليها «داعش» أو يسيطر على الطرق الرئيسية في البلاد، بما فيها طريق سرت الواصل بين الشرق والغرب، وطريق سبها بين الجنوب والشمال. تمكن «داعش» من سرقة شاحنات طعام ومؤن كانت تمر عبر الطريق الساحلي الشمالي، وطريق سبها الجنوبي، وإعادة بيعها في السوق السوداء، إلى جانب الاستيلاء على منازل تخص مواطني سرت وتأجيرها لعناصر أجنبية تلتحق بالتنظيم. ويعتقد أن عدد العناصر الداعشية في سرت وصل إلى نحو ثلاثة آلاف.
ويسيطر التنظيم على الحدود الإدارية لسرت، وزحف بقواته إلى مناطق محاذية للهلال النفطي وطرد حراس المنشآت النفطية من عدة حقول للبترول، كما تمركز في مدينة هراوة التي تبعد نحو 90 كيلومترا شرق المدينة. ويقوم التنظيم بفرض ضرائب وإتاوات على المواطنين؛ سواء المقيمون أو العابرون، تحت مزاعم منها «جمع الزكاة» و«الجهاد بالمال».
وفرَّ عبد الله، بأسرته وسيارته من طرز «غراند شيروكي»، من تنظيم داعش في سرت، أواخر العام الماضي، بعد أن وضع التنظيم فوهة المسدس على رأس هذا المهندس البالغ من العمر 45 عاما، أمام زوجته وطفليه.
ثم هرب من الحرب التي بدأت تشتعل مجددا بين ميليشيات طرابلس، خصوصا عقب وصول المجلس الرئاسي للعاصمة، ليجد عبد الله نفسه وجها لوجه مع «داعش» من جديد على طريق «طرابلس - ودان». وطلب عبد الله عدم نشر صورته أو اسمه كاملا. ومع أن «الشرق الأوسط» تمكنت من تصوير واقعة المطاردة التي جرت قرب ودان، إلا أنه طلب أيضا عدم نشر الصور التي تظهر فيها أسرته وسياراته، خشية تعرضه للانتقام من «داعش».
لم يدرك الرجل، مثل كثير من الليبيين، أن الدولة تشهد حالة من السيولة وتغيير المواقع بين المجاميع التي تحمل الأسلحة، وأن قوات من «داعش» بدأت تتمدد إلى خارج سرت، وتستعد لمواجهة هجوم للجيش، رغم أن الجيش نفسه يواجه مشكلات في توفير الأسلحة وتعترضه خصومات مع عدة ميليشيات في غرب البلاد. ويقول الأكاديمي سلطان: «رغم المحنة التي تتعرض لها سرت، فإن العالم يبدو أنه لا يريد أن يسلط الضوء على المعاناة التي يتسبب فيها وجود (داعش) بالمدينة وسيطرته على الطريق الساحلي».
في الأسبوع الماضي بدأ كثير من الليبيين ممن أصبحوا يخشون وقوع اقتتال بين ميليشيات العاصمة، في التحرك من «طرابلس» إلى الشرق، لكن عبر الطريق المؤدي إلى بلدة «ودان» التي تبعد إلى الجنوب من العاصمة بنحو 600 كيلومتر. ويمر الطريق المرصوف بالقار وسط فيافي جرداء.
وكما هي الحال لقوافل الليبيين الصغيرة التائهة في الصحراء، كان عبد الله يريد أن يصل إلى «ودان» لعدة أسباب؛ منها الابتعاد عن مناطق نفوذ «داعش» في بلدته سرت، وأن يتزود بالمؤن والوقود، ثم يبدأ في رحلة الصعود إلى الشمال الشرقي لكي يصل إلى أقاربه في بنغازي الواقعة على بعد نحو 800 كيلومتر من «ودان».
غالبية الليبيين، وقبل أن يتحركوا بسياراتهم على الطرق السريعة التي تتماس مع أماكن وجود المتطرفين، يقومون بعملية معقدة من الاتصالات والتحري للتأكد من أن هذا الطريق آمن أم غير آمن. وكما يقول المثل: «الحاجة أم الاختراع»، فقد ظهرت بين أيدي الشباب خرائط مطبوعة من الإنترنت تخص دروبًا ترابية وطرقًا قديمة مرصوفة بالقطران، تمر من جنوب سرت بمئات الكيلومترات، وغالبيتها كان مهجورا منذ سنين، لكن آثارها ما زالت هناك بطريقة ما.
