ليبيا: معركة حول النفط بين حكومة الشرق ومجلس السراج تعمق الانقسامات في البلاد

الجيش يطلق عملية عسكرية لتحرير مدينة سرت

ليبيا: معركة حول النفط بين حكومة الشرق ومجلس السراج تعمق الانقسامات في البلاد
TT

ليبيا: معركة حول النفط بين حكومة الشرق ومجلس السراج تعمق الانقسامات في البلاد

ليبيا: معركة حول النفط بين حكومة الشرق ومجلس السراج تعمق الانقسامات في البلاد

هيمنت، أمس، المخاوف من تصاعد هجمات تنظيم داعش على حقول النفط على المشهد السياسي في ليبيا، في وقت حث فيه رئيس بعثة الأمم المتحدة مارتن كوبلر، جميع الأطراف الأمنية على احترام سلطة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، على موارد ليبيا الطبيعية.
وأعرب كوبلر، في بيان له أمس، عن قلقه البالغ إزاء التوغلات الأخيرة التي قام بها التنظيم المتطرف في منطقة الهلال النفطي والهجمات التي تم شنها ضد الحقول النفطية، وقال إن «هجمات ما يسمى تنظيم داعش، وعزمه السيطرة على مناطق استراتيجية تعد تهديدًا ضد منشآت النفط في ليبيا»، لافتا النظر إلى أن «هذا يشكل اعتداء خطيرًا ليس فقط على شريان حياة الاقتصاد الوطني الليبي، وإنما على معيشة ملايين الليبيين العاديين، حيث يعاني كثير منهم من المشقة جراء النزاع السياسي والعسكري في ليبيا».
وذكّر كوبلر جميع الأطراف بقرار مجلس الأمن «2278»، الصادر نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، الذي يدين محاولات تصدير النفط الخام بصورة غير مشروعة من ليبيا، بما في ذلك من قبل المؤسسات الموازية التي لا تعمل تحت سلطة حكومة السراج، مؤكدًا مسؤولية الحكومة في اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع التصدير غير المشروع للنفط الخام من ليبيا.
لكن الحكومة الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني وتتخذ من مدينة البيضاء في شرق ليبيا مقرا لها، تجاهلت تصريحات كوبلر ومضت في خطوة تعد تحديا رئيسيا لحكومة السراج، وسيرت في المقابل ناقلة نفط كانت تحمل علم الهند، غادرت ميناء الحريقة بشرق البلاد ليلا أول من أمس.
وفى خطوة جريئة قد تعمق الانقسامات التي أدخلت البلاد في حالة من الفوضى منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. قال المتحدث باسم مؤسسة النفط الموازية في الشرق محمد المنفي إن الناقلة غادرت الحريقة وعلى متنها 650 ألف برميل من النفط الخام متجهة إلى مالطا، فيما قال التلفزيون الحكومي في مالطا إن الناقلة تبحر في المياه الدولية بالقرب من مالطا، بينما قالت مديرية الموانئ في الجزيرة إنها لم تحصل على إذن بالرسو في البلاد وإنها سترفض أي طلب.
وطلب مبعوث ليبيا لدى الأمم المتحدة الموالي لحكومة السراج بطرابلس، من مجلس الأمن الدولي وضع السفينة على القائمة السوداء، وقال لوكالة «رويترز» إنه كتب إلى لجنة العقوبات بمجلس الأمن الشكوى بشأن الشحنة.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة قلقة بشأن مبيعات النفط الليبي خارج الأطر القانونية، موضحة أن جميع المبيعات ينبغي أن تمر عبر المؤسسة الوطنية للنفط التي يوجد مقرها طرابلس. وتابعت الوزارة قائلة إن «جميع مشتريات النفط الليبي ينبغي أن تستمر من خلال المؤسسة الوطنية للنفط، للحفاظ على استقرار ومصداقية النفط الليبي في الأسواق العالمية».
وكانت الولايات المتحدة تدخلت في الماضي لمنع مبيعات غير قانونية للنفط الليبي، ومنها إرسال قوات خاصة في 2014 لاعتلاء ناقلة قبالة سواحل قبرص كانت محملة بنفط خام شحنته جماعة تسعى لمزيد من الحكم الذاتي في شرق ليبيا. وأجبرت القوات الأميركية السفينة على العودة. وقال مسؤول أميركي كبير آخر إن بلاده «ستدرس كل الآليات المناسبة لمواجهة الموقف»، وتجنب الخوض فيما إذا كانت واشنطن قد تنفذ عملية مماثلة، فيما قال مسؤول أميركي آخر: «هذا سيئ جدا بالنسبة لليبيا، وينطوي على تهديد كبير لقابلية أي حكومة ليبية على البقاء». ومن بين المخاوف الأميركية أن مثل هذه المبيعات قد تصبح مصدر تمويل مشتريات أسلحة للفصائل التي تقاوم سلطة حكومة الوحدة.
وقد قال مجلس الأمن الدولي نهاية الشهر الماضي إن لدى حكومة السراج مسؤولية أساسية، تتمثل في منع المبيعات غير القانونية للنفط، وحثها على إبلاغ لجنة الأمم المتحدة التي تشرف على العقوبات المتعلقة بليبيا بأي محاولة غير قانونية لبيع الخام.
إلى ذلك، نفت وزارة الدفاع الإيطالية تلقيها طلبا رسميا من جانب حكومة السراج لتقديم مساعدات عسكرية، كما استبعدت إمكانية إرسال بعثة للدفاع عن حقول النفط من الهجمات الإرهابية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.