تونس: تحالف سياسي ثنائي ينذر بانقلاب مرتقب في المشهد السياسي

تبادل الاتهامات بشأن تباطؤ الأداء الحكومي يوحي بقرب تشتت الائتلاف الرباعي الحاكم

تونس: تحالف سياسي ثنائي ينذر بانقلاب مرتقب في المشهد السياسي
TT

تونس: تحالف سياسي ثنائي ينذر بانقلاب مرتقب في المشهد السياسي

تونس: تحالف سياسي ثنائي ينذر بانقلاب مرتقب في المشهد السياسي

تبادلت أحزاب الرباعي الحاكم في تونس اتهامات بشأن المسؤولية عن تباطؤ الأداء الحكومي، وغياب التنسيق بين مكونات الائتلاف الحاكم، الذي تكون إثر الإعلان عن نتائج انتخابات 2014. وهو ما أعطى انطباعا يوحي بقرب تشتت الائتلاف الرباعي الحاكم، وتوجه حركتي النداء والنهضة نحو تشكيل تحالف سياسي ثنائي، بعيدا عن حزب آفاق تونس، وحزب الاتحاد الوطني الحر.
وقطعت حركتا النداء والنهضة أشواطا إضافية فيما اصطلح على تسميته بـ«الانفراد بالسلطة»، و«الاستقطاب الثنائي»، وذلك، من خلال تنظيم اجتماع ليلة الاثنين الماضي، ضم ممثلين عن الحركتين، بعيدا عن أنظار حزب آفاق تونس، وحزب الاتحاد الوطني الحر، اللذين لم يكونا على علم به، وفق تصريحات قيادات سياسية مرموقة في هذين الحزبين.
واحتضن مقر حزب حركة النهضة هذا الاجتماع، الذي نشرت صورة له على موقعها، ضمت ممثلين عن النداء والنهضة، وهو ما وُصف حسب بعض المراقبين بـ«حركة غير مسبوقة بين الطرفين السياسيين اللذين تنافسا بضراوة خلال الانتخابات البرلمانية الماضية».
وضم الاجتماع، الذي فاجأ حزبي آفاق تونس والاتحاد الوطني الحر، راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، ونور الدين العرباوي رئيس المكتب السياسي، ونور الدين البحيري رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة، أما من جانب حزب النداء فحضر الاجتماع رضا بلحاج مدير الهيئة السياسية، وحافظ قائد السبسي المدير التنفيذي للحزب، وعبد الرؤوف الخماسي المنسق العام للحزب في الخارج.
وعلى الرغم من أهمية هذه النقلة النوعية في التعامل مع شريكيهما في التحالف الرباعي، فقد اكتفت حركة النداء وحركة النهضة بالإشارة إلى أنه اجتماع ثنائي تشاوري، في حين أن كل القراءات السياسية انصبت حول نيات التخلي عن بقية مكونات الائتلاف الحاكم.
وفي هذا الشأن، ودون التعرض إلى إقصاء الحزبين من اجتماعات الائتلاف الحاكم، قال محمد فاضل عمران رئيس الكتلة البرلمانية لحركة نداء تونس، إن حزب آفاق تونس طعن الائتلاف الرباعي الحاكم في الظهر، وذلك من خلال التصويت السلبي الأسبوع الماضي على مشروع القانون الأساسي للبنك المركزي التونسي، ووصف عمران ما قام به حزب آفاق تونس بـ«الخيانة»، على حد تعبيره.
وأعرب حزب حركة النهضة وحزب النداء عن انزعاجهما من تصريحات سابقة لياسين إبراهيم رئيس حزب آفاق تونس، اتهم فيها الحكومة بضعف الأداء، وعدم التناغم بين مكوناتها، داعيا إلى تعديل حكومي عاجل. أما حزب الاتحاد الوطني الحر فقد سلك طريقا أخرى في نطاق تحضيراته المبكرة لخوض الانتخابات البلدية، المقررة بداية السنة المقبلة، حيث أعلن عن قرب تحالفه مع حزب المبادرة الذي يتزعمه كمال مرجان، وزير الدفاع السابق في نظام بن علي.
ومن شأن هذه المواقف والتصريحات أن تربك المشهد السياسي، وأن تدفع، وفق متابعين للشأن السياسي، حركة نداء تونس وحركة النهضة إلى الاستغناء عن حزبي آفاق تونس، والاتحاد الوطني الحر، وإقصائهما من حساباتهما السياسية، والاكتفاء بأصوات ممثليهم داخل البرلمان (النهضة لها 69 صوتا والنداء 56 صوتا) لتمرير مشاريع القوانين، وضمان أغلبية مريحة لصالحها (الأغلبية مقدرة بـ109، صوت في حين أنهما يجمعان 125 صوتا).
وفي تعليقه على تغيرات المشهد السياسي التونسي الحالي، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن العلاقة بين أحزاب الائتلاف الحكومي تميزت خلال الفترة الماضية بتقلبات عدة، ترجمتها التصريحات المتناقضة والمواقف المتخالفة، مشيرا في هذا السياق إلى توجس الحزبين الكبيرين في تونس مما عدوه تحركا مريبا للحزبين الصغيرين المنضمين إلى الائتلاف الحاكم، وهو ما قد ينبئ بحصول «انقلاب مرتقب على مستوى المشهد السياسي»، حسب قوله، وربما المشهد البرلماني كذلك باعتبار سيطرة النهضة والنداء على أغلبية أصوات المجلس، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى نهاية التحالف الرباعي والانتقال التدريجي إلى تحالف سياسي ثنائي في الحكم.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.