«الاتجار بالبشر» في لبنان.. جريمة بوجوه متعددة

اللجوء السوري يفاقم انتشاره والنساء والأطفال أبرز ضحاياه

«الاتجار بالبشر» في لبنان.. جريمة بوجوه متعددة
TT

«الاتجار بالبشر» في لبنان.. جريمة بوجوه متعددة

«الاتجار بالبشر» في لبنان.. جريمة بوجوه متعددة

يشكّل «الاتجار بالبشر» أحد أبرز وجوه الفساد المستشري في لبنان. فهذه الظاهرة القديمة الجديدة المنتشرة في المجتمعات اللبنانية بوجوه وأساليب متعددة بدأت تتفاقم مع أزمة اللجوء السوري بحيث تحوّل اللاجئون الذين تخطى عددهم المليون ونصف المليون شخص، ولا سيّما النساء منهم والأطفال، إلى الهدف الأساسي والحلقة الأضعف.
من الدعارة إلى ظاهرة التسوّل التي تشهد عليها شوارع المناطق اللبنانية ويقف خلفها شبكات تستغل الأطفال وعائلاتهم في أحيان كثيرة، إضافة إلى بيع الأطفال تحت عنوان «التبنّي» والمعلومات التي يجري التداول بها حول «بيع الأعضاء» إنّما بوتيرة محدودة، كلّها جرائم تمارس منذ سنوات في لبنان، بعلم أو على الأقل بتجاهل من قبل السلطات المعنية. ولعلها كانت قد بقيت على ما هي عليها لو لم يتم الكشف بالصدفة قبل أسابيع قليلة عن أكبر شبكة للدعارة وتحرير عشرات الفتيات من قبضتها، ليفتح معها باب «الاتجار بالبشر».
لم يأتِ وضع لبنان في التقرير السنوي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، الذي تصدره الولايات المتحدة الأميركية، على قائمة المراقبة للبلدان المصنفة في الفئة الثانية من لا شيء. إذ أكد التقرير الأخير، الذي نشر في يوليو (تموز) 2015، أن لبنان لا يلتزم بأدنى المعايير لمكافحة الاتجار بالأشخاص، كما أنه لم يقدم خدمات دعم وحماية للضحايا، بل يتكل في ذلك على منظمات غير حكومية. هذا مع العلم، أنّ الضابط الذي نجح في الكشف عن الشبكة الأخيرة في لبنان، كان قد خضع لدورة تدريبية لـ«مكافحة الاتجار بالبشر» ضمن برنامج «الزائر الدولي القيادي» (IVLP) الذي تنظمه الولايات المتحدة، حسبما كشف المدوّن اللبناني جوني رعيدي الذي سبق له أيضًا أن شارك في البرنامج.
ويشير أكثر من مصدر إلى أن دائرة «التبني غير الشرعي» بدأت تتوسّع مع اللجوء السوري، مع التأكيد على أنها كانت موجودة في لبنان قبل سنوات وتعود إلى مرحلة الحرب الأهلية، بحيث وثّقت آلاف حالة بيع وشراء أطفال لبنانيين.
وفي هذا الإطار، تؤكد زينة علّوش، مؤسسة «جمعية بدائل»، أن هناك الكثير من المعطيات التي تثبت وجود حركة بيع أطفال ناشطة في لبنان تحت غطاء «التبني»، وأن هذا الأمر يتزايد عادة في أزمات اللجوء وما يترافق معها أيضًا من تزويج القاصرات. وتلفت علوش في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المعلومات التي تشير إلى وجود أكثر من 10 آلاف طفل في أوروبا يعرفون بـ«غير المصاحب» أي من دون عائلة، تؤكد أن هؤلاء يخرجون عبر معابر عدّة ومن دول تستقبل اللاجئين، ولا سيما بواسطة بواخر في البحر من دون عائلاتهم، وهذا يعني أن هناك حالات اتجار تعرضوا لها.
وفي حين تلفت علّوش إلى «غياب الإحصاءات والأعداد الدقيقة لحالات الاتجار بالأطفال تحت غطاء التبني في لبنان، فهي تؤكد أن الجمعية تتلقى بشكل دائم اتصالات من جهات عدّة تبدي استعدادها لشراء أطفال، وهو ما يثبت أن هناك عمليات بيع تتم تحت هذا العنوان، إضافة إلى معلومات تصل إلينا بشكل دائم بأن هناك أطفالاً يولدون في لبنان ولا يُسجّلون أو يُسجّلون بأسماء لعائلات غير تلك التي يتحدرون منها، وبالتالي تزوير الأوراق الثبوتية». وترى علّوش أن كل المعطيات اليوم تتشابه مع تلك التي كانت موجودة في الحرب اللبنانية وما جرى توثيقه من عمليات شراء وبيع أطفال، مشيرة إلى أنّه يُقدّر عدد الأطفال اللبنانيين الذين كانوا ضحية عمليات بيع وشراء بعشرة آلاف طفل، وثّق منهم إلى الآن نحو 2500.
