الأمن القومي اقترح على الأسد تسليم موقوفين إلى نصر الله أو عون قبل «استحقاقات داخلية»

«الشرق الأوسط» تنشر الحلقة الخامسة من وثائق دمشق المسربة

الأمن القومي اقترح على الأسد تسليم موقوفين إلى نصر الله أو عون قبل «استحقاقات داخلية»
TT

الأمن القومي اقترح على الأسد تسليم موقوفين إلى نصر الله أو عون قبل «استحقاقات داخلية»

الأمن القومي اقترح على الأسد تسليم موقوفين إلى نصر الله أو عون قبل «استحقاقات داخلية»

تنشر «الشرق الأوسط» ضمن سلسلة الوثائق الرسمية السورية المسربة، وثيقة تحت عنوان «مذكرة باطلاع رئيس الجمهورية حول السجناء اللبنانيين في سوريا» موقعة باسم رئيس مكتب الأمن القومي الراحل اللواء هشام بختيار. ويوزّع الموقوفون اللبنانيون في سوريا، وفق هذه المذكرة، إلى ثلاث لوائح، كما تقدّم فيها اقتراح إصدار عفو رئاسي بالموقوفين الذين ينوي تسليمهم إلى الجانب اللبناني، وعددهم 108 موقوفين، وتسليمهم إلى أمين عام حزب الله حسن نصر الله، أو رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون دعما له وللقوى الوطنية اللبنانية، على أن يجري هذا التسليم على مراحل وبتواريخ معينة تسبق بعض الاستحقاقات الداخلية اللبنانية بناء على طلب عون في الاجتماعات التي حصلت معه ومع مفوضين من قبله، وتشير المذكرة إلى أن عون مرغم على الظهور بمظهر الداعم لتحرك جمعية «سوليد»، كونه يعلم حقيقة نوايا «قوى 14 آذار».
وتقترح المذكرة التي حصل عليها مركز «مسارات»، وتنشر فحواها «الشرق الأوسط»، التركيز على احتمال وجود المفقودين في مقابر جماعية دفنوا فيها خلال الحرب الأهلية، على غرار ما حصل مع أربعة لبنانين كانوا في عداد المفقودين، وخصوصا في حالة الموقوفين الذين لا ترغب الأجهزة المعنية إعطاء معلومات حولهم.
ووزعت المذكرة 289 موقوفا على ثلاث لوائح، أشارت في الأولى إلى أن 153 لبنانيا من الذين وردت أسماؤهم في اللائحة المقدمة من لبنان، كانوا موقوفين في سوريا وأخلي سبيلهم، ولفتت في الثانية والثالثة إلى وجود ما مجموعه 136 موقوفا لديها، مؤكدة في الثانية أنّ 28 منهم لا يزالون يقضون أحكاما بجرائم مختلفة، وفي الثالثة أنّ 108 من بينهم 80 موقوفا بجرائم مختلفة أيضا، بينما الـ28 الآخرون موقوفون بجرائم «تدعو إلى التحفظ عليهم وعدم إعطاء أي معلومات عنهم لأي جهة خارجية أو الإفراج عنهم وخاصة أنه لم ترد أسماؤهم في لوائح المطالبة اللبنانية».
وجاء في المذكرة: «إنه بعد خروج القوات السورية من لبنان في أبريل (نيسان) 2005 تضاعفت جهود قوى 14 آذار بدعم خارجي في فبركة جهود الزور لإثبات الاتهامات السورية في ملفي مقتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وما يسمى بالمفقودين في السجون السورية. وكان الملف الأول قد أخذ طريقه نحو مجلس الأمن، أما الملف الثاني فقد جرت محاولات كثيرة لجعله ملفا فعالا في مجلس حقوق الإنسان من دون جدوى، لكنه لا يزال ورقة ضاغطة على سوريا إعلاميا وعثرة في تحسين العلاقات السورية اللبنانية تستثمره قوى 14 آذار وتتفرغ له المنظمة اللبنانية (سوليد) إعلاميا وتهدد لجعله كملف اغتيال الحريري في مجلس الأمن الدولي».
وأضافت المذكرة «قمنا لاحقا بترخيص جمعية سورية لمفقودين سوريين في لبنان بالتنسيق مع بعض القوى الوطنية اللبنانية وتفعيلها لمواجهة (سوليد) اللبنانية والتشويش على عملها وتوضيح النوايا الحقيقية للقوى المتآمرة على سوريا ومحور المقاومة وأجرينا إحصائيات عن كافة السوريين الذين فقدوا في لبنان في ظروف غامضة حيث بلغوا 1090 شخصا، من بينهم 283 عسكريا، وفرضنا ملفا بالمفقودين السوريين في لبنان على اللبنانيين».
وأشارت المذكرة إلى «أنّه في تاريخ 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2005 (جرى) تشكيل لجنة سورية – لبنانية مشتركة بالاتفاق بين البلدين للبحث في قضيتي المفقودين اللبنانيين في السجون السورية والمفقودين السوريين في لبنان. وتقدم الجانب اللبناني بلوائح ضمت 725 لبنانيا على أنهم فقدوا في سوريا، بينما تقدم الجانب السوري بلوائح ضمت 1090 سوريا فقدوا في لبنان. ولا تزال اللجنة قائمة واجتماعاتها مستمرة. وتقدم مؤخرا الجانب اللبناني بطلب شطب أربعة أسماء من اللوائح بعد العثور على جثثهم في إحدى المقابر الجماعية في لبنان وهم: روبير أبو سرحال، وجورج بشور، وميلاد العلم، وجان خوري. وهذا عامل يمكن التركيز عليه، أي أن آخرين سيعثر عليهم في المستقبل في مقابر جماعية دفنوا فيها خلال الحرب الأهلية، وخصوصا في حالة الموقوفين الذي لا ترغب الأجهزة المعنية إعطاء معلومات حولهم؛ أحياء متحفظ عليهم، محكومون بالإعدام قيد التنفيذ، منفذ بحقهم حكم الإعدام، وفاة طبيعية خلال توقيفهم.. وتكريس وضع هذا الملف على أنه مجرد ورقة سياسية للضغط على سوريا».
وأفادت المذكرة أنّه «على ضوء دراسة الأسماء الواردة في اللوائح المقدمة من الجانب اللبناني عن المفقودين اللبنانيين في سوريا، أعددنا اللوائح التالية:
- لائحة بـ153 لبنانيا ورد عنهم أنهم من عداد المفقودين في سوريا حسب ادعاءات الجانب اللبناني، وتبيّن لدينا أنهم كانوا موقوفين لدينا بجرائم مختلفة وأخلي سبيلهم.
- لائحة بـ28 لبنانيا ورد عنهم أنهم في عداد المفقودين في سوريا حسب ادعاءات الجانب اللبناني، وتبين أنهم موقوفون لدينا ولا يزالون حتى تاريخه يقضون أحكامهم بجرائم مختلفة، ويمكن تسليمهم إلى وزارة الداخلية اللبنانية، وخصوصا المحكومين بتهم جنائية، لاستكمال الأحكام الصادرة بحقهم في السجون اللبنانية استنادا لاتفاقيات أمنية سابقة بين البلدين، أو إصدار عفو رئاسي بالمذكورين وتسليمهم إلى ميشال عون أو السيد حسن نصر الله مما يتيح للقوى الوطنية اللبنانية الاستفادة من هذا الإجراء.
- قمنا بالبحث في سجون القطر عن موقوفين لبنانيين آخرين لدينا، فتبين وجود 108 موقوفا لبنانيا لم ترد أسماؤهم بلوائح المطالبة اللبنانية، منهم 80 لبنانيا موقوفين لدينا بجرائم مختلفة، ويمكن تسليمهم إلى وزارة الداخلية اللبنانية استنادا لاتفاقيات أمنية سابقة بين البلدين أو إصدار عفو رئاسي بالمذكورين، وتسليمهم إلى السيد ميشال عون. و28 لبنانيا موقوفين بجرائم تدعو إلى التحفظ عليهم وعدم إعطاء أي معلومات عنهم لأي جهة خارجية أو الإفراج عنهم، وخاصة أنه لم ترد أسماؤهم في لوائح المطالبة اللبنانية.
* نقترح:
- إصدار عفو رئاسي بالموقوفين المقترح تسليمهم إلى الجانب اللبناني وعددهم 108 موقوفين، والتحفظ على باقي الموقوفين وتسليمهم إلى السيد ميشال عون دعما له وللقوى الوطنية اللبنانية، وإثبات النوايا الحسنة لدى سوريا، على أن يجري هذا التسليم على مراحل وبتواريخ معينة تسبق بعض الاستحقاقات الداخلية اللبنانية بناء على طلب ميشال عون في الاجتماعات التي حصلت معه ومع مفوضين من قبله. مع العلم أن عون مرغم على الظهور بمظهر الداعم لتحرك جمعية «سوليد»، كونه يعلم حقيقة نوايا قوى 14 آذار، ولذلك لا يمكنه ترك هذا الملف لاستغلال هذه القوى والسماح لها بتكريس نفسها على أنها تدافع عن الموقوفين اللبنانيين في سوريا خصوصا القوى المسيحية منها.
- تزويد السيد ميشال عون بلوائح اللبنانيين المخلى سبيلهم الذين ورد عنهم في اللوائح اللبنانية أنهم مفقودون في سوريا.


 



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.