ويوضح الأكاديمي الجامعي في بنغازي، المبروك سلطان، مجددا أن مساحة ليبيا «تشبه مساحة القارة»، ولهذا وجد الليبيون دروبا وطرقا أخرى للتحرك بعيدا عن سيطرة «داعش» في سرت.. «هناك مناطق قبل سرت تحت سيطرة التنظيم أيضا، ولا توجد ضمانات لأي شخص يعبر من هذه المنطقة. لا وجود للدولة»، مشيرا إلى أن «أحد طرق الالتفاف من الجنوب يمر من منطقة هون، ومنها إلى بلدة زلة في الجنوب، وبعد ذلك إلى منطقة مرادة، ثم العقيلة.. كل هذه المشقة من أجل الابتعاد عن الطريق الساحلي من سرت».
بعض الطرق الأخرى تبدأ من حدود بنغازي الجنوبية.. ومنها ما يصل إلى إجدابيا، وطرق أخرى تهبط إلى الجنوب وتتفرع بين الاتجاه الشرقي حيث بلدة أوجلة ومدينة الكفرة، والاتجاه غربا حيث مدينة الجفرة وبني وليد وبلدة ودان. ومن هناك يمكن أن تعبر شمالا إلى طرابلس، أو العكس، إلى بنغازي.
حتى أسابيع قليلة مضت، لم يكن الطريق الالتفافي بين طرابلس وبنغازي، عبر ودان، يشكل أي خطر، لكن خروج مجاميع من الدواعش من سرت، تسبب في عدة حوادث بين العناصر الدموية وغالبيتها من الأجانب، ومن اصطدموا معهم على الطرق الجنوبية، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. وكان آخر هذه المواجهات في منطقة السدادة في نطاق بلدة بني وليد.
بعد نحو 400 كيلومتر من طرابلس، فوجئ عبد الله بموكب لـ«داعش» يتكون من ثلاث سيارات.. يقول: «كانت زوجتي نائمة في مقعدها. وفي الكنبة الخلفية كان ابني محمود (10 سنوات) وابنتي غادة (13 سنة) نائمان أيضا. رأيت من بعيد السيارات وفوقها علم (داعش). كانوا متوقفين على جانب الطريق، ولم ينتبهوا إلا بعد أن اقتربت منهم، وعليه قررت أن انطلق بأقصى سرعة».
هل فتحوا النار.. هل حاولوا اللحاق به؟ يجيب قائلا: «لا أعرف.. لحظتها لم أكن أرى. المهم تخطت سرعة سيارتي 190 كيلومترا في الساعة، وبعد نحو خمسين كيلومترا، انفجر الإطار الخلفي، وانحرفت في الرمال، ثم انقلبت وتعطلت. والحمد لله كانت الإصابات بسيطة، لكن بقينا في رعب وحدنا في الصحراء، خوفا من أن يلحق بنا الدواعش، وذلك من العصر حتى العشاء. وأنقذنا شباب من بلدة ودان كانوا عائدين من طرابلس».
تزامنت تلك الحادثة مع هجوم نفذه «داعش» على مشارف بلدة ودان سقط فيه قتيل واحد من البلدة وعدد غير معروف من الدواعش. وحين جرى قطر سيارة عبد الله والدخول بها مع أسرته إلى ودان، ظن كثيرون أنه من ضحايا المعركة التي جرت قبل يومين على حدود المنطقة. وأصبحت القصة واحدة من بين كثير من القصص المأساوية التي انتشرت بخصوص محاولات المواطنين للانتقال بين جانبي البلاد عبر التجمعات الصحراوية الصغيرة البعيدة عن مدينة سرت من ناحية الجنوب الأوسط.
وتحتضن بلدات «ودان» و«بني وليد» و«الجفرة» وغيرها، في الوقت الراهن، أسرًا ليبية بعد أن تقطعت بها السبل وبعد أن كانت تأمل في الانتقال من الشرق إلى الغرب أو العكس.. في الليل يتجمع الرجال في غرف الضيافة في «ودان» التي يكثر فيها النخيل، للاستماع إلى قصص غالبيتها يدور عن تنظيم داعش في سرت والفظائع التي ارتكبها بحق أشخاص معروفين من القبائل والجيش وحرس المنشآت النفطية.
سيطرة «داعش» على سرت منذ قرابة عشرة أشهر، أدت إلى استيلاء التنظيم المتطرف على الطريق الرئيسي الذي يصل بين شطري الدولة. وتعرض عشرات المواطنين الليبيين، ممن حاولوا العبور من خلال هذا الطريق، للقتل والتعذيب والسرقة على أيدي التنظيم، ولهذا بدأ كثير من الليبيين البحث عن دروب وطرق بديلة كانت أساسا تخص شركات التنقيب عن البترول، وجلب البلح من الواحات، وتخص أيضا تحركات الجيش في زمن القذافي.
وفي الأشهر القليلة الماضية جرى استخدام مثل هذه المسالك الالتفافية والصعبة، على نطاق لافت، بين العائلات الليبية التي ترغب في الانتقال بين طرابلس وبلدات الغرب وبنغازي وبلدات الشرق، بعيدا عن «داعش سرت». كانت هناك محاولات من جانب بعض المواطنين العالقين بين شطري البلاد لاستخدام البحر للانتقال عبر المراكب من شرق البلاد إلى غربها، مرورا بخليج سرت، لكن المشكلة أن «داعش» يراقب هذا الخليج عن طريق عناصر مدربة تتمركز في ميناء المدينة يطلق عليها التنظيم اسم «فيلق البحر».
أما الانتقال بالطائرات فما زال صعب المنال بعد أن تسببت حروب الميليشيات في تدمير مطار طرابلس الدولي وحرقه. ويوجد في العاصمة مطار آخر هو «امعيتيقة» لكن حركة الطيران الداخلي فيه محفوفة بالمخاطر بسبب خضوعه لسيطرة جماعات لا تتتبع السلطات الشرعية. أضف إلى ذلك تراجع عدد المطارات في المنطقة الشرقية بعد تخريب الحرب الأهلية مطار بنينة في بنغازي، وسيطرة «داعش» على مطار القرضابية في سرت نفسها.
ورغم استمرار الحظر الدولي على تسليحه، فإن الجيش تمكن من تحقيق انتصارات صعبة ولافتة على المجاميع الداعشية والمتطرفة في مدينتي درنة وبنغازي. العسكريون ومن معهم من متطوعين قادمين من الشرق، يرددون الأهازيج والأغاني الشعبية على هدير محركات آليات الجيش، وتمكنوا قبل يومين من اجتياز الطريق الطويل الواصل بين بنغازي وإجدابيا. ويقول الضابط حسن العبيدي، أحد القادة العسكريين في جيش حفتر: «يبدو أن المجتمع الدولي غير متحمس لمؤازرة حفتر، لكن نحن معه، ومن شأن التقدم على عدة جهات أن يغير المعادلة على الأرض. هذا ما قمنا به في بنغازي».
طريق «بنغازي - إجدابيا» يعد مدخلا رئيسيا في اتجاه الهلال النفطي الذي يحوي نحو 60 في المائة من مخزون البترول الليبي، وفي اتجاه مدينة سرت أيضا. هذا الطريق الذي يبدأ من منطقة «قار يونس»، كان قبل شهر من الآن، تحت سيطرة جماعات متطرفة تتعاون مع «داعش»، من بينهم مقاتلون من «جماعة الإخوان» ومن «أنصار الشريعة» ومن «الجماعة الليبية المقاتلة»، ولم يكن من المأمون السير فيه من جانب سائقي الشاحنات وسيارات المسافرين، أو حتى الجيش. ويضيف العبيدي قائلا: «نحن أصبحنا هنا.. الأمور تغيرت».
رحلة المهندس عبد الله بدأت منذ خروجه من مدينته سرت التي قُتل فيها معمر القذافي عام 2011، حتى وصوله إلى هنا في بلدة «ودان». وفي ديسمبر (كانون الأول) 2015، ترك منزله الكائن خلف مسجد الصحابة بالمدينة، وحمل أسرته، وتوجه بسيارته إلى طرابلس، طلبا للأمان، بعد أن أصبحت سرت تحت سلطة التنظيم المتطرف منذ صيف العام الماضي.
توقف كثير من حقول النفط عن العمل، وتراجعت كمية التصدير من 1.6 مليون برميل يوميا في أيام القذافي، إلى أقل من 350 ألف برميل هذه الأيام، مما جعل المهندس عبد الله يقضي معظم أيام الأسبوع بعيدا عن مقر عمله في حقل الشركة جنوب المدينة، وغير قادر في الوقت نفسه على السفر إلى أقاربه في بنغازي التي كانت تخضع لسيطرة المتطرفين وتدور فيها حرب ضروس ولم يتمكن الجيش من حسم المعركة فيها إلا الشهر الماضي.
أصبح عبد الله يصلي الأوقات الخمسة في المسجد المجاور لبيته «انتظارا للفرج»، وأملا في نزول راتبه في مصرف المدينة، حيث كان يتابع عبر التلفزيون محاولات الأمم المتحدة تقريب وجهات النظر بين عدد من الأطراف الليبية، في الحوار الذي عرف باسم «حوار الصخيرات»، لكن الدواعش سيطروا سريعا على المسجد، وعلى الإذاعة المحلية للمدينة، ونفذوا حملة لإزالة الأطباق اللاقطة للمحطات التلفزيونية من فوق أسطح البيوت.
