موسكو تواصل تزويد النظام بأسلحة حديثة.. واستخدام سوريا حقلاً لاختبار أسلحتها

حشود روسية وقلق إزاء استئناف القتال بدعم روسي

محطة رادار روسية متطورة للرصد القريب من نوع «فارا-1» تسمح بمراقبة الهدف وتدميره في أي وقت من اليوم وصلت للنظام السوري أخيرا (صحيفة «روسيسكايا غازيتا»)
محطة رادار روسية متطورة للرصد القريب من نوع «فارا-1» تسمح بمراقبة الهدف وتدميره في أي وقت من اليوم وصلت للنظام السوري أخيرا (صحيفة «روسيسكايا غازيتا»)
TT

موسكو تواصل تزويد النظام بأسلحة حديثة.. واستخدام سوريا حقلاً لاختبار أسلحتها

محطة رادار روسية متطورة للرصد القريب من نوع «فارا-1» تسمح بمراقبة الهدف وتدميره في أي وقت من اليوم وصلت للنظام السوري أخيرا (صحيفة «روسيسكايا غازيتا»)
محطة رادار روسية متطورة للرصد القريب من نوع «فارا-1» تسمح بمراقبة الهدف وتدميره في أي وقت من اليوم وصلت للنظام السوري أخيرا (صحيفة «روسيسكايا غازيتا»)

في الوقت الذي عبر فيه بن رودس نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، عن قلق الولايات المتحدة حيال تقارير عن أن روسيا تنقل المزيد من المعدات العسكرية إلى سوريا، ترافق التصريح مع خبر آخر نقلته وسائل إعلام روسية حول تزويد موسكو لدمشق بنوعيات جديدة حديثة جدًا من التقنيات القتالية. وإذ لم تؤكد موسكو كما لم تنف المعلومات حول تحركات عسكرية برية روسية في سوريا، فإن إعلاميين مؤيدين للنظام السوري يرافقون تحركات قواته كانوا قد أكدوا أكثر من مرة في تقاريرهم وجود مساهمة برية روسية مركزة في العمليات، بما في ذلك بالمدفعية والراجمات الحديثة.
ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أمس، تقريرا ذكر أن «روسيا تنقل وحدات المدفعية إلى مناطق تمركز قوات النظام السوري»، الأمر الذي يوحي باستعدادات عسكرية سورية بدعم روسي مباشر لاستئناف القتال على نطاق واسع مع انهيار الهدنة عمليًا على الأرض.
موسكو التي لا تنفي تزويدها للنظام السوري بالعتاد الحربي، مبررة ذلك بأنه «دعم للسلطات الشرعية في حربها ضد الإرهاب»، زودت دمشق مؤخرًا بتقنية حديثة تسمح برصد الأهداف وإصابتها في ظروف انعدام الرؤيا، بينما تواصل استخدامها للحرب في سوريا لتجريب أنواع جديدة من الأسلحة الروسية. وكانت صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الحكومية الروسية قد ذكرت في ملحقها العسكري الصادر بتاريخ 22 أبريل (نيسان) أن «القوات الحكومية السورية قد تسلمت نوعًا جديدًا من الصناعات العسكرية الروسية الحديثة»، موضحة أن الحديث يدور عن محطة رادار للرصد القريب من نوع «فارا - 1»، التي تسمح بمراقبة الهدف ومتابعة تحركاته وتدميره في أي وقت من أوقات اليوم، وفي ظل غياب الرؤية بالعين المجردة أو المنظار.
وتضيف الصحيفة أن الجهاز الحديث الذي بدأت بعض وحدات قوات النظام السوري استخدامه عبارة عن لاقط هوائي أو رادار صغير الحجم يمكن تثبيته على الرشاشات أو قاذفات القنابل، وهو في الاستخدام العملي بمثابة العين التي تستطيع رصد تحركات الأفراد على مسافة كيلومترين، وتحركات الآليات والدبابات والعربات على مسافة 4 كيلومترات، ولا يستطيع الخصم الخروج عن نطاق الرؤية حتى في ظل حالة ظلام دامس جدًا، أو تساقط غزير للأمطار، أو الضباب الكثيف أو الدخان، أو الغبار. ويعتمد اللاقط في عمله على بطارية قابلة للشحن تعمل على مدار ست ساعات.
في غضون ذلك يواصل مجمع الصناعات الحربية الروسي استخدامه للأراضي السورية حقلا لاختبار منتجاته الجديدة. وهذا ما تؤكده صحيفة «روسيسكايا غازيتا» ذاتها والتي قالت في ملحقها العسكري إن «القوات الجوية الروسية قامت خلال عمليات ضد (داعش) في سوريا بأول اختبارات ضمن الظروف القتالية على قنبلة ذكية مزودة بجهاز تحديد ذاتي للهدف». وتقوم الطائرات برمي قنبلة وزنها 500 كغ تحتوي على عدد من «القنابل الذكية» التي تنفصل عن بعضها وتبدأ الهبوط بواسطة مظلات، وتقوم أثناء ذلك بعملية مسح للمنطقة باستخدام الأشعة تحت الحمراء، وعند رصد الهدف تثبت إحداثياته وتنطلق نحوه بسرعة ألفي متر في الثانية. وتقول الصحيفة إن الاستخدام الأول في حالة معارك حقيقية لهذه القنبلة جرى مطلع أكتوبر (تشرين الأول) خلال المواجهات في محيط مدينة حلب. وهذه ليست المرة الأولى التي تستفيد فيها روسيا من عمليتها العسكرية في سوريا كحقل تجارب على أسلحتها، إذ اختبرت أكثر من سلاح ضمن ظروف معركة حقيقية خلال المعارك في سوريا، ومن تلك الاختبارات عملية إطلاق صواريخ «كاليبر» من سفن في بحر قزوين نحو سوريا.
وكان بن رودس نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، قد قال إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق بشأن تقارير عن أن روسيا تنقل المزيد من المعدات العسكرية إلى سوريا.
وقال رودس: «ما نعرفه هو أن الرئيس بوتين تحدث علنا عندما قال إن روسيا ستسحب الأفراد العسكريين ووجودها العسكري في سوريا، ونعتقد أن الرئيس أوباما قال للرئيس بوتين بشكل مباشر عندما تحدثا على الهاتف قبل عدة أيام، إن روسيا ستركز مساعيها على العملية الدبلوماسية وعلى الحفاظ على اتفاق وقف الأعمال القتالية والعمل مع الحكومة السورية لحملها على التعامل بجدية مع عملية التفاوض والانتقال الذي سيحدث في نهاية المطاف».
وأدلى رودس بهذه التصريحات خلال مؤتمر صحافي في العاصمة السعودية الرياض الأسبوع الماضي، حيث حضر أوباما قمة مع زعماء دول الخليج العربية لمناقشة القضايا الأمنية الإقليمية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم