ألقى العاهل المغربي الملك محمد السادس كلمة أمام القمة الخليجية - المغربية التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس، في العاصمة السعودية، شدد فيها على الشراكة التي تربط بلاده بدول الخليج العربية، وأكد أنها «ليست وليدة المصالح العرفية أو المصالح العابرة، وإنما تستمد قوتها من الإيمان الصادق بوحدة المصير ومن تطابق وجهات النظر بخصوص قضايانا المشتركة».
وأكد أن هذه القمة تأتي في ظروف صعبة، حيث تعيش المنطقة العربية على وقع محاولات تغيير الأنظمة وتقسيم الدول، «كما هو حاصل في سوريا والعراق وليبيا، مع ما يواكب ذلك من قتل وتشريد وتمزيق لأبناء الوطن العربي».
وبيّن أن عقد هذه القمة ليس موجها إلى أحد بشكل خاص، خصوصا حلفاءنا، بل هي مبادرة طبيعية ومنطقية لدول تدافع عن مسارها مثل جميع الدول، وقال «إننا أمام مؤامرات، إنهم يريدون المس بأمننا الجماعي. إنهم يريدون المس بما تبقى من بلداننا التي استطاعت الحفاظ على استقرارها وأنظمتها، وأقصد هناك دول الخليج والمغرب والأردن التي تشكل واحة أمن وسلام لمواطنيها وعنصر استقرار في محيطها»، وأضاف «أننا نواجه الأخطار والتهديدات نفسها على اختلاف مصادرها، فالدفاع عن أمننا ليس فقط واجبا مشتركا، بل هو واحد لا يتجزأ»، وفيما يلي نص الكلمة:
«جئت اليوم بقلب ملؤه المحبة والاعتزاز، كعادتي حينما أحل بمنطقة الخليج.. أقدم شكري إلى الملك سلمان بن عبد العزيز على تفضله باستضافة هذه القمة المهمة لجميع قادة دول مجلس التعاون وعلى مشاركتي فيها. كما أعرب عن اعتزازي وتقديري للدعم المادي والمعنوي الذي تقدمونه إلى المغرب، لإنجاز مشاريعه التنموية والدفاع عن قضاياه العادلة.
لقاؤنا اليوم يجسد عمق روابط الأخوة والتقدير التي تجمعنا وقوة علاقة التعاون والتضامن بين بلداننا، فرغم بُعد المسافات التي تفصل بيننا فإننا توحدنا روابط قوية لا تقتصر على اللغة والدين والحضارة، وإنما تستند أيضا إلى التمسك بالمبادئ والقيم التوجهات البناءة نفسها، كما نتقاسم التحديات ونواجه التهديدات نفسها.. خصوصا في المجال الأمني، لكن لماذا هذه القمة الأولى من نوعها؟!.. ولماذا اليوم؟!.. لقد تمكنا من وضع الأسس المتينة لشراكة استراتيجية.
فالشراكة المغربية - الخليجية ليست وليدة المصالح العرفية أو المصالح العابرة، وإنما تستمد قوتها من الإيمان الصادق بوحدة المصير، ومن تطابق وجهات النظر بخصوص قضايانا المشتركة.. لذلك نجتمع اليوم لإعطاء دفعة قوية لهذه المشاركة التي بلغت درجة من النضج، وأصبحت تفرض علينا تطوير إطارها المؤسسي وآلياتها المدنية.
الأمل العربي المشترك لا يأتي بالاجتماعات ولا بالخطابات ولا بالقمم الدورية والشكلية أو القرارات الجاهزة غير الفاعلة للتطبيق، وإنما يتطلب العمل الجاد والتعاون الملموس.. وتأسيس التجارب الناجحة والاستفادة منها، وفي مقدمتها التجربة الرائدة لمجلس التعاون.. إنها رسالة أمل لأنفسنا وإشارة قوية لشعوبنا على قدرتنا على بلورة مشاريع تنموية مشتركة.
إن هذه القمة تأتي في ظروف صعبة، فالمنطقة العربية تعيش على وقع محاولات تغيير الأنظمة وتقسيم الدول، كما هو حاصل في سوريا والعراق وليبيا، مع ما يواكب ذلك من قتل وتشريد وتمزيق لأبناء الوطن العربي.
وبعد ما تم تقديمه كربيع عربي خلف خرابًا ودمارًا ومآسي إنسانية، ها نحن اليوم نعيش خريفا كارثيا يستهدف وضع اليد على خيرات باقي البلدان العربية، ومحاولة ضرب التجارب الناجحة كدول أخرى مثل المغرب من خلال المس بنموذج الوطن المتميز.
إننا نحترم سيادة الدول وتوجهاتها في إقامة وتطوير علاقاتها مع من تريد من الشركاء، ولسنا هنا لنحاسب بعضنا على خياراتنا السياسية والاقتصادية، غير أن هناك تحالفات جديدة قد تؤدي إلى التفرقة وإعادة ترتيب أوراق المنطقة، وفي الحقيقة محاولة إشعال الفتنة وخلق فوضى جديدة لن تستثني أي بلد، وستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة بل على الوضع العالمي.
ورغم حرص المغرب على الحفاظ على العلاقة مع حلفائه، فقد توجه في الآونة الأخيرة نحو تنويع شراكاته على المستوى السياسي والاستراتيجي والاقتصادي، وفي هذا الإطار تندرج زيارتنا الناجحة إلى روسيا خلال الشهر الماضي التي تميزت إلى الارتقاء بعلاقاتنا إلى شراكة استراتيجية، وتوقيع اتفاقيات مهيكلة في كثير من المجالات الحيوية، ومع الهند وجمهورية الصين الشعبية.
المغرب حر في قراراته وخياراته، وسيظل وفيا لالتزاماته تجاه شركائه بما ينبغي ألا يروا من ذلك أي مس بمصالحهم.
عقد هذه القمة ليس موجها إلى أحد بشكل خاص، خصوصا حلفاءنا، بل هي مبادرة طبيعية ومنطقية لدول تدافع عن مسارها مثل جميع الدول. الخليج يتحملون التكاليف وتبعات الحروب المتوالية التي تعرفها المنطقة.. الوضع خطير خصوصا في ظل الخلط الفاضح في المواقف، وازدواج الخطاب بين التعبير عن الصداقة والتحالف، ومحاولة الطعن من خلف.
إننا أمام مؤامرات، إنهم يريدون المس بأمننا الجماعي، إنهم يريدون المس بما تبقى من بلداننا التي استطاعت الحفاظ على استقرارها وأنظمتها، وأقصد هناك دول الخليج والمغرب والأردن التي تشكل واحة أمن وسلام لمواطنيها وعنصر استقرار في محيطها، إننا نواجه الأخطار والتهديدات نفسها على اختلاف مصادرها، فالدفاع عن أمننا ليس فقط واجبا مشتركا بل هو واحد لا يتجزأ.
المغرب يعتبر دائما أمن واستقرار الخليج العربي من أمن المغرب، من يضركم يضرنا، وما يمسنا يمسكم، وما يحرص على تجسيده في كل الظروف والأحوال بالتصدي لكل التهديدات التي تستهدف المنطقة في حرب الخليج الأولى، وعملية (عاصفة الحزم) والتعاون الاستخباراتي والأمني المتواصل.
إن المخططات العدوانية التي تستهدف المس باستقرارنا متواصلة، ولم تتوقف، فبعد تمزيق عدد من بلدان المشرق العربي ها هي اليوم تستهدف غربه، وآخرها المناورات التي تحاك ضد الوحدة الترابية في بلدكم المغرب.. وهذا ليس جديدا، فخصوم المغرب يستعملون كل الوسائل المباشرة وغير المباشرة في مناورة مكشوفة.. فهم يحرضون حسب الظروف.
ومع التمادي في المؤامرات أصبح شهر أبريل الذي يصادف اجتماعات مجلس الأمن حول قضية الصحراء فزاعة أمام المغرب وأداة لمحاولة ابتزازه.
لا يفوتنا أن نعبر عن اعتزازنا وتقديرنا لوقوفكم الدائم بجانب بلادنا بالدفاع عن الوحدة الترابية.. فالصحراء كانت دائما قضية دول الخليج أيضا، ومن ذلك الوقت لم تدخر دول الخليج أي جهد بالدفاع عن سيادة المغرب.
غير أن الوضع خطير هذه المرة وغير مسبوق في تاريخ هذا النزاع المشتعل، فقد بلغ الأمر بشن الحرب بالوكالة لاستخدام بان كي مون وسيلة لمحاولة المس بحقوق المغرب التاريخية والمشروعة في صحرائه من خلال تصريحاته المنحازة وتصرفاته غير المقبولة بشأن الصحراء المغربية، لكن لا تستغربوا، فإذا عرف السبب بطل العجب، فماذا يمكن لمون أن يفعله وهو يعترف بأنه ليس على اطلاع كامل على ملف الصحراء المغربية، مثل كثير من القضايا الأخرى، وماذا يمكن أن يقوم الأمين العام بفعله وهو رهينة بين أيدي مساعديه ومستشاريه.
ومعروف أن بعض هؤلاء لهم خلفيات سياسية، ويخدمون مصالح أطراف أخرى دون الالتزام بما يقتضيه انتماؤهم للأمم المتحدة من واجب الحياد والموضوعية الذي هو أساس العمل الأممي. بان كي مون ما هو إلا بشر لا يمكنه الإلمام بكل القضايا المطروحة على الأمم المتحدة.
وأود تأكيد أن المغرب ليس له أي مشكلة مع الأمم المتحدة ولا مع مجلس الأمن، وإنما المشكلة مع الأمين العام وبعض مساعديه بسبب مواقفهم من المغرب.. ولقد كان المغرب دائم التنسيق في هذا الملف مع دول العالم.
لقد حان وقت الصدق والحقيقة، أن العالم العربي يمر بفترة عصيبة، فما تعيشه الدول ليست استثناء وإنما يدخل ضمن مخططات مبرمجة تستهدفنا جميعا، فالإرهاب لا يسيء فقط إلى الإسلام، وإنما يتخذه البعض ذريعة لتقسيم دولنا وإشعال الفتن فيها.. وإبراز صورة غير حقيقية عن الإسلام.
إن الأمر لا يتعلق بقضية دولة معينة، وإنما بحاجتنا إلى وعي جماعي في هذه التحديات. إننا نعيش مرحلة فاصلة بين ماذا نريد وكيف يريد الآخرون أن نكون. إننا اليوم أكثر حاجة إلى وحدة ووضوح المواقف بين جميع الدول العربية، فإما أن نكون جميعا مثل الجسد الواحد والبنيان المرصوص وإما أن نكون كما لا نريد».
محمد السادس: أمن الخليج العربي واستقراره من أمن المغرب.. ومن يضركم يضرنا
شدد في كلمته على الشراكة التي تربط بلاده بدول الخليج
محمد السادس: أمن الخليج العربي واستقراره من أمن المغرب.. ومن يضركم يضرنا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة