الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

تراجع ملحوظ في الصادرات خلال أكتوبر

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الجمعة، إن اقتصاد ألمانيا سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وسيكون تعافيه باهتاً، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وتعاني ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، منذ سنوات، منذ أن فقد قطاعها الصناعي القوي القدرة على الوصول إلى الطاقة الروسية الرخيصة، وأيضاً مع تضاؤل ​​شهية الصين للصادرات الألمانية.

ومن المتوقع الآن أن يشهد الاقتصاد الألماني ركوداً خلال أشهر الشتاء ثم يتعافى بأبطأ وتيرة ممكنة؛ حيث سيكون الارتفاع المتوقع في الاستهلاك الخاص أقل ما كان مرتقباً، وقد يضعف سوق العمل أكثر وتتعافى استثمارات الأعمال ببطء.

وقال ناغل: «الاقتصاد الألماني لا يكافح فقط الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ولكن أيضاً المشاكل البنيوية. كما تستجيب سوق العمل الآن بشكل ملحوظ للضعف المطول للنشاط الاقتصادي».

ويتوقع البنك المركزي الألماني الآن انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 في المائة هذا العام، بعد أن توقع في يونيو (حزيران) توسعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 0.2 في المائة من 1.1 في المائة سابقاً.

ولكن حتى هذه الأرقام قد تكون مفرطة في التفاؤل، كما حذر البنك، نظراً للتهديدات الناجمة عن الحمائية المتزايدة والصراعات الجيوسياسية وتأثير التغيير الهيكلي على الاقتصاد الألماني.

وأضاف البنك المركزي الألماني أن محاكاة الرسوم الجمركية المتزايدة المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، تظهر أن الولايات المتحدة ستعاني من أكبر ضربة للنمو، ولكن ألمانيا ستخسر أيضاً ما بين 1.3 و1.4 في المائة من الناتج حتى عام 2027، وقد يرتفع التضخم أيضاً بسبب هذه التدابير.

وقال البنك المركزي الألماني إن التضخم سيرتفع بنسبة 0.1 إلى 0.2 في المائة سنوياً حتى عام 2027 بسبب سياسة الحماية التي ينتهجها ترمب، لكن نموذج المعهد الوطني للاقتصاد القياسي العالمي توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 في المائة العام المقبل، و0.6 في المائة في عام 2026. وقال البنك المركزي الألماني: «المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي حالياً تميل إلى الجانب السلبي، والمخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الجانب الإيجابي»، مضيفاً أن الانتخابات الفيدرالية الألمانية في الأشهر المقبلة قد تغير التوقعات المالية.

وهذا الضعف المستمر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس، والتلميح إلى المزيد من التيسير في المستقبل، مع تراجع مخاوف التضخم إلى حد كبير وتحول التركيز نحو النمو.

لكن البنك المركزي الألماني ليس مستعداً بعد لإعلان الفوز في معركة التضخم؛ حيث قال يوم الجمعة إن تضخم أسعار المواد الغذائية قد يقفز، وإن تضخم الخدمات سيظل مرتفعاً، مما يبقي الزيادات في الأسعار أعلى من متوسط ​​منطقة اليورو.

وفي غضون ذلك، أظهرت البيانات يوم الجمعة تراجع الصادرات الألمانية على نحو ملحوظ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن أن الصادرات انكمشت في أكتوبر بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بسبتمبر (أيلول) السابق عليه، إلى 124.6 مليار يورو. كما انخفضت الصادرات بنفس النسبة على أساس سنوي.

وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للصادرات الألمانية، بنسبة 14 في المائة على أساس شهري لتصل إلى 12.2 مليار يورو. وفي الوقت نفسه، انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 3.8 في المائة. وفي التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 0.7 في المائة.

وكتب كبير الاقتصاديين في مصرف «في بي»، توماس جيتسل، أن بداية الربع الأخير من عام 2024 لا تبشر بالخير مع الانخفاض الذي سجلته الصادرات في أكتوبر الماضي، وأضاف: «حتى لو كان الانخفاض الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة يتعلق على الأرجح بالطلبيات الكبيرة، فإن التراجع يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في حالة حدوث نزاعات جمركية كبيرة مع الولايات المتحدة».

وتسببت المنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية من الصين، على سبيل المثال، فضلاً عن مشكلات هيكلية في الصناعة الألمانية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعباء البيروقراطية الكثيرة، في إنهاك ألمانيا بوصفها دولة تصديرية لفترة طويلة. وكانت الصادرات قد انخفضت بالفعل في سبتمبر الماضي.

وانخفضت الواردات إلى ألمانيا بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر إلى 111.2 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، كانت هناك زيادة بنسبة 1.7 في المائة. وكان الميزان التجاري إيجابياً عند 13.4 مليار يورو.


مقالات ذات صلة

انخفاض مفاجئ في مبيعات التجزئة البريطانية يعزز مخاوف الانكماش

الاقتصاد يستعرض المتسوقون المنتجات داخل متجر «سيلفريدجز» في منطقة ويست إند للتسوق بلندن (رويترز)

انخفاض مفاجئ في مبيعات التجزئة البريطانية يعزز مخاوف الانكماش

أظهرت البيانات الصادرة يوم الجمعة أن مبيعات التجزئة في بريطانيا انخفضت بشكل غير متوقع في ديسمبر (كانون الأول)، مما زاد من المخاوف بشأن انكماش الاقتصاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سكوت بيسنت أمام لجنة المالية بمجلس الشيوخ لجلسة تأكيد تعيينه (أ.ب)

مرشح ترمب لوزارة الخزانة: إذا لم نمدد التخفيضات الضريبية سنواجه كارثة اقتصادية

قال سكوت بيسنت الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لتولي منصب وزير الخزانة إن تمديد التخفيضات الضريبية هي القضية الأكثر أهمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار بنك كوريا يظهر على قمة مبناه في سيول (رويترز)

«بنك كوريا» يفاجئ الأسواق بإبقاء الفائدة دون تغيير

فاجأ بنك كوريا الأسواق يوم الخميس بعد أن قرر إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، مما يعكس تأثير التخفيضات المتتالية التي أجراها العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد عامل يفرز البضائع بأحد المتاجر الكبرى في لندن (إ.ب.أ)

الاقتصاد البريطاني ينمو بنسبة أقل من المتوقع... وريفز مصرّة على موازنتها

ارتفع الناتج الاقتصادي البريطاني بنسبة أقل من المتوقع هي 0.1 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) مقارنةً بشهر أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار «منتدى دافوس» (رويترز)

«دافوس»: الصراعات المسلحة أكبر خطر على النمو الاقتصادي العالمي في 2025

أظهر استطلاع أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي أن الصراعات المسلحة هي أكبر خطر خلال عام 2025 في الوقت الذي يجتمع فيه قادة حكومات وشركات لحضور المنتدى بدافوس

«الشرق الأوسط» (لندن)

انخفاض مفاجئ في مبيعات التجزئة البريطانية يعزز مخاوف الانكماش

يستعرض المتسوقون المنتجات داخل متجر «سيلفريدجز» في منطقة ويست إند للتسوق بلندن (رويترز)
يستعرض المتسوقون المنتجات داخل متجر «سيلفريدجز» في منطقة ويست إند للتسوق بلندن (رويترز)
TT

انخفاض مفاجئ في مبيعات التجزئة البريطانية يعزز مخاوف الانكماش

يستعرض المتسوقون المنتجات داخل متجر «سيلفريدجز» في منطقة ويست إند للتسوق بلندن (رويترز)
يستعرض المتسوقون المنتجات داخل متجر «سيلفريدجز» في منطقة ويست إند للتسوق بلندن (رويترز)

أظهرت البيانات الصادرة يوم الجمعة أن مبيعات التجزئة في بريطانيا انخفضت بشكل غير متوقع في ديسمبر (كانون الأول)، مما زاد من المخاوف بشأن انكماش الاقتصاد في الربع الرابع، مضيفاً إلى التحديات التي تواجهها وزيرة المالية، راشيل ريفز.

وأفاد مكتب الإحصاء الوطني أن مبيعات التجزئة المعدلة لتشمل مبيعات «البلاك فرايدي» التي جرت في بداية الشهر، تراجعت بنسبة 0.3 في المائة على أساس شهري في ديسمبر بعد زيادة طفيفة بلغت 0.1 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

ونتيجة لهذه البيانات، انخفض الجنيه الإسترليني بنحو ربع سنت مقابل الدولار الأميركي ليهبط إلى أقل من 1.22 دولار. وكان الخبراء الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا زيادة شهرية بنسبة 0.4 في المائة في حجم المبيعات مقارنة بنوفمبر.

وتضيف هذه الأرقام إلى سلسلة من المؤشرات الاقتصادية الضعيفة منذ إعلان ريفز عن أكبر زيادات ضريبية في بريطانيا منذ عام 1993 في أكتوبر (تشرين الأول)، مما يزيد من احتمالية خفض بنك إنجلترا لأسعار الفائدة في الشهر المقبل.

وأشار مكتب الإحصاء إلى أن مبيعات التجزئة في الربع الرابع بأكمله انخفضت بنسبة 0.8 في المائة، مما قد يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي في الربع ذاته بنحو 0.04 نقطة مئوية.

ومع استمرار استقرار النمو الاقتصادي خلال الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر، فإن تأثير مبيعات التجزئة وحدها قد يكون كافياً لدفع الاقتصاد إلى الانكماش في الربع الأخير، إذا لم يتم تعويض ذلك بنمو في قطاعات أخرى من الاقتصاد.

وقال أليكس كير، الخبير الاقتصادي في «كابيتال إيكونوميكس»: «هذا التقرير هو دليل إضافي على أن الاقتصاد لم يكن يتمتع بزخم كبير في نهاية العام الماضي، ومع ذلك، يزيد من المخاوف بشأن احتمال انكماش الاقتصاد في الربع الرابع.»

وباستثناء مبيعات وقود السيارات، انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 0.6 في المائة على أساس شهري. وأضافت الإحصائية البارزة هانا فينسلباتش: «كان هذا الانخفاض مدفوعاً بشهر سيئ للغاية لمبيعات المواد الغذائية، التي تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2013، مع تأثر المتاجر الكبرى بشكل خاص».

وعلى الرغم من ذلك، ارتفعت مبيعات التجزئة الإجمالية بنسبة 3.6 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى نمو سنوي بنسبة 4.2 في المائة.