مواقع الأحساء التراثية والأثرية تلهم فنانين تشكيليين

ضمن مبادرة فنية بعنوان «ذاكرة الأمكنة»

جانب من ورشة العمل - حتى الأطفال كانت لهم مشاركة مميزة ({الشرق الأوسط})
جانب من ورشة العمل - حتى الأطفال كانت لهم مشاركة مميزة ({الشرق الأوسط})
TT

مواقع الأحساء التراثية والأثرية تلهم فنانين تشكيليين

جانب من ورشة العمل - حتى الأطفال كانت لهم مشاركة مميزة ({الشرق الأوسط})
جانب من ورشة العمل - حتى الأطفال كانت لهم مشاركة مميزة ({الشرق الأوسط})

رصد فنانون تشكيليون من مختلف المناطق السعودية المعالم الأثرية بمحافظة الأحساء بالريشة والألوان، بعد أن زاروا المعالم السياحية والأثرية في المحافظة، ضمن ورشة عمل فنية لذاكرة المكان في المحافظة نظمها الفنان التشكيلي السعودي عبد العظيم الضامن مدير ملتقى الإبداع الثقافي.
وذكر الضامن أن هذه الفعالية التي أطلق عليها «ذاكرة الأمكنة»، تهدف إلى تسجيل الأماكن التراثية على مستوى السعودية من خلال إبداعات الفنانين التشكيليين، إذ جرى زيارة عدد من المناطق التي يوجد بها مواقع تراثية، وستتبعها زيارات أخرى من أجل استكمال المبادرة.
وقال الضامن: «للفن رسالة مهمة في حفظ التراث، وأهميته تنبع من تعريف العالم بجمال تراثنا وتميزه، وجمال جبل القارة كمثال لا يضاهيه جمال من حيث التكوينات الصخرية واللونية، فهي أيقونة مهمة في تراث وطننا الغالي، والتركيز على هذه الأيقونة في ورشة العمل للدلالة على أهمية توظيف المكان في ذاكرة الفن التشكيلي المحلي».
كما أشار إلى أن مبادرة «ذاكرة الأمكنة» تسلط الضوء على المواقع السياحية والأثرية في مختلف المناطق، وتقدم لوحات جمالية عن السياحة في الداخل لأبناء المملكة ودول الخارج، إذ إن السعودية غنية بالمواقع السياحية ولكن تحتاج إلى مبادرات لإبرازها بصورة سهلة إلى المهتمين بهذا الجانب، ولا يوجد ما هو أسرع من الفن التشكيلي لإيصال فكرة إيجابية بلوحات فنية إلى جميع أصقاع العالم.
وشارك في المبادرة 15 فنانًا وفنانة تشكيلية، وحتى الأطفال كانت لهم مشاركة مميزة، ومن أبرز الفنانين والفنانات المشاركات: آيات الجيراني، وآلاء الخضير، وآيات الشقاق، وماجدة الجشي، وآلاء الحاجي، ودلال الحاجي، وياسر الشايب، وحسين الخليفة، وهشام الأحمد، بالإضافة إلى مشاركة مجموعة من الأطفال.
ويعتبر جبل القارة، أيقونة الأحساء، بما يضمه من منحوتات طبيعية بشكل جمالي، وبدأت ورشة العمل برسم جبل القارة. كما تتمتع الأحساء بوجود أماكن تراثية كثيرة من المباني الأثرية، ومنها مسجد جواثا، كما توجد بالمحافظة إحدى أوائل المدارس التعليمية على مستوى السعودية والخليج، وميناء العقير الأثري.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».