أوباما يتندر على نفسه.. وعلى غيره في «العشاء الأخير»

آخر حفل سنوي {لاذع} يقيمه له صحافيو البيت الأبيض

أوباما خلال حفل العشاء الأخير مع الإعلاميين (رويترز)
أوباما خلال حفل العشاء الأخير مع الإعلاميين (رويترز)
TT

أوباما يتندر على نفسه.. وعلى غيره في «العشاء الأخير»

أوباما خلال حفل العشاء الأخير مع الإعلاميين (رويترز)
أوباما خلال حفل العشاء الأخير مع الإعلاميين (رويترز)

في آخر حفل سنوي لاذع تقيمه له رابطة الصحافيين الذين يغطون البيت الأبيض، تندر الرئيس باراك أوباما على نفسه، وعلى غيره، فيما سماه صحافيون «العشاء الأخير».
سخر أوباما من قادة ديمقراطيين وجمهوريين، على حد سواء. لكن النصيب الأكبر كان من حظ دونالد ترامب، المرشح الجمهوري الرئيسي لانتخابات الرئاسة، فقد قال أوباما إن ترامب خبير بالنساء أكثر منه بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وتعالت الضحكات عندما قال: «يقولون إن دونالد يفتقر للخبرة اللازمة في السياسة الخارجية ليقدر على إدارتها إذا فاز. لكن، وللإنصاف، أمضى دونالد سنوات في لقاءات مع زعماء من أنحاء العالم: ملكة جمال السويد، وملكة جمال الأرجنتين، وملكة جمال أذربيجان»، وكان أوباما يقصد منافسات ملكة جمال العالم التي كان ترامب أحد مموليها ومنظيها.
وتساءل أوباما عن غياب ترامب عن الحفل (كان قد حضر حفلات سابقة): «هل هذا العشاء لا يليق بمستوى ترامب؟»، مضيفا: «تُرى ما الذي يفعله ترامب؟ هل هو في المنزل يتناول شريحة لحم تحمل العلامة التجارية (ترامب ستيك)؟ أو يكتب تغريدة على (تويتر) تسيء لأنجيلا ميركل (مستشارة ألمانيا)؟».
وتندر أوباما على فترة رئاسته، خصوصا الانتقادات التي ظل يواجهها بأنه رئيس فاشل، قائلا إن النظام الأميركي ربما اقترب من نهايته، مضيفا: «نهاية هذه الجمهورية لم تظهر أبدا بشكل أفضل»، موضحا أنه كان شابا متحمسا مشبعا بالأفكار المثالية قبل أن يصبح رئيسا، متابعا: «قلت، قبل 8 سنوات، إن الوقت حان لتغيير سياساتنا.. الآن، أدركت أنني كان يجب أن أكون أكثر تحـديـدا». ولم يفلت مرشحـــــــا حزب أوباما الديمقراطي، هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز، ولا حتى نائبه جو بايدن، من سخرية أوباما.
وسخر أوباما حتى من شعره الذي غلب عليه اللون الرمادي منذ أن تولى المنصب، وقال إن هذا من علامات كبر السن، وإن علامة أخرى هي كثرة زيارة الحمام بالليل، مشيرا إلى أنه صار قادرا على استقبال اتصالات تلفونية تتعلق بالسياسة الخارجية (من زعماء أجانب) حتى الثالثة صباحا لأنه فعلا يظل مستيقظا طول الليل.
لم تكن هذه أول مرة يسخر فيها أوباما من ترامب. ففي العام الماضي، في نفس المناسبة، التي حضرها ترامب، سخر أوباما من إصرار ترامب على أن أوباما ولد في كينيا، ولم يولد في ولاية هاواي الأميركية، وبذلك لا يحق له قانونًيا تولي منصب الرئيس. وأعلن أوباما أنه سيعرض فيديو عن ميلاده كدليل على مكان ولادته الفعلية. وبعد أن أمر بإطفاء أضواء المكان، أمر بتشغيل الفيديو، وهو رسوم كرتونية من فيلم «الأسد الملك»، فيها ولادة «سيمبا»، الملك الجديد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».