يقول إنه بدأ يشعر بالخطر. كانت أعداد الدواعش تزداد في سرت من جنسيات مختلفة يأتون عبر البر وعبر البحر ويأكلون كل شيء في المدينة مثل الجراد.. «سيطروا أيضا على مقار الحكومة، وعلى قاعة المؤتمرات الدولية المعروفة باسم (واغادوغو)، التي كانت تستقبل في عهد القذافي زعماء من الدول العربية والأفريقية».
ومع ذلك، لم يتخذ المهندس عبد الله وعدد من جيرانه قرار الفرار من المدينة إلا بعد حملة القتل التي نفذها «داعش» ضد ضباط متقاعدين ومسؤولين محليين ورجال دين معتدلين. ويضيف: «في ذلك اليوم أطلقوا النار على جاري وعلقوه على الصاري لأنه كان في يوم من الأيام القديمة ضابطا في الدولة».
أثناء خروجه من سرت، أوقفته دورية داعشية تتكون من 7 عناصر أفريقية، على الطريق الغربي الفرعي المؤدي إلى الطريق الساحلي الرئيسي المتجه إلى طرابلس، خارج المدينة. يقول: «أولا سألوني من أين أنت؟ ولأنني أعرف الإجابة التي يريدونها فقلت لهم: من (الدولة الإسلامية) في سرت. لو كنت قلت لهم إنني من سرت فقط، لضربوني أو قتلوني. إجابتي سهّلت الأمور. فحصوا بطاقة الهوية وراجعوا بياناتها على حاسب إلى جوال.. ثم طرحوا أسئلة أخرى عن الشهادة التي يقولها المسلم كدليل على الإيمان بالله ورسوله. أجبت، لكنهم قرروا أن أخضع لـ(الاستتابة)».
ويضيف عبد الله: «صوَّب أحدهم مسدسه إلى رأسي وأمرني أن أجثو على ركبتي. بدأ رجل آخر، أعتقد من لكنته أنه سوداني الجنسية، يلقنني قول الشهادة بطريقته، والتي لم تكن في الحقيقة تختلف كثيرا عما ذكرته لهم في البداية.. مجرد إعادة صياغة. المهم نفذت ما أرادوه بحذافيره، بينما كان أطفالي وزوجتي يشاهدون ما يجري من خلف زجاج السيارة. كنت أخشى أن يفجروا رأسي أمامهم».
كانت هذه أول مرة يتعامل فيها عبد الله، وجها لوجه، مع عناصر من تنظيم داعش في سرت. وبينما كانت وجهته الفرار إلى العاصمة، كانت مئات العائلات الأخرى تهرب إلى مدن ليبية لا يوجد خطر على الطرق المؤدية إليها، بينما لجأ بعض العائلات للإقامة في تونس أو مصر، انتظارا لما ستسفر عنه الأحداث.
الأمور لم تجر كما كان يأمل.. يوضح عبد الله أن العاصمة، في الأسابيع الماضية، تتحول في الليل إلى مدينة حرب. قذائف مدفعية وقذائف صاروخية، وطائرات تحوم في الظلام، وطلقات للمضادات الأرضية، بينما كانت أسر كثيرة تبحث عن مكان آخر للجوء إليه سواء في الشرق، أي في مدن البيضاء وطبرق وغيرهما، أو حتى خارج البلاد.. «وبعد أن علمت بأن الجيش دخل إلى بنغازي ونظفها من المتطرفين، قررت أن أترك العاصمة وأن أتوجه إلى أقاربي في بنغازي، عبر طريق طرابلس ودان».
من جانبهم، يتطلع أبناء سرت ممن لجأوا لمدن وبلدان أخرى، لحسم الجيش للعملية سريعا، حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم والاطمئنان على ذويهم. وتوجد مخاوف من أن يستخدم تنظيم داعش الأهالي المحاصرين في سرت دروعا بشرية في حال تعرضه للهجوم. ويقول المبروك سلطان: «يوجد تحشيد من الجيش، ويبدو أن هناك تصميما على دخوله إلى سرت، لكن الموعد غير معروف. القوات انتقلت إلى مناطق قريبة. وتدريجيا نتوقع أنه ستوضع نقاط تفتيش وسيتقدمون حين تصدر الأوامر العسكرية».
ومنذ الأسبوع الماضي بدأت أرتال من آليات الجيش الوطني بقيادة حفتر، في التحرك من مواقعها في شرق البلاد، في اتجاه سرت، لتحريرها من التنظيم الدموي، حيث يمكن بعدها، كما يأمل كثير من الناس هنا، إعادة فتح الطريق الساحلي، وتأمين عبور المواطنين بين جانبي الدولة.



