شبان يرسمون الحياة بأساليب مبتكرة في معرض «عشتار» ببغداد

رئيس جمعية التشكيليين العراقيين: رعاية المواهب التشكيلية مسؤوليتنا الحضارية

الفنانة التشكيلية مينا الحلو تتأمل أعمال المعرض ({الشرق الأوسط})
الفنانة التشكيلية مينا الحلو تتأمل أعمال المعرض ({الشرق الأوسط})
TT

شبان يرسمون الحياة بأساليب مبتكرة في معرض «عشتار» ببغداد

الفنانة التشكيلية مينا الحلو تتأمل أعمال المعرض ({الشرق الأوسط})
الفنانة التشكيلية مينا الحلو تتأمل أعمال المعرض ({الشرق الأوسط})

رغم كل الحراك المدني والسياسي ببغداد، يبرز الإنجاز التشكيلي كشاهد إبداعي على أن الحراك الفني يبقى في المقدمة دون أن يتأثر سلبيا، بل يضيف للحياة في هذه المدينة التي تتراجع وتنحسر فيها بقية المنجزات الثقافية والفنية مثل الموسيقى والمسرح والعمارة، ألوانا جديدة ومنجزات متطورة لتبقى للعاصمة العراقية هويتها الحضارية.
آخر تلك المنجزات هو افتتاح معرض مهرجان «عشتار» للشباب بنسخته الثامنة، الذي أقامته جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في قاعاتها في حي المنصور، قبالة متنزه الزوراء، الذي ضم أعمالا تشكيلية لما يقرب من 150 فنانا من الشباب وفي مختلف الإبداعات: الرسم والنحت والخزف، وتسمية الفائزين بجائزة «عشتار».
ومنذ البداية حمل المعرض السنوي اسم آلهة الجمال والمحبة والعطاء في سومر وبابل «عشتار» في دلالة على الارتباط بالجذور الحضارية لبلاد الرافدين، وأن السلالات البشرية لهذه الحضارات في هذا البلد تتواصل دون أن تقف في طريقها مناهج الإهمال والتخلف والتخريب. فانقطاعات الشوارع والجسور ومجاميع المتظاهرين لم تقف في طريق الجمهور الذي يعرف دربه إلى واحد من أهم مراكز الفن التشكيلي وأقدمها ببغداد المعاصرة، تلك هي جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين التي تأسست عام 1956 وصمم عمارتها البروفسور الراحل محمد مكية وتعاقب على رئاستها مجموعة من المبدعين العراقيين تشكيليا.
ما يقرب من مائة وخمسين لوحة ومنحوتة وأعمال خزفية لفنانين شباب ومن كلا الجنسين في معرض «عشتار» تؤكد وبما لا يقبل الشك بأن الحركة التشكيلية في العراق تمضي في خط بياني إبداعي تصاعديا، إذ إن هناك أعمالا تنتمي لتجارب حداثوية تنم عن رؤية عميقة لمعنى تنفيذ الفكرة الجمالية من حيث الأسلوب والألوان ومناقشة الواقع الحياتي من وجهة نظر تشكيلية دون أن تنزلق نحو المباشرة، في المقابل البعض من الشباب ما زالوا في بداية تجاربهم وهم يشتغلون في مناطق لفنانين كبار من الأجيال التي سبقتهم، خاصة جيلي السبعينات والثمانينات مع محاولة لإضفاء لمساتهم الشخصية لكن التأثير واضح وهذا مبرر كونهم ما زالوا يعملون في مرحلة التجريب حتى ينطلقوا بثقة نحو تأسيس أسلوبية تتناسب مع قدراتهم الإبداعية، أو يسبقوا في مساحة الفنانين الذين سبقوهم ولا يغادرونها وهذا شائع في الحركات التشكيلية، العربية منها خاصة.
ويطلق الفنان التشكيلي قاسم سبتي، رئيس جمعية التشكيليين العراقيين، على جيل المشاركين في معرض «عشتار» تسمية «فتية التشكيل الذين يتبارون وللعام الثامن على جائزة عشتار للشباب»، مشيرا إلى أن «هذه هي خطواتهم الأولى نحو تأكيد ذواتهم الطامحة والتي تزيدنا إصرارا على احتضان هذه القدرات النبيلة».
ويقول سبتي لـ«الشرق الأوسط» إن «رعاية هذه القدرات الإبداعية الشابة باتت في صلب مسؤوليتنا الأخلاقية، حيث أمست جمعية التشكيليين العراقيين تجيد دعم المواهب ورعايتها وتقديمها بما يتناسب ومنجزاتها الإبداعية لتمضي في تيار حركة الفن التشكيلي العراقي الذي هو في مقدمة المشهد التشكيلي عربيا وحتى عالميا؛ إذ تشارك أعمال الفنانين التشكيليين العراقيين اليوم في معارض دولية، فبعد أيام سيكون لنا معرض في بيروت تحت رعاية اليونيسكو، قبل أن ينقل المعرض وأعمال نحتية وخزفية مضافة إلى باريس».
وحول مقاومة الفنان التشكيلي العراقي للظروف الصعبة التي يمر بها البلد ومواصلته العمل وإقامة المعارض التشكيلية، يقول رئيس جمعية التشكيليين العراقيين إن «سنوات المحنة والظروف الصعبة التي نعيشها لم تزدنا سوى الإصرار على الإبداع، هذا هو البديل، أن لا نستسلم للخراب الذي دمر نواحي كثيرة في حياتنا ومنها العمارة والغناء وغياب فرص النحت وإقامة النصب وتسلط أشخاص أبعد ما يكونون عن الثقافة على مصير ثقافتنا وإبداعنا، ردنا نحن هو أن نبدع حتى يستمر تاريخنا الحضاري دون فجوات كبيرة»، مشيرا إلى أن «من ضمن مهماتنا الأولى هي الأخذ بالطاقات الإبداعية الشابة نحو الغد الذي نراه بتفاؤل، مشرقا ولكي نحافظ على منجز إبداعي ورثناه من روادنا الكبار».
اللوحات المعروضة التي نفذت ما بين زيت على كانفاص أو على ورق أو بواسطة ألوان الأكريليك على كانفاص وورق، ابتعدت كثيرا عن البورتريه أو الانطباعية بل مضت بجرأة نحو التجريد والتعبيرية والرمزية وإن كان هناك كثير من التشخيص الذي دخل كعنصر تعبيري أكثر مما هو واقعي.
وتعلق الفنانة التشكيلية الشابة مينا الحلو، مديرة مركز أوج بغداد الثقافي، التي كانت تتأمل بعمق تجارب الفنانين التشكيليين في معرض «عشتار» قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك قفزات جريئة في أعمال الشباب بهذا المعرض، خاصة في الرسم والنحت، وكان هؤلاء الفنانون يعبرون عن ردود أفعال صادمة عما يجري من حولهم،» مضيفة إلى أن «هناك تأثيرات عالمية وعراقية واضحة على أعمال قسم من المشاركين، وهناك أساليب مبتكرة تحتاج إلى العمل أكثر ودراسة وصبر كي تكرس لأسلوبية الفنان ذاته».
وتعبر الحلو عن تفاؤلها بأن «مثل هذه المعارض وفي ظل ظروف صعبة للغاية تمنحنا شعورا بأن لا مجال للمبدعين العراقيين إلا أن يمنحوا ألوانا جديدة من التطلع للغد ولحياة أفضل». وتقول: «لست منحازة للنساء لكن الفنانات الشابات المشاركات لهن في هذا المعرض وجود واضح بعد أن كان عدد التشكيليات العراقيات لا يتجاوز عدد أصابع اليد، وهناك تأثير لفنانات عراقيات من جيل الستينات على أعمال فنانات شابات وشباب في أعمال المعرض، خاصة تأثيرات الفنانة التشكيلية الراحلة ليلى العطار».
ثلاثة رسامين حصدوا جوائز «عشتار» للرسم، ليست بينهم شابة، وهم: علي هاشم الجائزة الأولى، والثانية كانت من حصة علاء الدين محمد، بينما الثالثة كانت من حصة وسام عبد جزي. ويعلق رئيس جمعية التشكيليين قائلا: «على مدى العامين الماضيين فازت فنانات شابات بجوائز (عشتار)، وفي هذا المعرض كانت هناك جائزتان تقديريتان لشابتين في فن الرسم». أما جوائز «عشتار» التقديرية فكانت من حصة كل من: أس الغرابي، إياد بلادي، عباس هاشم، شهد المولى، سهاد أحمد، رأفت زهير وحسين هاشم. وحصل كل من حيدر عاتي وعلاء سمير وجمال المختار وعلي عبد المطلب على الجائزة التقديرية في النحت، بينما حصل علي قاسم على جائزة تقديرية في الخزف.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.