رواد الفن الحديث بالعالم العربي يجذبون الزوار والمقتنين في دبي

عبر عروض 11 غاليري ضمن فعالية «آرت دبي مودرن»

الفنان آدم حنين مع أحد أعماله
الفنان آدم حنين مع أحد أعماله
TT

رواد الفن الحديث بالعالم العربي يجذبون الزوار والمقتنين في دبي

الفنان آدم حنين مع أحد أعماله
الفنان آدم حنين مع أحد أعماله

اعتاد زوار معرض الفن السنوي «آرت دبي» على توقع عرض الأعمال المعاصرة لفنانين من مختلف دول العالم، وهو توجه أثبت نجاحه بالنسبة للمهتمين بالفنون وأيضا للمقتنين الذين يحرصون على اقتناء جانب من كبير من تلك الأعمال المعروضة.
ولكن هذا العام، وللمرة الأولى، قرر القائمون على «آرت دبي» تخصيص قسم خاص لأعمال رواد الفن الحديث في القرن العشرين من العالم العربي والشرق الأوسط وجنوب آسيا تحت عنوان «آرت دبي مودرن». وتضمن الجناح الجديد معارض فردية وثنائية لأهم رواد الفن الحديث الذين كان لمجمل أعمالهم وإنتاجهم الوقع الأكبر على المشهد الفني لتلك الحقبة والأجيال اللاحقة. جرى تطوير محتوى هذا القسم في نسخته الأولى بالتعاون مع لجنة اختيارات فنية ضمت عددا من أبرز المؤرخين والقيّمين الفنيين، وهم: سافيتا آبتي، وكريستين خوري، وكاثرين ديفيد، وندى شبوط.
وبدا العرض كأنه تحية خاصة لهؤلاء الرواد وفرصة جميلة للجمهور لمطالعة أعمال اختفت عن الأنظار لفترة في قاعات المتاحف أو المجموعات الخاصة.. من العروض المنفردة مثل العرض البديع للفنانة باية من خلال غاليري «المرسى»، إلى عروض لفنانين عمالقة مثل مقبول فدا حسين من الهند، وآدم حنين من مصر، وصولا إلى ناصر اليوسف وراشد آل خليفة من البحرين.
في غاليري «آيكون» (نيويورك ولندن) تحدثنا إلى هاري هاتيسون، المسؤول عن العرض، الذي أوضح أنه يقدم أعمالا لفنانين كل منهما استحق لقب بيكاسو؛ فالأول هو الفنان الباكستاني سيد صادقين الذي تميزت أعماله باستخدام متفرد للخط العربي.. يقول هاتيسون إن صادقين الذي ولد في الهند وغادرها إلى باريس في الستينات ثم عاد لباكستان في السبعينات ليستقر بها: «يطلق عليه لقب (بيكاسو باكستان)، ويمكننا القول بأنه أشهر فنان حديث في باكستان». والثاني الفنان الهندي مقبول فدا حسين، حيث يشير إلى عمل للفنان، فيقول «حسين أيضا عرف بلقب (بيكاسو الهند)، نرى في عمله المعروض هنا أحد المواضيع الأساسية عنده، وهو البحث عن الأم». اللوحة أمامنا نرى فيها مجموعة من النساء يختفي وراءهم صبي صغير، لا نرى ملامحه، فهو قابع في الظل نرى ظهره. «المعروف أن حسين لم ير والدته، وأعماله تعكس الشوق للأم. وفي سلسلة (الأم تريزا) في آخر حياته عكس الموضوع ذاته». اللافت في اللوحات هو حضور النساء، ولكن بوجوه خالية من الملامح، خاصة العيون، التي تمثل أهم الملامح في وجه الإنسان، تختفي من وجوه النساء في لوحاته.. «حتى الأم تريزا رسمها دون وجه، فهو لا يتذكر وجه أمه ويعكس هذا ببراعة في لوحاته». الأسعار التي وضعت للوحات تعكس بالتأكيد مكانة الفنانين في المشهد الفني، فهي تتراوح بين مائة ألف دولار وثلاثمائة ألف دولار.
ومن آسيا، ننتقل إلى مصر وإلى أعمال الفنانين آدم حنين وحامد عبد الله في غاليري «كريم فرنسيس». يجلس الفنان آدم حنين في المعرض، ويبدو في جلسته مثل أحد التماثيل المصرية التي نحتتها يداه. يقول لنا إنه يعرض خمسة أعمال «مختارة من بداياتي في فن النحت». يرفض أن يصف مضامين أعماله ويصر على التركيز على القيمة البصرية لها.. «أبحث عن الطريقة التي نظر بها أجدادنا للأشياء.. الموضوع في حد ذاته لا يهمني.. تهمني الطريقة، فالجانب البصري أهم بالنسبة لي». بحث حنين، حسب ما يذكر لنا، عن أسلوبه الفني وإلهامه في الفن المصري القديم، ثم في الفنون الحديثة في مصر وأوروبا. يستعيد أيامه الأولى، ويقول: «عندما انتهيت من دراستي الجامعية في عام 1953 كنت في حيرة.. لم أعرف ما الذي يمكن أن أصنعه، فلم تكن هناك نماذج أحتذيها، ولم يكن هناك نحاتون، كان هناك القليل ممن قلدوا النحات الشهير مختار، وعرفت وقتها أنني يجب أن أجد الطريق الخاص بي». يشرح لنا أكثر: «أنا أحب الفن المصري القديم، ولكني لا أنتمي إلى عصر الفراعنة، وبالتالي لا أستطيع استخدام هذا الفن. سافرت إلى أوروبا ورأيت فنونها وأعجبني هنري مور وجياكوميتي، ولكنها أيضا لم تمسني مثل الفن المصري القديم. وأمام الخيارات قررت أن أدرس الموجود في مصر، بقايا الحضارة المصرية وليس الفن المصري، فجذبتني البيوت القديمة في الصعيد، أجد إلهامي في أبوابها الخشبية، أو في بائعة تجلس أمام (صفيحة جبنة) في السوق، أو تلك التي تجلس أمام صفيحة ماء (هنا هو يشير إلى مجسمين من عمله معروضين أمامنا). هي كلها شخصيات مصرية». بالنسبة لحنين، الفن ينتج بتلقائية بعيدا عن العقل.. «كنت أعمل بكثافة لأني خائف من أن يتغلب عقلي، فعندما يتغلب العقل يصبح الفن مفتعلا. لهذا انهمكت في أعمالي لأدفع بعقلي للوراء ولكي أستطيع أن أخرج ما بداخلي بتلقائية. كان هذا هو الطريق الذي اخترته: (تلقائي، ولكنه يحمل تأثيرات مختلفة). هي خلطة صعبة، كل قطعة من أعمالي تجدين فيها خليطا من التأثيرات الشعبية والمصرية القديمة والأوروبية، (كله مختلط ببعضه)، لكن العمل لا ينتمي في النهاية لأي من تلك الأشكال. الروح المصرية هي الغالبة». الحديث مع حنين متعة خاصة.. يعبر عن نفسه وعن عمله ببساطة شديدة، ولكنها عميقة لدرجة محيرة.
في غاليري «البارح» من البحرين نتحدث إلى القائمة عليه هيفاء الجشي التي تبادر بالقول إن المعرض يقدم للجمهور أعمالا لفنانين بحرانيين مؤثرين.. «أحضرنا أعمالا للفنان ناصر اليوسف (توفي في عام 2006) وهو من رواد الفن الحديث في البحرين، وأيضا نعرض للفنان راشد آل خليفة، وهو فنان معاصر من أهم الفنانين في البحرين والخليج، ولكننا هنا نقدم له أعماله الأولى التي تصور مراحل تطوره». بالنسبة للفنان ناصر اليوسف، تشير الجشي إلى أن أعماله المعروضة بعضها رسم في فترة السبعينات والثمانينات والبعض الآخر بالأبيض والأسود.. «رسمها بعد أن أصيب بمرض أفقده بصره وألجأه إلى استخدام وسيلة جديدة للإبداع اعتمد فيها على اللمس والحفر والطباعة على الورق. وفي كل أعمال اليوسف يظهر تأثره بالتراث البحريني.. يظهر من خلال مناظر لزفة العروس أو الرقصات الشعبية أو المناسبات الاجتماعية». ونعرف بعد اللقاء أن الغاليري باع أربع قطع لليوسف بأسعار تراوحت بين 20 ألفا و30 ألف دولار.
أما باقي الصالات المشاركة، فحققت مبيعات قوية، فباع غاليري «المرسى» أربعة أعمال للفنانة باية، بينما باع غاليري «لوري شبيبي» لأحد المقتنين عملين للفنان نبيل نحاس بمبالغ لم يفصح عنها، كما باع غاليري «أجيال» من بيروت مجسما للفنان مايكل بصبوص بسعر تراوح بين 20 ألفا و30 ألف دولار لأحد المقتنين في الإمارات. النتائج تبدو إشارة إلى انتعاش واضح في الاهتمام بالفن الحديث، ولعل هذا الاهتمام يشير إلى عودة «آرت دبي مودرن» لدورة العام المقبل.
ورغم أن «آرت دبي» قد أعلن من قبل أن عروض صالات الفن الحديث سوف تقدم أعمالا لفنانين رواد لم ينالوا حظهم من التقدير والعرض للجمهور العالمي، فإنه من الملاحظ أن ذلك المقياس لم يعمل به تماما، فلوحظ وجود فنانين معروفين على مستوى العالم وما تزال أعمالهم تعرض في المعارض الفنية العربية والعالمية. وسجل هذا الخلط تخبطا لمح إليه بعض الزوار والصحافيين الذين دهشوا من إغفال أسماء بارزة في الفن الحديث، بينما رأى الآخرون أن هدف تقديم الفنانين الأقل حظا أيضا لم ينجح. عموما، هي الدورة الأولى لـ«آرت دبي مودرن»، وقد تكون تلك الملاحظات مفيدة للقائمين عليه في الدورات المقبلة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».