السودان في 25 عاماً... حرب تلد حروباً

فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)
فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)
TT

السودان في 25 عاماً... حرب تلد حروباً

فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)
فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)

لا يُعدّ دوي المدافع ولا انفجارات القذائف أو البراميل الناسفة القادمة، أو حتى الرصاصات العمياء، شيئاً جديداً في السودان، الجديد أنه انتقل من «الهوامش» إلى العاصمة الخرطوم، فاضطرت الحكومة وقيادة الجيش للانتقال إلى عاصمة بديلة تبعد نحو ألف كيلومتر على ساحل البحر الأحمر عند بورتسودان.

كان يُنظر للحروب السابقة على أنها تمرد ضد الدولة، لكن أسبابها تكمن في الصراع بين «المركز» الذي يحتكر كل شيء، و«الهامش» الذي لا يحصل على شيء، وأنها «حرب مطالب وحقوق».

لكن الحرب، خلال حكم الإسلاميين بقيادة الرئيس السابق عمر البشير البلاد، تحولت من حرب مطلبية إلى «حرب دينية» بين الشمال «المسلم»، والجنوب «المسيحي» أو «اللاديني»، وانتهت بـ«فصل جنوب السودان»، وإعلان ميلاد دولة جديدة انضمت للأمم المتحدة، فمن أين تأتي الحروب والعواصف لتدمر السودان؟

يرجع المحللون جذور الحروب السودانية إلى الافتقار لـ«مشروع وطني»، وإلى عدم الاعتراف بالتنوع الإثني والثقافي الناتج عن عدم وجود منظومة سياسية ثقافية اقتصادية موحدة تعترف بهذا التنوع.

ورغم أن الحرب الحالية هي حرب بين جيشين «نظاميين»، لكن جذورها تتصل «بمتلازمة التهميش وعدم الاعتراف بالتنوع»، التي أدت للتمرد الأول قبيل إعلان الاستقلال 1955 بقيادة قوات «أنانيا 1»؛ وهي تسمية محلية لثعبان الكوبرا.

