خبير حقوق الإنسان المستقل يبدي قلقه من قانون الأمن السوداني

نونوسي يحث الحكومة على وقف الانتهاكات ضد المدنيين

خبير حقوق الإنسان المستقل يبدي قلقه من قانون الأمن السوداني
TT

خبير حقوق الإنسان المستقل يبدي قلقه من قانون الأمن السوداني

خبير حقوق الإنسان المستقل يبدي قلقه من قانون الأمن السوداني

أبدى الخبير المستقل التابع للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان، قلقه البالغ بشأن قانون الأمن الوطني الذي يتيح للسلطات الحجز والاعتقال، ويمنح حصانة إجرائية لأفعال تقع تحت طائلة المسؤولية الجنائية، بما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان في السودان. بيد أنه ذكر أن هناك بعض التطورات الإيجابية في ملف حقوق الإنسان، تتضمن توقيع الحكومة السودانية على خطة وقف تجنيد الأطفال، ونشر مراكز شرطة ومؤسسات عدلية في بعض المناطق النائية.
وأنهى الخبير المستقل البنيني أرستيد نونوسي زيارته الثانية للبلاد أمس، والتي استغرقت أسبوعين التقى خلالها مسؤولين ودبلوماسيين ومنظمات مجتمع مدني وحقوقيين، بما في ذلك نائب الرئيس ووزراء الدولة بالخارجية والدفاع والمالية والعدل، كما زار ولايات شمال وجنوب وشرق دارفور، ووقف على الأوضاع الإنسانية التي يواجهها المدنيون بسبب الحرب هناك.
وقال نونوسي في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إنه على الرغم من التطورات الإيجابية، لا يزال هناك قلق بسبب عدد من قضايا حقوق الإنسان في البلاد، وأضاف موضحا أنه «لا تزال تصل لمسامعي حالات الاعتقال التعسفي والحجز، علاوة على مزاعم سوء المعاملة وحظر السفر المفروض على المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والسياسيين من قبل القوى الأمنية، بما في ذلك جهاز الأمن والمخابرات».
وأبدى نونوسي قلقه البالغ بشأن قانون الأمن الوطني السوداني، الذي يتيح الحجز والاعتقال، ويعطي حصانات إجرائية لأفعال تقع تحت طائلة المسؤولية الجنائية، بيد أنه رحب بقرار السلطات بإعادة جوازات سفر الناشطين، الذين منعوا من حضور جلسات مناقشة التقرير الدوري الشامل لحقوق الإنسان بجنيف، ودعا للسماح لهم القيام بأنشطتهم في بيئة منفتحة وآمنة.
كما ندد الخبير المستقل باعتقال وحجز أربعة قساوسة في الخرطوم منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واحتجاز أربعة طلاب بجامعة الخرطوم، وأوضح أنه بحث هذه القضايا مع المسؤولين السودانيين، فأبلغوه بأن القساوسة حكمت عليهم محكمة بتهم جنائية، وأن طلاب جامعة الخرطوم سوف تحال للسلطات القضائية قريبًا.
وأبدى قلقه من الرقابة المستمرة على الصحف، والقيود المتزايدة على الصحافيين، مشيرًا إلى أن الحوار السياسي الجاري في البلاد يتطلب إزالة هذه القيود لخلق بيئة مواتية لحوار وطني شامل، مشيرًا إلى تعليق صدور صحيفة (التيار) منذ نهاية العام الماضي، واعتبره مدعاة للقلق، داعيا إلى استئناف صدورها وفق مراجعة قانونية، وتخصيص تعويض كاف عن إيقافها.
وحث نونوسي السلطات السودانية على القيام بتحريات محايدة ومعاقبة المسؤولين عن ضحايا مظاهرات 2013. وقال بهذا الخصوص «طرحت على السلطات قضية ضحايا وأسر ضحايا مظاهرات رفع الدعم في سبتمبر (أيلول) 2013، ومع ترحيبي بقيام الحكومة بعملية التعويض الجارية للضحايا وأسر الضحايا، فإني أحث السلطات على النظر في القيام بخطوات أخرى للمتابعة».
وأوضح نونوسي أن الأوضاع الأمنية في إقليم دارفور ما تزال مرتبكة ولا يمكن التنبؤ بها، ما يؤثر على حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية، على الرغم من تأكيدات حكومية بأن الأوضاع تحت السيطرة، وأبدى قلقه البالغ على الأوضاع في (جبل مرة)، والتي نتجت عنها موجات جديدة من النزوح، وعلى الآثار المترتبة على النزاع على المدنيين، على ضوء اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، وانتهاكات أخرى خطيرة للقانون الدولي الإنساني، تتضمن القتل العشوائي، وتدمير وإحراق القرى والاختطاف والعنف الجنسي ضد النساء. ودعا الجهات التي تقع عليها المسؤولية في حماية حقوق الإنسان في دارفور، وأطراف النزاع احترام حقوق الإنسان، كما ناشد الحكومة السماح للوكالات الإنسانية وبعثة الأمم المتحدة بالدخول دون قيود لتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين.
ودعا نونوسي إلى وقف القتال القبلي الذي تزايدت حالاته أخيرًا، والذي يستخدم فيه المتقاتلون أسلحة متطورة، لما يلعبه من دور في التأثير على الأوضاع الإنسانية وحقوق الإنسان، وفي ذات الوقت رحب بقرار الحكومة السودانية باستقبال النازحين من دولة جنوب السودان، بيد أنه أبدى قلقه بشأن الظروف المعيشية المتدهورة التي يعيشونها في معسكر (خور عمر) بمدينة الضعين بولاية شرق دارفور، والتي تتمثل في نقص ماء الشرب والغذاء والدواء.
وأعرب نونوسي عن قلقه البالغ لمقتل طالبين في جامعتين سودانيتين في أسبوع واحد وأثناء وجوده في البلاد، وقال: إنه بحث تلك المشاغل مع الحكومة السودانية، وأبلغها رفضه لما يحدث، وأنه سيتابعها مع الحكومة، ويتابع الإجراءات المتعلقة بها، بما في ذلك إجراء تحقيقات قضائية لتقديم الجناة للقضاء.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».