تدهور الوضع الأمني في حلب.. وتصعيد الغارات الجوية لليوم الثالث

عضو بالائتلاف: النظام يدفع باتجاه انهيار الهدنة وضرب فصائل ملتزمة بها

سوريون يعاينون الدمار الذي طال حي الصاخور في القسم الشرقي من حلب بعد غارة من طيران النظام أمس (إ.ف.ب)
سوريون يعاينون الدمار الذي طال حي الصاخور في القسم الشرقي من حلب بعد غارة من طيران النظام أمس (إ.ف.ب)
TT

تدهور الوضع الأمني في حلب.. وتصعيد الغارات الجوية لليوم الثالث

سوريون يعاينون الدمار الذي طال حي الصاخور في القسم الشرقي من حلب بعد غارة من طيران النظام أمس (إ.ف.ب)
سوريون يعاينون الدمار الذي طال حي الصاخور في القسم الشرقي من حلب بعد غارة من طيران النظام أمس (إ.ف.ب)

تدهور الوضع الأمني في مدينة حلب وريفها أمس؛ حيث قتل أكثر من 14 شخصا في قصف متبادل بين قوات النظام وقوات المعارضة، وسط غارات جوية نفذتها قوات النظام، تكثفت في الشمال والغوطة الشرقية بريف دمشق أمس؛ مما دفع المعارضة إلى التأكيد أن النظام «يدفع باتجاه انهيار الهدنة». وقال القيادي المعارض وعضو الائتلاف الوطني السوري هشام مروة، أن النظام «يعمل على خرق الهدنة منذ 57 يوما، وقد تجاوزت الخروقات ألفي خرق»، مشيرًا إلى أن النظام «يدفع باتجاه انهيار الهدنة، في حين أن استمرارها من طرف واحد، يصبح صعبا»، لكنه أكد في الوقت نفسه أن رد المعارضة على الخروقات «لا يعني أن الفصائل تعمل على إلغاء الهدنة، بل تعمل على الدفاع عن نفسها، وهو ما يبيحه القرار الدولي 2254».
وقال مروة لـ«الشرق الأوسط» إن التدهور الحاصل «يؤكد أكثر فأكثر للمجتمع الدولي أن النظام يعمل على إنهائها»، مشيرًا إلى أن النظام «يستهدف مناطق وفصائل ملتزمة بالهدنة، مثل جيش الإسلام في الغوطة الشرقية ومعرة النعمان وغيرها بالصواريخ الفراغية».
وشدد مروة على أن الخروقات «تثبت وجهة نظر المعارضة بخصوص تعليق مشاركتها في محادثات جنيف من غير الانسحاب منها»، قائلا: «النظام لا يحترم قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالانتقال السياسي وفك الحصار وإدخال المساعدات وإطلاق سراح المعتقلين، وهو ما يؤكد وجهة نظر المعارضة بأن النظام غير جاد في مفاوضات التوصل إلى حل سياسي، وأن المعارضة لا شريك لها بالرغبة في التوصل إلى حل سياسي، والتمسك به، في مقابل تمسك النظام بالحل العسكري». وأفاد موقع «الدرر الشامية»، أمس، بأن قصف النظام اتسع ليشمل أحياء المواصلات القديمة في حي الشعار وحي قارلق في حلب القديمة وحي الصالحين وحي السكري، كما استهدف الطيران الحربي والمروحي منطقة الراشدين وبلدة المنصورة وجمعية الصحافيين ومحيط البحوث العلمية غربي مدينة حلب بالبراميل المتفجرة والصواريخ العنقودية والفراغية بالتزامن مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمعارضة.
وكانت غرفة عمليات حلب التي تضم فصائل الجيش الحر، أهمها «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» و«فيلق الشام»، أصدرت بيانا، أول من أمس، طالبت فيه المجتمع الدولي بالضغط على النظام وحلفائه، وتوعدت بإسقاط وقف إطلاق النار، واستهداف مواقع النظام خلال 24 ساعة ما لم تتوقف هذه الغارات، وانتهت المهلة مساء أمس.
ميدانيا، قتل ثمانية مدنيين في الأحياء الشرقية إثر غارات مكثفة للطائرات الحربية السورية، بحسب ما قال مصدر في الدفاع المدني، موضحًا أنه «سقط خمسة قتلى جراء غارة جوية استهدفت سوقا للخضار في حي الصاخور»، كما قتل مدنيان آخران في قصف جوي على حي الشعار وثالث في حي الأتارب. وأشار المصدر إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع؛ بسبب سقوط إصابات كثيرة بينها حالات خطيرة.
وأفاد مراسل وكالة «الصحافة الفرنسية» بأن «المستشفيات الميدانية في الأحياء الشرقية تطلب التبرع بالدم جراء النقص وعدد الإصابات المرتفع في حي الصاخور».
وردت قوات المعارضة بقصف الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام؛ حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «مقتل ستة مدنيين بينهم طفلتان، جراء قذائف استهدفت أحياء منيان وحلب الجديدة والموكامبو».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن الطيران المروحي ألقى عدة براميل متفجرة على مناطق سيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة في حي الأشرفية بمدينة حلب، كما كثف الطيران الحربي قصفه لمناطق في طريق الكاستيلو ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الفصائل في منطقة السكن الشبابي في حي الأشرفية، ومناطق في حي الراشدين غربي حلب. ومدينة حلب مقسمة منذ العام 2012 بين أحياء شرقية واقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة وأخرى غربية واقعة تحت سيطرة قوات النظام. وتشهد منذ ذلك الحين معارك شبه يومية بين الطرفين، تراجعت حدتها بعد اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي دخل حيز التنفيذ في 27 فبراير (شباط) الماضي.
في غضون ذلك، تعرضت مناطق في بلدة بداما بريف جسر الشغور الغربي لقصف من قبل قوات النظام، كما تعرضت مناطق في مدينة زملكا بالغوطة الشرقية لقصف من قبل قوات النظام. وأفاد «المرصد السوري» بسقوط قذيفتين أطلقتهما قوات النظام على مناطق في أطراف مدينة عربين بالغوطة الشرقية، ترافق مع فتح قوات النظام لنيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في المدينة، في وقت تواصلت الاشتباكات بين تنظيم داعش من جهة، وجيش الإسلام وجبهة النصرة من جهة أخرى، في جنوب العاصمة وأطرافها من جهة، ريف دمشق الجنوبي؛ مما أدى إلى مقتل عنصرين من التنظيم.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.