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير ملوحاً بعصاه إثناء إلقائه خطاباً في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور في سبتمبر 2017 (أ.ف.ب)

اتفاق «نيفاشا»

انطفأت الحرب الأولى باتفاق أديس أبابا 1972، لكنها اشتعلت مرة أخرى في عام 1983، تحت راية «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة الزعيم الجنوب سوداني الراحل جونق قرنق دمبيور، على أثر إعلان الرئيس الأسبق جعفر النميري «أحكام الشريعة الإسلامية».

وانتقلت من كونها ضد متمردين إلى حرب «جهادية»، جيش الإسلاميين المقاتلين على أساس ديني، ورفعوا رايات الجهاد ضد مَن وُصفوا بـ«أعداء الدين»، فاستمرت الحرب سنوات، وراح ضحيتها أكثر من مليونيْ مواطن.

لم يحقق الجيش ومؤيدوه «المجاهدون» انتصاراً حاسماً، فاضطروا إلى الرضوخ للضغوط الدولية، ووقَّعوا اتفاق سلام في ضاحية نيفاشا الكينية؛ «اتفاق السلام الشامل أو اتفاق نيفاشا».

قضى «نيفاشا» بمنح جنوب السودان «حق تقرير المصير»، وخيّره بين البقاء في السودان الموحد أو الانفصال، وحدد فترة انتقالية قدرها خمس سنوات.

خلال الفترة الانتقالية، شغل زعيم الحركة الشعبية الراحل جونق قرنق دمبيور منصب النائب الأول للرئيس لأيام قلائل، قبل أن يلقى مصرعه في حادثة تفجر المروحية الرئاسية الأوغندية الغامض، ليخلفه نائبه رئيس جنوب السودان الحالي سلفاكير ميارديت.

استفتي شعب جنوب السودان 2010 على الوحدة أو الانفصال، وجاءت النتيجة لصالح الانفصال، فولدت من رحِم الحروب جمهورية جنوب السودان، وخسر السودان ثلث مساحته الجغرافية، وربع عدد سكانه، و75 في المائة من ثرواته وموارده.

انتقلت النيران إلى إقليم دارفور غرب البلاد، وتمردت مجموعات جديدة تحت مزاعم التهميش والاضطهاد باسم «حركة تحرير السودان» في عام 2003.

وأخذت طابعاً «عِرقياً»، بعدما استعانت الحكومة في حربها ضد الحركات المتمردة ذات الأصول الأفريقية، بمجموعات قبلية عُرفت وقتها بمجموعة «الجنجويد» ذات الأصول العربية، ومِن قادتها، للمفارقة، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، الذي أصبح قائد ما يُعرف بقوات «الدعم السريع».

راح ضحية حرب دارفور نحو 300 ألف، واتهمت الحكومة، برئاسة عمر البشير، بجرائم تطهير عِرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أصدرت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية مذكرات قبض ضد الرئيس السابق عمر البشير، و3 من معاونيه الكبار وهم في الحكم، لا تزال سارية.

مقاتلون من «حركة تحرير السودان» في دارفور في مارس 2024 (أ.ف.ب)

تبضع بين العواصم

في مايو (أيار) 2006، وقّعت الحكومة الإسلامية اتفاق سلام في مدينة أبوجا مع «حركة تحرير السودان»، لكن الحركة انشقت إلى حركتين، يقود التي وقَّعت اتفاق أبوجا حاكم إقليم دارفور الحالي مني أركو مناوي.

رفض تيار عبد الواحد محمد النور الاتفاق، واعتصم بجبل مرة في وسط دارفور، وواصل الحرب ولا يزال، بينما حصل مناوي على منصب مساعد الرئيس عمر البشير، ثم عاد للتمرد زاعماً أنه كان مجرد «مساعد حلّة»، وليس مساعد رئيس، ومساعد الحلة هو معاون سائقي الشاحنات الذي يُعِدّ الطعام للسائق.

تنقلت المفاوضات مع الحركات الدارفورية المتشظية بين عدة عواصم، ففي يوليو (تموز) 2011 وقَّعت مع بعضها في قطر «وثيقة سلام الدوحة»، ونصت على تقاسم الثروة والسلطة، لكن الحرب لم تتوقف.

ثم وقَّعت حركات مسلَّحة مع الحكومة الانتقالية، في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 اتفاق سلام السودان في جوبا، أبرزها «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، ونصَّ الاتفاق على تقاسم السلطة والثروة، وبموجبها تولَّى جبريل إبراهيم وزارة المالية، ومني أركو مناوي منصب حاكم إقليم دارفور.

جنود سودانيون من «قوات الدعم السريع» في ولاية شرق النيل بالسودان، يونيو 2019 (أ.ب)

الجنوب الجديد

كأنما لا بد من جنوب ليحاربه الشمال، اشتعلت حرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وهما منطقتان منحهما اتفاق نيفاشا حق المشورة الشعبية، للبقاء في السودان أو الانضمام للجنوب، وعادت إلى الحرب «الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال».

انشقت الحركة الشعبية الشمالية، التي تُعدّ امتداداً للجنوبية، وتضم مقاتلين سودانيين انحازوا للجنوب إبان الحرب الأهلية، إلى حركتين بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الحالي مالك عقار، الموقِّع على اتفاق سلام جوبا، بينما بقيت الأخرى، بقيادة عبد العزيز، تسيطر على منطقة كاودا بجنوب كردفان، وتَعُدّها «منطقة محرَّرة»، وتخوض معارك متفرقة ضد الجيش السوداني، ولا تزال.

لم يَسلم شرق السودان من متلازمة الحروب السودانية، فقد كان مرتعاً لحروب المعارضة المسلَّحة ضد حكم البشير في تسعينات القرن الماضي، ونشأت فيه مجموعات مسلَّحة مثل «مؤتمر البجا»، و«الأسود الحرة»، قاتلت هي الأخرى ضد المركز في الخرطوم، قبل أن تُوقِّع اتفاقاً في العاصمة الإريترية عُرف بـ«أسمرا لسلام شرق السودان»، ونال هو الآخر حصة في السلطة والثروة.

أطاح السودانيون بنظام حكم الإسلاميين، بقيادة الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019، عبر احتجاجات شعبية استمرت أشهراً عدة، وأجبروا قيادة الجيش على تنحية البشير.

ومع ذلك، تواصلت الاحتجاجات والاعتصامات، حتى قرر «المجلس العسكري الانتقالي»، برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي»، فض الاعتصام باستخدام القوة، ما أسفر عن مقتل المئات من المعتصمين، ما عده كثيرون من «أفظع الجرائم» بحق المدنيين.

واستمر الضغط المدني السلمي، فاضطر العسكريون لتوقيع «وثيقة دستورية» نصّت على شراكة مدنية عسكرية، في أغسطس (آب) 2019، وجرى تشكيل حكومة برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وتكوين مجلس سيادة انتقالي برئاسة البرهان، ونائبه حميدتي.

البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة، في الخرطوم في 22 سبتمبر2021 (غيتي)

حرب الجنرالات

في 25 أكتوبر 2021، أطاح قائد الجيش بحكومة حمدوك المدنية، بانقلاب عسكري، واضطر تحت الضغط الشعبي السلمي مرة أخرى، لتوقيع ما عُرف بـ«الاتفاق الإطاري» مع المدنيين، ونص على «حكم مدني» يعود بموجبه الجيش إلى ثكناته، وإزالة أي فرصة لـ«تمكين نظام الإسلاميين».

لكن أنصار النظام السابق أحبطوا «الاتفاق الإطاري»، واستخدموا آليات «الدولة العميقة» في تأجيج الخلافات بين الجيش و«الدعم السريع»، فاشتعلت الحرب.

لم تفلح جهود إزالة التوتر والتحشيد العسكري، وفي صبيحة السبت، منتصف أبريل 2023، فوجئ السودانيون بالرصاص «يلعلع» في جنوب الخرطوم عند «المدينة الرياضية»، معلناً الحرب المستمرة حتى اليوم.

يتهم «الدعم السريع» الجيش بمهاجمة معسكراته على حين غِرة، ويقول إن الجيش حاصر مطار مروي شمال البلاد، وإنه كان يخطط للانقضاض على السلطة، بينما «تسود رواية أخرى» بأن «خلايا الإسلاميين» داخل الجيش هاجمت «الدعم السريع»، ووضعت قيادته أمام الأمر الواقع؛ «الاستسلام أو الحرب».

