المبعوث الأممي يتوقع اتفاقا يمنيا رغم تباعد مواقف الوفدين

منع المشاركين في مشاورات الكويت من التصريح للإعلام.. ووفد الشرعية يحتج على «جرائم» الميليشيات في تعز و«حوثنة الدولة»

أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لدى استقباله المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد (إ.ب.أ)
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لدى استقباله المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد (إ.ب.أ)
TT

المبعوث الأممي يتوقع اتفاقا يمنيا رغم تباعد مواقف الوفدين

أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لدى استقباله المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد (إ.ب.أ)
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لدى استقباله المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد (إ.ب.أ)

تترنح المشاورات اليمنية – اليمنية في الكويت بين مواقف متباينة لأطرافها بخصوص القضايا المدرجة على جدول الأعمال والخلافات المستعصية بخصوص ترتيب أولوية نقاش، وتطبيق النقاط التي تتضمنها أجندة الاجتماعات، وبين دفعات تفاؤل يبثها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد للمراقبين بخصوص مستقبل هذه الجولة من المشاورات، في ظل تصعيد ميداني كبير من قبل الميليشيات الحوثية على مختلف الجبهات، يهدد بإعاقة أي محاولة للدخول في مشاورات حقيقة لإنهاء الحرب وإعادة السلام.
وبعد ثمانية أيام على بدء المشاورات في دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة، ما زال الخلاف قائما بين وفدي الحكومة اليمنية والمتمردين (الحوثي – صالح)؛ بسبب تعنت الأخير ورفضه البدء في مناقشة أجندة جدول الأعمال، بحسب أهميتها، رغم أن مساعي الوساطة التي بذلها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والمبعوث الأممي وسفراء الدول الـ18 الراعية لعملية السلام في اليمن، أفضت إلى الاتفاق على مناقشة النقاط الخمس، التي يتضمنها جدول الأعمال، بصورة متزامنة، أن مواقف وفد المتمردين تتقلب وتعيد النقاشات إلى بداياتها الأولى.
ورغم التباينات الواضحة في المشاورات بين الأطراف اليمنية، فإن وكالة الأنباء الكويتية الرسمية «كونا» ذكرت في تقرير لها، أمس «أن المشاورات اليمنية التي تجري في الكويت تقترب من إنجاز اتفاق تاريخي بعد إحرازها تقدما كبيرا حول الإطار العام الذي اقترحته الأمم المتحدة ويوضح هيكلية وإطار العمل بالنسبة إلى المحاور السياسية والأمنية والاقتصادية في المرحلة المقبلة». ونقلت الوكالة عن ولد الشيخ ومسؤولين آخرين تلميحات إلى «بلوغ وشيك لإنجاز حدث كبير تتضح ملامحه شيئا فشيئا لاسيما بعد أن قطع ممثلو الوفود اليمنية خلال مشاوراتهم التي لم يتحدد لها جدول زمني أهم الخطوات المتمثلة في تثبيت وقف إطلاق النار، وتفعيل لجنة التهدئة، والتواصل مع اللجان المحلية المعنية بمراقبة الهدنة».
وواصل، أمس، المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لقاءاته بالوفدين، كل على حدة، بعد أن فشلت مساعيه في جمع طرفي النزاع إلى طاولة واحدة سوى مرة واحدة، طوال الأيام الماضية. ويؤكد المراقبون أن العودة إلى مثل هذه اللقاءات تعد بمثابة انتكاسة وعودة للوراء في المشاورات. وقد أكدت مصادر في المشاورات لـ«الشرق الأوسط» أن وفد الحكومة الشرعية تقدم بخطة متكاملة لعملية تسليم السلاح الثقيل والمتوسط، من قبل الميليشيات، إلى الدولة تطبيقا للقرار الأممي، في وقت طالب ولد الشيخ الطرفين بتقديم خطط واضحة ومتكاملة.
وتنصب جهود مبعوث الأمم المتحدة للأزمة اليمنية في اتجاه إيجاد آليات تضمن تطبيق القرار الأممي وتقبل بها الأطراف كافة، وبحسب مصدر في المشاورات لـ«الشرق الأوسط»، فإن مواقف المتمردين تتلخص في الرفض والتملص من تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216، من خلال التمسك بمواقف مسبقة جاءوا بها إلى المشاورات، ومنها تمسكهم الشديد بوقف تحليق طيران التحالف ومناقشة الجانب السياسي والمتعلق بتشكيل ما يشبه حكومة وحدة وطنية، يريدون أن يكونوا ممثلين فيها بشكل كبير وربما بشكل معطل، كما تقول تلك المصادر.
وأكد مسؤولون يمنيون أن حكومة بلادهم تتعاطى بمرونة مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في كل القضايا المتعلقة بالمساعي للتوصل إلى سلام وغيرها من القضايا. وقال الدكتور محمد عبد المجيد قباطي، وزير الإعلام اليمني لـ«الشرق الأوسط»، تعليقا على المشاورات الجارية في الكويت: «نحن أمام تلاعب ومماطلة من قبل طرف الانقلابيين»، وإن وفد الحكومة الشرعية «قبل كل ما قدمه المبعوث الأممي فيما يخص جدول الأعمال، وقبل ما طرح من اقتراحات بخصوص تزامن مناقشة المقترحات». وأكد الوزير اليمني أن «عملية التنفيذ تتمثل أولا في انسحاب الميليشيات من العاصمة صنعاء، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط، وبعد ذلك الحديث عن الترتيبات الأمنية، ثم الترتيبات السياسية»، وتحدث الوزير اليمني لـ«الشرق الأوسط» عن الطريق أو الحل الآخر لتطبيق القرار الأممي 2216، وهو استخدام القوة. وقال: «نشعر أن هؤلاء (الانقلابيين) يحاولون لي ذراعنا من زاوية الكلفة البشرية الكبيرة لاستعادة العاصمة صنعاء بالقوة، وحينها سيكون المجتمع الدولي قد أدرك أنه لم يعد أمام الشرعية والتحالف سوى سلوك هذا الطريق، وذلك من واقع مماطلة الانقلابيين وتعنتهم ورفضهم لتطبيق قرارات الشرعية الدولية»، مؤكدا أن «للمماطلة والتسويف والتلاعب وعدم تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، كلفة بشرية أيضا وخسائر مادية باهظة يدفعها الشعب اليمني».
وتقدم وفد الحكومة اليمنية، أيضا، بتقرير مفصل ينطوي على تحذير من انهيار مؤسسات الدولة اليمنية اقتصاديا، ووفقا للمصادر، فقد تضمن التقرير عشرات الحالات لما سميت بـ«جرائم تجريف مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية عبر تسجيل عشرات الآلاف من الأسماء موظفين ومنتسبين للمؤسسات الأمنية والخدمة المدنية لشل عمل المؤسسات وخلق واقع مختل يدمر الدولة باليمن من الداخل». وقد أطلقت على تلك العملية تسمية «حوثنة الدولة اليمنية»، من خلال «فرض عشرات الآلاف من التابعين للحوثي بشكل غير قانوني وقسري على أجهزة الأمن والجهاز الإداري بالدولة».
إلى ذلك، ألزمت الأمم المتحدة المشاركين في مشاورات السلام بعدم الإدلاء بأي تصريح إعلامي، من دون إصدار تفسير لهذا المنع، مشيرة إلى أن المشاركين وقّعوا على «بيان شرف إعلامي»، مع استثناء المبعوث الخاص إلى اليمن، الذي سيعقد مؤتمرات صحافية دورية ويصدر بيانات إعلامية في ختام كل يوم عمل حتى يبقى الإعلام على معرفة بتطور المشاورات.
ولفتت الأمم المتحدة إلى أن إسماعيل ولد الشيخ أحمد تسلم رسالة من عبد ربه منصور هادي الرئيس اليمني، قدمها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية موجهة للأمين العام للأمم المتحدة للترحيب بالبيان الذي صدر عن رئيس مجلس الأمن في الأمم المتحدة المتعلق بتطورات الأخيرة في اليمن.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.