مهرجانات «بيت مسك الدولية» تدخل سباق حفلات الصيف في لبنان

تفتتح بأصوات نجوم «ذا فويس».. وختامها مع 7 كوميديين عالميين

عازف موسيقى الجاز العالمي ارتورو ساندوفالعازف موسيقى الجاز العالمي ارتورو ساندوفال
عازف موسيقى الجاز العالمي ارتورو ساندوفالعازف موسيقى الجاز العالمي ارتورو ساندوفال
TT

مهرجانات «بيت مسك الدولية» تدخل سباق حفلات الصيف في لبنان

عازف موسيقى الجاز العالمي ارتورو ساندوفالعازف موسيقى الجاز العالمي ارتورو ساندوفال
عازف موسيقى الجاز العالمي ارتورو ساندوفالعازف موسيقى الجاز العالمي ارتورو ساندوفال

تدخل مهرجانات «بيت مسك الدولية» سباق حفلات موسم الصيف في لبنان، للسنة الثالثة على التوالي من خلال باقة من نجوم الغناء والموسيقى والكوميديا العالميين.
فقد أعلنت لجنتها عن برنامجها لصيف 2016، الذي سيجرى على مدى 4 ليالٍ متتالية تبدأ في 30 يونيو (حزيران) لتنتهي في 3 يوليو (تموز) المقبلين. ويتضمّن أمسيات موسيقية عربية وأجنبية، إضافة إلى استعراض كوميدي ضخم يشارك فيه سبعة من أهم الكوميديين في العالم وبينهم لبنانيان.
هذه المهرجانات التي أرادتها منظّمتها سارة أبوجودة مانوكيان، أن تضيء من خلالها ليالي منطقة المتن، كون بلدة «بيت مسك» النموذجية تقع فيها، لن تنافس فيها مهرجانات عريقة كبعلبك وبيت الدين وبيبلوس وغيرها، كما قالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، «بل ستنعش منطقة هي بأمسّ الحاجة إلى نشاطات بهذا المستوى الدولي».
4 ليال فنّية تحمل عروضًا منوّعة وترضي عدة شرائح اجتماعية، تتألّف منها روزنامة هذه المهرجانات، والتي كما ذكر جورج أبوجودة (مديرها العام)، ستكون واحدة من النشاطات التي تكافح الصور النمطية السلبية المحيطة في لبنان حاليًا. تستهل ليلة الافتتاح في 30 يونيو بحفلة غنائية طربية، يشارك فيها 5 نجوم من برنامج «ذا فويس»، وفي مقدّمتهم نداء شرارة وعبود برمدة. وسترافقهم فرقة موسيقية مؤلّفة من ثلاثين عازفًا. أما الأمسية الثانية منه والتي تصادف الأول من يوليو (1 تموز) المقبل، فسيحييها عازف موسيقى الجاز الكوبي العالمي ارتورو ساندوفال، والحائز على 10 جوائز من مهرجانات «غرامي» العالمية للموسيقى. ويعدّ ساندوفال من النجوم المعروفين في موسيقى الجاز الكوبية وأحد أهم روّادها في العالم.
أما في الثاني من يوليو، فاللبنانيون هم على موعد مع حفلة غنائية مميّزة يحييها البريطاني جون نيومان المعروف بأدائه لأغاني البوب وموسيقى «السول» وإيقاع الـ«بريك». وكان المغني البريطاني قد حصد في بلاده عام 2013، المرتبة الأولى عن أغنيته الفردية «Love me again».
ومسك الختام سيكون في الثالث من يوليو مع استعراض مسرحي كوميدي ضخم يشارك فيه سبعة من أهم نجوم الكوميديا في العالم، وبينهم روني تشانغ من ماليزيا وغلين وود من كندا، إضافة إلى آخرين من أستراليا وأميركا. كما سيشارك في هذه الأمسية الكوميدية بامتياز الكوميديان اللبنانيان جاد بوكرم المعروف باسمه الفنّي (oh my jad) وأنطوني سلامة المقدّم لبرنامج إذاعي ضاحك في لبنان.
وأشارت سارة أبوجودة مانوكيان إلى أنه تمّ تكبير المكان المستضيف للمهرجان، فاستحدثت مساحات أوسع تتسّع لنحو الألفين من الحضور، فيما كانت في السنوات الماضية لا تستوعب أكثر من ألف شخص.
وكان قد تمّ الإعلان عن برنامج مهرجانات «بيت مسك الدولية» في الغرفة الزجاجية في وزارة السياحة، ضمن مؤتمر صحافي حضره الوزير ميشال فرعون إضافة إلى كلّ من مدير المهرجان ومنظّميه ومستشار مجموعة (جي زي آي) بول عون.
وأكد وزير السياحة ميشال فرعون خلال إلقائه كلمة في المناسبة أن مهرجانات «بيت مسك الدولية» (summer misk festival)، تطوّرت بسرعة في السنوات الأخيرة ليصبح معلمًا ثقافيًا يوازي بأهميّته معالم لبنانية أخرى معروفة في هذا المجال. وأشار إلى أنه على الرغم من أن صيف لبنان سيحمل التناقضات تحت سقف واحد، في ظلّ أزماته البيئية والسياسية اللتين يتخبّط بهما، فإنه سيحمل في المقابل الأمن المستتّب في أرجائه، وكذلك الطاقة الإيجابية المستمدّة من حضارته العريقة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».