الجيش اللبناني يقتل أمير «داعش» في عرسال ويوقف المسؤول الأمني للتنظيم

سمير مقبل: لبنان خط الدفاع الأول في مواجهة الإرهاب ويحمي عدة دول

الجيش اللبناني يقتل أمير «داعش» في عرسال ويوقف المسؤول الأمني للتنظيم
TT

الجيش اللبناني يقتل أمير «داعش» في عرسال ويوقف المسؤول الأمني للتنظيم

الجيش اللبناني يقتل أمير «داعش» في عرسال ويوقف المسؤول الأمني للتنظيم

نجح الجيش اللبناني أمس، في إطار عملية «نوعية» بمهاجمة مركز لتنظيم داعش عند أطراف بلدة عرسال الواقعة على الحدود الشرقية للبنان، ما أدّى إلى مقتل أمير التنظيم في المنطقة ومرافقه وإلقاء القبض على المسؤول الأمني لـ«داعش» في عرسال، في وقت أكّد وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل أن لبنان خط الدفاع الأول في مواجهة الإرهاب، مشددا على أن صمود جيشه على الجبهات الحدودية حماية للبنان ولعدة دول بالوقت نفسه.
وأعلنت قيادة الجيش في بيان أن عناصرها نفذت عملية استباقية ونوعية جديدة على الحدود اللبنانية الشرقية ضدّ «التنظيمات الإرهابية» لافتة إلى أنّه «بنتيجة الرصد والمتابعة، هاجمت قوّة من الجيش مركزًا قياديا لـ(داعش) في أطراف عرسال، واشتبكت مع عناصره، ما أدّى إلى مقتل كلّ من أمير (داعش) في منطقة عرسال المدعو فايز الشعلان الملقب بـ(أبو الفوز)، ومرافقه السوري أحمد مروّة، وتوقيف المسؤول الأمني لـ(داعش) في المنطقة، السوري محمد مصطفى موصلي الملقب بـ(أبو ملهم)، وأفادت إصابة 3 عسكريين بجروح طفيفة خلال الاشتباك».
وأوضحت القيادة أن «هؤلاء الإرهابيين قد شاركوا في قتال الجيش خلال العام 2014. وهم مسؤولون عن تجهيز عدد من السيارات المفخخة، والقيام بعدّة تفجيرات استهدفت مراكز الجيش ومدنيين في بلدة عرسال ومحيطها».
أما «الوكالة الوطنية للإعلام» فتحدثت عن «عملية نوعية» للجيش في وادي الحصن في جرود عرسال، «أدت إلى مقتل أحد كبار إرهابيي (داعش) نايف الشعلان في جرود عرسال ومرافقه أحمد مروة، إضافة إلى اعتقال مرافق آخر هو محمد موصلي وآخرين نقلهم الجيش إلى إحدى الثكنات». ولفتت الوكالة إلى إصابة عنصر من الجيش بجروح طفيفة نقل على أثرها إلى إحدى مستشفيات المنطقة، مشيرة إلى ضبط الجيش خلال العملية التي استمرت أكثر من ساعة، أسلحة وعتادا عسكريا.
من جهتها، قالت مصادر ميدانية من عرسال لـ«الشرق الأوسط»، إن «العملية تمت في منطقة يسكنها مدنيون باعتبار أن عناصر (داعش) وأميرهم كانوا يعيشون في إحدى الشقق التي تمت مداهمتها في الجهة الشمالية الغربية للمدينة، حيث تنتشر هناك أيضا مخيمات للاجئين السوريين»، لافتة إلى أن «وجود العشرات من عناصر (داعش) يعيشون فعليا داخل بلدة عرسال، وقسم منهم لا يتنقل على الإطلاق، فيما القسم الآخر يتنقل بحذر». وأوضحت المصادر أن أهل البلدة التي تستضيف نحو 120 ألف لاجئ سوري لقوا بارتياح عملية الجيش، لافتة إلى أنّهم يطالبون بـ«تكثيف العمليات المماثلة للقضاء كليا على تواجد المتطرفين في عرسال». وأضافت: «الكل يطالب بالأمن والاستقرار ونحن لا نريد حمل السلاح واعتماد منطق الأمن الذاتي، ونصر على أن مهمة الجيش وحده الحفاظ على سلامتنا».
والى جانب تواجد العشرات من عناصر «داعش» و«جبهة النصرة» داخل بلدة عرسال وفي مخيمات اللاجئين، تُعد جرود البلدة التجمع الأكبر لهم، وكانت «الشرق الأوسط» أول من كشفت قبل نحو عامين أن لـ«جبهة النصرة» هيئة شرعية ومكتب شكاوى في منطقة وادي عطا في عرسال، فيما لـ«داعش» محكمة شرعية في جرود البلدة. وأوضحت في حينها أن مساحة الأراضي اللبنانية التي يتحكم بها التنظيمان ويفرضان قوانينهما على سكانها تبلغ 4 في المائة من مساحة لبنان، لأنّ - كما هو معلوم - مساحة عرسال وجرودها تبلغ 5 في المائة من مجمل مساحة لبنان.
وتابع وزير الدفاع، نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، من موسكو تفاصيل العملية التي نفذها الجيش، وشدّد خلال مؤتمر الأمن الدولي المنعقد في روسيا على أن لبنان «هو خط الدفاع الأول في مواجهة الهجمات الإرهابية الشرسة، وبحكم موقعه يعد بوابة لجزء كبير من دول شرق البحر المتوسط»، لافتا إلى أنه «بصمود جيشنا الباسل على الجبهات الحدودية حماية للبنان ولعدة دول، لأن أي اهتزاز لهذا الصمود لن تكون هذه الدول بمنأى عن شرور وإجرام هذا الإرهاب». وأضاف: «لا نغالي إن قلنا إن استقرار لبنان هو استقرار للعالم، حيث إن دعم الجيش اللبناني وباقي الأجهزة الأمنية اللبنانية ينبغي أن يكون من أولويات الدول المناهضة للإرهاب لمواجهة هذه الآفة، خاصة أن القضاء على الإرهاب لا يمكن أن يتم دون تكافل وتضامن دول العالم لاقتلاعه في مكامن وجوده».
وعَدّ مدير معهد الشرق الأوسط والخليج للأبحاث العسكرية، رياض قهوجي أن «المخاوف على الحدود الشرقية للبنان لم تتلاش يوما لتعود لتبرز مجددا»، لافتا إلى أن «هروب مجموعات من (داعش) من تدمر السورية والمناطق المحيطة إلى حدود لبنان، لا شك، زاد عدد عناصر التنظيم في الأراضي اللبنانية وبالوقت عينه المخاوف من عمليات يقوم بها». وقال رياض قهوجي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا بقي الجيش بالمرصاد وكثّف من عملياته الاستباقية فالوضع سيبقى تحت السيطرة»، مشددا على وجوب أن «تترافق جهوزية الجيش مع استمرار عمليات تسليحه، بالإضافة إلى تحصين الوضع السياسي الداخلي لقطع الطريق على محاولات التنظيم تسويق نفسه من خلال الاستفادة من التوترات المذهبية والطائفية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.