دعم تراث جدة بخطط للحماية والترميم والاستثمار

الأمير خالد الفيصل: هيئة السياحة أدت دورًا مهمًا في نجاح المنطقة التاريخية

دعم تراث جدة بخطط للحماية والترميم والاستثمار
TT

دعم تراث جدة بخطط للحماية والترميم والاستثمار

دعم تراث جدة بخطط للحماية والترميم والاستثمار

أعلنت اللجنة العليا لتنمية جدة التاريخية، نيتها دعم المواقع التراثية في المنطقة، من خلال اعتماد 10 مسارات جديدة، منها: الإدارة المستقلة، والحماية، والترميم، والبنية التحتية، والاستثمار، والمشاريع، والملاك، والمجتمع المحلي، وتطوير الأعمال.
ويعول على هذه المسارات الجديدة في تطوير المنطقة التاريخية التي اختيرت من قبل لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة «اليونيسكو» ضمن قائمة التراث العالمي في يونيو (حزيران) 2014. واستقطاب أكبر عدد من الزوار لمشاهدة أبرز المعالم التاريخية التي تحكي واقع جدة قبل 400 عام، حين كانت مركزًا رئيسيًا للحجاج والمعتمرين القادمين من البحر.
وجاء هذا التوجه خلال الاجتماع السابع للجنة العليا لتنمية جدة التاريخية، التي ترأسها الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، بمقر الإمارة، بحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة.
وأوضح الأمير خالد الفيصل، أن ما تحقق من إنجازات في جدة التاريخية كان خلفه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ومن ذلك تسجيلها كواحدة من المعالم المهمة على قائمة التراث العالمي، إلى جانب المبادرات المهمة التي أطلقتها الهيئة لصالح دعم وتنشيط الحركة السياحية في محافظة جدة وتحفيز المواطنين على مشاهدة هذا التاريخ الجميل لمدينة كانت ولا تزال وستظل مهمة لكل المواطنين.
وثمّن أمير منطقة مكة، أعمال التطوير الجارية في المنطقة التاريخية، منوهًا بالزيارة التاريخية الكبيرة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لجدة التاريخية واهتمامه الدائم بقضايا التراث الوطني «فهو رجل التراث والحضارة والإنجاز، ودليل على حرصه على الاهتمام بجدة التاريخية إنسانًا ومكانًا، وبكل ما يسهم في نهوضها انطلاقًا من كونها بوابة الحرمين الشريفين، وأهم النوافذ التي يطل منها العالم على الإنسان السعودي»، لافتًا إلى أن جدة هي الميناء البري والبحري والجوي لمكة المكرمة، وجزء لا يتجزأ من مكة المكرمة ولا بد من الاهتمام بها.
وعرضت أمانة محافظة جدة، خلال الاجتماع، ما قامت به خلال الفترة الماضية من حيث تهيئة المواقف، ورصف طرق المشاة، وتوفير الإنارة والاهتمام بالنظافة، وتوفير أساليب الحماية العلمية للمحافظة على البيوت من خطر السقوط، كما استعرضت جهودها في العناية بالمواقع التي ضمن اختصاصها، وتشجيع مشاريع الترميم وتوفير العون والدعم للملاك، لينهضوا بهذه المباني لتبقى نابضة بالحياة، إلى جانب جهودها في ملاحقة البائعة الجائلين.
وتطرق الدكتور علي الغبان نائب رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني، إلى ما قامت به اللجنة التنفيذية من جهود في متابعة تنفيذ توصيات الاجتماعات السابقة، وتوفير فريق دائم لمباشرة ومتابعة المشاريع التي يجري تنفيذها أو المشاريع التي التزمت السعودية بتنفيذها في جدة التاريخية، ضمن شروط تسجيلها على قائمة التراث العالمي، مؤكدًا أهمية دور الجهات الأمنية المتمثل في توفير أنظمة الحماية من الحرائق، وفي مقدمتها نظام الإطفاء الضبابي بدلاً من الإطفاء بالمياه العادية، وكذلك نظام كاميرات المراقبة الأمنية. كما استعرض المجتمعون جهود الجوازات المتمثلة في تطهير المنطقة من العمالة غير النظامية وفرض الرقابة الدائمة بالتعاون مع وزارة العمل، وذلك بجولات على المحلات للتأكد من نظامية جميع من يعملون فيها.
وتحتضن جدة التاريخية التي تشهد سنويًا تدفق عشرات آلاف الزوار، كثيرًا من المعالم داخل مساحة لا تزيد عن 1.5 كيلومتر مربع، منها الأسواق القديمة التي تشكل شريان المنطقة الاقتصادي، وتنقسم إلى سوق العلوي، وسوق البلد، وسوق قابل، وسوق الندى، إضافة إلى عدد من الخانات التاريخية التي تسمى القيصرية، وهو ما يعرف بالسوق التي تتكون من مجموعة دكاكين يفتح بعضها على بعضها، ومن أبرزها خانات جدة التاريخية، وخان الهنود، وخان القصبة، وهذه المواقع أسهمت في الحركة الدائمة من زوار المنطقة والمستهلكين.
وتعد المنازل القديمة الواقعة في الحارات الأربع، من أهم المزارات للسياح، للمنظر العام للبنايات والمواد المستخدمة، والتي تشمل الحجر المنقبي الذي يجلب من بحيرة «الأربعين» ويعدل من قبل البنائين بآلات يدوية، والأخشاب الكبيرة التي ترد من وادي فاطمة، الذي يبعد قرابة 50 كيلومترا عن جدة، وكل هذه العملية تعتمد في الشكل النهائي على الطين الذي يوضع على الحجارة بعد وضعها على «مداميك» يفصل بينها قواطع من الخشب يطلق عليها «تكاليل» لتوزيع الأحمال على الحوائط، فيخرج البناء مشابهًا للمباني الكبيرة في عدد الطوابق والارتفاعات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».