حسابات خاطئة

كان مخططاً للحرب أن تنتهي في ساعات، أو على أسوأ تقدير أيام معدودات، بحساب التفوق التسليحي للجيش على «الدعم السريع»، لكن الأخير فاجأ الجيش وخاض حرب مدن كان قد تمرَّس عليها، ففرض سيطرته على معظم الوحدات العسكرية للجيش، وأحكم الحصار على البرهان في القيادة العامة، بل سيطر على المقرات الحكومية؛ بما فيها القصر الرئاسي والوزارات.

اضطرت الحكومة للانتقال إلى بورتسودان، واتخاذها عاصمة بديلة بعد سيطرة «الدعم السريع» على الخرطوم، بينما ظل قائد الجيش محاصَراً داخل قيادته لأكثر من ثلاثة أشهر، قبل أن يفلح في الخروج منها وينتقل إلى بورتسودان ليتخذها عاصمة له.

اتسعت سيطرة قوات «الدعم السريع» لتشمل إقليم دارفور، باستثناء مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، ومعظم ولايات الغرب باستثناء بعض حواضرها، ثم استسلمت له ولاية الجزيرة بوسط البلاد، وشملت عملياته ولايات أخرى، وسيطر تقريباً على نحو 70 في المائة من البلاد.

بعد نحو عامين من القتال، استعاد الجيش زمام المبادرة، وحقق تقدماً في بعض المناطق؛ الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري، وسنار، لكن «الدعم السريع» لا يزال مسيطراً على مساحات واسعة من البلاد، ويقاتل بشراسة في عدد من محاور القتال، وما زالت الحرب سجالاً.

جنوب الخرطوم مسرحاً دموياً للمعارك بين البرهان وحميدتي (أ.ف.ب)

أسوأ كارثة إنسانية

قتلت الحرب عشرات الآلاف وخلقت «أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ»، وفقاً للأمم المتحدة، ونزح أكثر من 11 مليون شخص داخلياً، ولجأ نحو 3 ملايين لبلدان الجوار، ويواجه نحو 25 مليون شخص أكثر من نصف سكان البلاد، البالغ عددهم 45 مليوناً، حالة من «انعدام الأمن الغذائي الحاد».

أطراف الحرب لا يزالون يرفضون العودة للتفاوض، فمنذ فشل «إعلان جدة الإنساني»، فشلت محاولات إعادة الطرفين للتفاوض؛ لتعنُّت الجيش وأنصاره.

سيناريوهات

يرجع عضو مجلس السيادة السابق، ونائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» الهادي إدريس، اندلاع الحروب في السودان إلى عدم الاتفاق على «مشروع وطني نهضوي» لحكم البلاد منذ الاستقلال.

ويقول إدريس، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأسباب الرئيسية لحروب السودان هي الفشل في إنفاذ برامج تنمية متوازنة، وتحقيق العدالة، وسيادة ثقافة الإفلات من العقاب، وعدم حسم القضايا الاستراتيجية مثل علاقة الدين بالدولة، والهوية الوطنية، وقضية الجيش الواحد وابتعاده عن السياسة.

ويرى إدريس أن العودة إلى «جذور الأزمة» مدخل صحيح لجعل «الحرب الحالية» آخِر الحروب. ويضيف: «علينا معالجة أسباب وجذور الحروب، في الاتفاق المقبل لإيقاف وإنهاء الحروب».

أما القيادي في «التجمع الاتحادي» محمد عبد الحكم فيرى أن جذور الحروب تتمحور حول «التنمية المتوازنة والمواطنة المتوازنة». ويضيف: «يظل عدم معالجة التهميش والتنمية المتوازنة وحفظ حقوق الشعوب، وتغيير الأنظمة الاستبدادية المتسلطة، بحكم ديمقراطي تعددي، أُسّاً لنشوبِ أعتى وأطول الحروب السودانية».

ويرهن عبد الحكم إنهاء الأزمات المتتالية في السودان بإصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، عن طريق تكوين جيش مهني قومي موحد بـ«عقيدة قتالية» تُلزمه بحماية الدستور والنظام المدني، وتُخضعه للسلطة التشريعية والتنفيذية، وتُعلي قيم المحاسبة وردع محاولات تسييس الجيش.