وفي حالة تثبت «الاتجار بالأطفال» في لبنان، تروي عاملة إثيوبية ما حصل مع صديقتها التي كانت تعمل في لبنان، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحت صديقتي حاملاً نتيجة علاقة غير شرعية مع شاب رفض الاعتراف بالطفل، ولجأت وهي في الشهر الثالث إلى مؤسسة اجتماعية تعنى بمساعدة حالات كهذه، فعمدت المؤسسة إلى إبقائها لديها والاهتمام بها إلى أن أنجبت طفلها بحيث أخذته منها ومن ثم أحالتها إلى الأمن العام»، وهو ما توضحه مساعِدة اجتماعية في إحدى المؤسسات المتخصصة بلبنان، وتقول: «في حالة كهذه يجب أن تتم الإجراءات بشكل عكسي، إذ يفترض إحالة المرأة فورًا إلى الأمن العام للتحقيق معها.. وفي الوقت عينه ما حصل مع العاملة الإثيوبية يحصل مع الكثيرات في لبنان، وتقوم المؤسسة فيما بعد ببيع الطفل الذي تتخلى عنه والدته لأسباب اجتماعية تحت عنوان التبني».
«التبنّي» تحت المجهر
وكانت وسائل إعلام عدّة قد عرضت تحقيقات أكدت لجوء بعض الأشخاص إلى بيع وشراء الأطفال، تحت عنوان التبني، وهو ما يضعه مصدر أمني، في خانة «الحالات الاستثنائية»، رافضا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» وصف ما يحصل بـ«الظاهرة» مؤكدًا ملاحقة أي قضية يتم التبليغ عنها. وهنا تذكّر علّوش بما سبق أن أعلنته وزارة الصحة السورية لجهة عمليات بيع أطفال تجري في لبنان بالتنسيق بين أطباء لبنانيين وسوريين، مشيرة إلى أنه لم يتم ملاحقة الموضوع أو التحقيق به. وكان نقيب الأطباء السوريين عبد القادر حسن، قد كشف في نهاية العام الماضي، عن عمليات بيع أطفال، يتعاون على تنفيذها أطباء لبنانيون وسوريون. وتابع أن نقابته أقدمت على فصل ثلاثة أطباء هم «طبيب نسائي وطبيب أطفال وطبيب عام». ولفت حسن حينها إلى أن الأطباء يأخذون أطفالا حديثي الولادة لبيعهم مقابل مبالغ طائلة..
من جهته، يشير المحامي نزار صاغية، مؤسس «المفكرة القانونية» في لبنان، إلى أن عمليات بيع وشراء للأطفال تحصل في لبنان، ويستدرك: «نسمع عن حالات كهذه من عاملين في الإغاثة إنما لغاية الآن لم نتمكن من توثيقها». ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «كما في مرحلة الحرب الأهلية ترتبط عمليات بيع وشراء الأطفال تحت غطاء التبني إلى حد كبير باللجوء السوري بحيث يُنقل أطفال من بلاد الحرب إلى بلاد آمنة، كما أننا نسمع عن آلاف حالات اختفاء لأطفال، كلّها تندرج تحت هذا الإطار». ويؤكد صاغية أن الاتجار في البشر موجود في لبنان منذ سنوات عدّة، إنما ومع اللجوء السوري توسّعت دائرته بحيث تزايدت الفئات الضعيفة مما يسهّل استغلالها.
وعن استغلال الفتيات في الدعارة، يقول صاغية: «تقليديًا في لبنان كانت هذه العمليات تجري تحت غطاء العمل في مجال الفن، لا سيما استقدام فتيات من أوروبا الشرقية وبعض الدول العربية وفقًا لما ينص عليه القانون. والأمر نفسه يحصل اليوم مع بعض الفتيات اللواتي يُجلبن إلى لبنان ومن ثم يصار إلى استغلالهن للعمل في الدعارة». ويضيف: «إن إجبار الفتيات على العمل في الدعارة بالإكراه وتعرضهن للعنف والضرب كلّ ذلك يوضع تحت خانة الاتجار بالبشر». ثم يشرح قائلاً: «منذ إقرار قانون الاتجار بالبشر في لبنان عام 2011، فإنه لا يُطبّق لأسباب عدّة. إنما اليوم وبعد كشف النقاب عن شبكة الدعارة الأخيرة، وما تلاها من فضائح في هذا الإطار، نراهن أن تكون بداية جيدة وحافزًا لتطبيق القانون». وبالمناسبة، ينص قانون الاتجار بالبشر في لبنان، وتحديدا استغلال أي شخص بالقوة والتهديد على فرض عقوبة السجن ما بين 5 و15 سنة، وغرامة مالية بين مائة و600 ضعف الحد الأدنى للأجور، ويعتبرها القانون جناية ولا تقل خطورة عن ترويج المخدرات وبيعها».
جدير بالذكر أنه قبل بضعة أسابيع كشف أمر أخطر شبكة «اتجار بالبشر» في لبنان، يقودها رجل أعمال لبناني هو صاحب ملهى ليلي اسمه «شي موريس» بالتعاون مع شخص سوري، ومن ثم أمكن تحرير 75 فتاة معظمهن من السوريات تعرضن لأبشع أنواع التعذيب، وذلك، بعدما أفلحت فتيات منهم من الهروب والتبليغ عنها.
وفورًا لاقت هذه القضية اهتمام الرأي العام اللبناني والمسؤولين. وكشفت بعض التصريحات مسؤولية بعض السلطات أو تقاعسها في أحيان كثيرة، لا سيما أن المعلومات أكدت أن القوى الأمنية كانت قد داهمت الملهى المذكور مرات عدّة، وأغلقته بالشمع الأحمر قبل أن تعيد فتحه. وفي حين اتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط كبار المسؤولين في «سرية الآداب» بالتورّط في عمل هذه الشبكة، نفى وزير الداخلية نهاد المشنوق الاتهامات واضعًا إياها في خانة الافتراءات.
قضية شي موريس فتحت الباب على هذه الظاهرة المنتشرة في لبنان، وعمدت بعد ذلك القوى الأمنية إلى إغلاق عشرات الملاهي الليلية، وتوقيف عدد كبير من الأشخاص في بعض المناطق.
ويوم الثلاثاء الماضي، أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان بيتر جرمانوس قراره الظني في هذا الملف. واتهم 22 لبنانيًا وسوريًا بتأليف هذه الشبكة، بقيادة السوري عماد ريحاوي (فار من العدالة) واستغلال الفتيات في أعمال الدعارة بعد استدراجهنّ وتعذيبهنّ، مؤلّفين بذلك أكبر شبكة للاتجار بالبشر والدعارة وإجهاض الفتيات، وطلب إنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بحقهم.
وأظهرت التحقيقات أن الفتيات تعرضن للضرب والاحتجاز والتعذيب وحجز حريتهن، وإرغامهن على ممارسة الدعارة داخل الملهى من قبل الريحاوي، الذي كان مع رجاله يجلبون الفتيات من سوريا والعراق إلى لبنان عبر معابر شرعية وغير شرعية، بعد إيهامهن بالعمل في مجالات شرعية، ولكن فور وصولهن إلى الملهى يحتجزن وتصادر أوراقهن ويُرغمن على العمل في الدعارة.
مَن المسؤول؟
مصدر مطّلع أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مكتب مكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية الآداب»، الذي لا يزيد عدد عناصره على 20 شخصًا «يقوم بواجبه على أكمل وجه». وأوضح أن مسؤولية المكتب تنتهي عند توقيف المتهمين وإحالتهم إلى القضاء، وبالتالي، فإن قرار الإفراج عن هؤلاء أو إعادة فتح الملهى الليلي بعد إغلاقه بالشمع الأحمر يعود إلى القضاء المختص، وهو ما حصل مع ملهى «شي موريس» الذي كان قد أقفل في عام 2012. ويضيف المصدر: «لا بدّ هنا من مساءلة الأمن العام المسؤول عن التثبت من شرعية وجود الأجانب في لبنان وطريقة دخولهم إلى الأراضي اللبنانية»، ويتابع أن «الأمن العام هو الذي كان قد أطلق سراح الريحاوي في المرة السابقة بعد توقيفه».
من جهة ثانية، يشرح القاضي حاتم ماضي، مدّعي عام التمييز السابق، الإجراءات القضائية التي تتبع في حالة كهذه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «عندما يتم ضبط استخدام أي مكان عام لأعمال غير مشروعة يتخذ قرار بإقفاله من قبل القاضي المختص حتى إشعار آخر. ويكون هذا القرار نوعًا من التدبير المؤقت إلى حين اتخاذ قرار آخر برفع الشمع الأحمر وإعادة فتحه، على أن يوضع تحت المراقبة الدائمة، على اعتبار أنّ معتادي الإجرام من الطبيعي أن يكرّروا جريمتهم». ويضيف: «ولكن طبعًا هذه المراقبة ليست من مهمة القضاء الذي يتولى مهمة المعاقبة وليس المراقبة التي هي من مسؤولية القوى الأمنية المختصة».
وهنا نشير إلى أنه قبل كشف قضية «شي موريس» التي فضحت عملية جماعية لـ«اتجار بالبشر»، فإن حالات كثيرة كان قد كشف عنها «مكتب حماية الآداب في لبنان» وأثبتت أن تشغيل الفتيات في الدعارة، والاتجار بهن، يجري في دوائر ضيّقة، ومن قبل أحد الأقرباء، قد يكون الزوج أو الأب في أحيان كثيرة.
«مافيات» تشغيل الأطفال
على صعيد آخر، إذا كانت قضية الاتجار بالفتيات وتشغيلهن في الدعارة تحدث بين جدران مغلقة وغير ظاهرة للعلن، فإن منظر الأطفال في شوارع معظم المناطق اللبنانية، ليس خافيًا على أحد. وهذه ظاهرة بدورها تخضع في معظمها لشبكات «الاتجار بالبشر» التي تستغل فقر العائلات، وخصوصًا اللاجئين منهم، في تشغيلهم في التسّول. وهذا ما يشير إليه المحامي صاغية، قائلاً: «مما لا شكّ فيه أن هناك عصابات تعمل على تشغيل الأطفال، إنما لا بد هنا من التمييز بين الفقر بحيث يضطر الأهل للتسوّل مع أبنائهم، وبين تشغيل العصابات لهؤلاء الأطفال، إذ إنه لا ينسحب على الأهل توصيف الاتجار بالبشر الذي يفترض أن القانون المتعلق به وجد لمحاكمة الأقوى الذي يستغل الضعيف».
من جهته، لم ينفِ وزير العمل اللبناني سجعان قزي أنّ في لبنان «مافيات» تشغّل الأطفال في التسوّل في مختلف المناطق اللبنانية. وسبق له أن أعلن أن الدولة اللبنانية تتعامل مع الأطفال، إنما المشكلة تكمن بأن «المافيات» تعمل بطريقة سرية مستترة، وهو ما يصعّب المهمة أمام القوى الأمنية، التي إضافة إلى أنها غير مجهزة بشكل كافٍ، تولي الاهتمام اليوم لقضايا أكبر كالإرهاب والمحافظة على الوضع الأمني.
وتكمن المشكلة الأكبر في لبنان للحد من ظاهرة «أطفال الشوارع» في غياب مؤسسات قادرة على استقبال هؤلاء لإنقاذهم من الحياة التي يعيشونها، لا سيما أنّ عائلات معظمهم غير مؤهلة أو قادرة على حمايتهم.
ويقول ماهر طبراني، المدير المسؤول في «بيت الرجاء»، المؤسسة الوحيدة التي تستقبل أطفال الشوارع في لبنان وتستوعب لنحو 70 طفلاً، «شبكات تشغيل الأطفال» موجودة في لبنان منذ سنوات لكن مع اللجوء السوري بدأ حضورها يتّسع مستغلة فقر العائلات الهاربة من الحرب.
ويوضح طبراني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» مفصلاً: «في حين هناك عائلات مشرّدة تضطر اللجوء إلى التسّول لتأمين لقمة عيشها، هناك شبكات تعمل على تشغيل هؤلاء الأطفال وبعضها بالتنسيق مع الأهل.. كذلك هناك عائلات كاملة تعمل بكل أفرادها في التسول، بإدارة كبير العائلة، الذي قد يكون الجدّ على غرار إحدى العائلات التي يعمل أطفالها في بيع الورد في منطقة جونية، ويبلغ عددهم نحو 20 طفلا».
