إعلان تراث لوركا إرثًا وطنيًا إسبانيًا

كان يعتز بانتمائه العربي

فدريكو غارثيا لوركا
فدريكو غارثيا لوركا
TT

إعلان تراث لوركا إرثًا وطنيًا إسبانيًا

فدريكو غارثيا لوركا
فدريكو غارثيا لوركا

أعلنت الحكومة المحلية لإقليم مدريد، بطلب من وزارة الثقافة الإسبانية، اعتبار تراث الأديب الإسباني فدريكو غارثيا لوركا (1889 - 1936) من تراث إسبانيا الوطني، ومنعت بيع أي قطعة منه إلى خارج إسبانيا.
وجاء في تصريح لخوسيه ماريا لاساجي، سكرتير الدولة للثقافة، لصحيفة الـ«باييس» الإسبانية أن «فدريكو غارثيا لوركا، وبونويل، ودالي، وبيكاسو من الأسماء الرئيسية للثقافة الإسبانية في القرن العشرين. ولا يمكن لنا التفريط بتراثه، ولا أن نعرضه للخطر». وقالت رئيسة الحكومة المحلية لإقليم مدريد، كريستينا ثيفوينتيس: «بهذا القرار نكون قد حققنا أقصى حد ممكن لحماية تراث لوركا».
وقد أعرب غارثيا مونتيرو، القائم بأعمال رئيس بلدية غرناطة، جنوب إسبانيا، عن ارتياحه للقرار، وقال إنه «سعيد وراض عن القرار»، ويأمل بجمع كل تراث لوركا في مكان واحد، وهو «مركز لوركا» في غرناطة. وطالب فرانثيسكو بوينتيدورا، عضو المجلس البلدي في غرناطة، بأن تقوم وزارة الثقافة بجمع تراث لوركا كله في غرناطة - المدينة التي ولد فيها، وفيها قتل.
وتحتفظ جمعية غارثيا لوركا، في دار إقامة الطلاب في مدريد، بنحو 46 رسما أصليا للشاعر لوركا، و2343 قصاصة بخطه، و300 قطعة من ممتلكاته، وأكثر من أربعة آلاف من كتبه، فضلا عن مئات الوثائق والصور المتعلقة به، و125 كتابا مهدى إليه من قبل مؤلفيها، ورسائله المتبادلة، ومنها 167 رسالة كتبها إلى عائلته وأصدقائه، و2000 رسالة موجه إليه.
ومن ضمن ممتلكاته لوحات ورسوم للفنان سلفادور دالي، ورامون غويا، ورافائيل باراداس، وخوسيه كاباجيرو، وبينخامين بالنثيا، وكذلك أخبار ومقالات وكتب تحدثت عن لوركا بالإسبانية، وبلغات أخرى، وهي في مجموعها تصل إلى 19 ألف وثيقة.
ومعلوم أن فدريكو غارثيا لوركا، المولود في بلدة فوينتي باكيرو التابعة لمحافظة غرناطة، عام 1898، يعتبر أبرز كتاب إسبانيا، وأشهرهم عالميا، وقد درس في غرناطة، ثم في مدريد وفي الولايات المتحدة، وزار الكثير من دول أميركا اللاتينية، ووقف إلى جانب الضعفاء والمهمشين، ودافع عن الموريسكيين والوجود العربي في إسبانيا، وانتقد الملكة إيزابيل الكاثوليكية لإسقاطها مملكة غرناطة العربية، وكان يصرح لأصدقائه في الولايات المتحدة بأنه سليل عائلة عربية في غرناطة، وبلغ اعتزازه بالعرب وبمملكة غرناطة العربية أنه في أحد المؤتمرات في كاتالونيا تعمد أحد الأدباء إهانته قائلا له: من أين أنت؟ فرد عليه لوركا: «أنا من مملكة غرناطة».
وما أن نشبت الحرب الأهلية الإسبانية، عام 1936، حتى كان لوركا أول من لقي حتفه فيها، حيث حكم عليه بالإعدام، واقتيد إلى بلدة بيثنار، يوم 18 أغسطس (آب)، وهناك تم إطلاق الرصاص عليه، ودفن في المكان نفسه، ولم يعثر على جثته حتى اليوم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».