ويلفت طبراني إلى أنه «مع اللجوء السوري، بات هناك شركاء في الشبكات التي تشغّل الأطفال، إذ يعمل دائما شخص سوري مع آخر لبناني، بحيث يقوم الأول بتأمين الأطفال للثاني لاستغلالهم وتشغيلهم بالتسول». ولا ينفي طبراني، الذي يتسلّم الأولاد من القوى الأمنية بعد توقيفهم، أن السلطات الأمنية على علم بشبكات تشغيل الأطفال، إنما يصفها بأنها «أكبر من الدولة»، ويستطرد: «معظمها تعمل منذ سنوات وبات لديها الخبرة اللازمة في التعامل مع الموضوع. والمشكلة تبقى أن القانون اللبناني لا يدعم الولد الذي يتعرّض لهذا الاستغلال، إذ وبعد توقيفه وبقائه في المؤسسة لفترة محددة، يجري تسليمه للأهل بعد توقيعهم على تعهّد بعدم إعادته إلى الشارع، لكن ذلك يبقى حبرًا على ورق، وفي اليوم التالي نجد الولد في المكان نفسه عائدًا إلى التسول، في حين أن (الرأس المدبّر) أي رئيس الشبكة أو الأب إذا كان هو المشغّل يبقى حرًا من دون محاسبة».
ويلفت طبراني إلى أن أكثر المناطق التي ينتشر فيها هؤلاء الأطفال هي في بيروت، وتحديدًا في عين المريسة والروشة والرملة البيضاء والحمرا، إضافة إلى جونية. ويوضح: «من يحاول مراقبة هؤلاء الأطفال فسيجد أن هناك مَن يحضرهم إلى المكان الذي يتمركزون فيه كل يوم في وقت محدد ويعودون بهم في وقت محدد أيضًا، وفقًا لطبيعة كل منطقة، إذ يختلف الدوام بين الليل والنهار». ويضيف: «كذلك يقوم شخص بالمرور على الأطفال على دراجة نارية، كل نحو ساعتين ليعمل على جمع الأموال التي يحصلون عليها وعدم ترك المبالغ معهم طوال النهار».
وكانت الدراسة التي أعدتها وزارة العمل، بالتعاون مع منظمات «العمل الدولية» وصندوق الطفولة الدولي (اليونيسيف) و(أنقذوا الطفولة) العام الماضي، أظهرت أنّ اللجوء السوري أدى لزيادة عدد الأطفال في الشوارع، وكشفت أن عدد الأطفال الآتين من سوريا يشكل نحو 73 في المائة بعدما كانت النسبة نحو الثلثين، بينما يشكل اللبنانيون نحو 10 في المائة. كذلك بينت الدراسة أنه على الرغم من أن الأرقام موجودة على نطاق من الممكن التحكّم به، فإن المسألة تُعتبر معقدة للغاية نظرًا لارتباطها بقضايا الاتجار بالبشر والأنشطة غير المشروعة الأخرى فضلاً عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والقانوني للأطفال المتضررين.
وبينما يُرجِع معظم المسؤولين تفشّي «الاتجار بالبشر» لزيادة اللجوء السوري في لبنان، فإن وضع العاملات الأجنبيات في المنازل، والقانون المتعلّق بهن يعود إلى سنوات طويلة ويندرج أيضًا ضمن الجريمة نفسها. وهذا ما يتطرق إليه صاغية مؤكدا أن هذا الأمر يتم تحت غطاء نظام الكفالة ويندرج أيضًا ضمن خانة «الاتجار بالبشر»، بحيث تُجبَر الأجنبيات اللواتي يقدّر عددهن في لبنان بـ150 ألفًا، على العمل براتب صغير وتصادر أوراقهن الثبوتية.
وعلى الرغم من وجود هذا العدد الكبير، تبقى هؤلاء العاملات عرضة لحرمانهن من أبسط حقوقهم بالراحة، وحرية التنقل، والأجر اللائق، ولشروط عمل قسري يقرب من العبودية، بفعل غياب الضمانات القانونية. ففضلاً عن أن القانون يستثنيهم من حمايته، فإن السلطات العامة تمنح بفعل نظام الكفالة، امتيازا لأصحاب العمل من خلال ربط علاقة العمل بصحة الإقامة في لبنان، بحسب توصيف «المفكرة القانونية»، إذ وبموجب نظام الكفالة، تفقد العاملة حقها بالإقامة في لبنان وتصبح غير نظامية معرضة للتوقيف والترحيل بمجرد تركها العمل، وحتى لو تم الترك على مسؤولية صاحب العمل. وتعتبر «المفكرة» السلطات العامة في لبنان تبدو من خلال ذلك وكأنها تشرعن الاستغلال الذي تتعرض له شريحة مهمة من هؤلاء العاملات.



كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.