63 دولة تشارك في معرض أبوظبي للكتاب في دورته الـ26

يحتفل بالمبدعين العرب ضمن اللائحة القصيرة لجائزة «البوكر»

جانب من دورة العام الماضي لمعرض أبوظبي للكتاب («الشرق الأوسط»)
جانب من دورة العام الماضي لمعرض أبوظبي للكتاب («الشرق الأوسط»)
TT

63 دولة تشارك في معرض أبوظبي للكتاب في دورته الـ26

جانب من دورة العام الماضي لمعرض أبوظبي للكتاب («الشرق الأوسط»)
جانب من دورة العام الماضي لمعرض أبوظبي للكتاب («الشرق الأوسط»)

قالت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة إن الدورة السادسة والعشرين من معرض أبوظبي للكتاب ستشهد مشاركة أكثر من 600 كاتب و20 رسامًا و1260 عارضًا من 63 دولة، مشيرة إلى أن المعرض سجل زيادة بنسبة 10 في المائة عن العام الماضي في عدد إجمالي المساحات المحجوزة.
وأشارت الهيئة إلى أن المساحة الحالية بلغت نحو 31.9 ألف مترا مربعا، حيث يشكل المعرض ملتقى للشعراء والأدباء من الوطن العربي والعالم. وقال الدكتور علي بن تميم عضو مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في كلمة له خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس: «ما يميزنا اليوم في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة أن فعالياتنا الثقافية تقوم على العناية بالتنوع دون إهمال النوعية في صناعة المشهد الثقافي السياحي العربي والمحلي تأليفا وترجمة ونشرا وترويجا».
وأضاف: «تأتي دورة هذا العام من معرض أبوظبي الدولي للكتاب حافلة - كالعادة - بالأنشطة والفعاليات التي يعكس جزء كبير منها الشواغل والهموم الثقافية والفكرية لمنطقتنا وللعالم أجمع»، موضحًا أنه «من هنا جاء اختيار إيطاليا لتكون ضيف الشرف في الدورة الحالية من المعرض انعكاسًا لما تمثله هذه الدولة الأوروبية والمتوسطية المهمة على الخريطة الثقافية والسياسية في العالم المعاصر وأيضًا لما يجمعها بالعرب ومنذ قرون طويلة من أواصر ثقافية عميقة وواسعة الدلالات».
وزاد: «إن اختيار المعرض للفيلسوف الكبير ابن رشد لكي يكون الشخصية المحورية هذا العام يأتي متسقًا مع اختيار إيطاليا ضيف شرف، فكم من العلاقات والوشائج الفكرية والثقافية التي تجتمع في سيرة مفكر تاريخي شجاع وبلد عرف النهضة وأسهم في صناعتها ونشرها من خلال تشرب واستلهام أفكار مفكرين وفلاسفة عظماء من مثل ابن رشد».
من جانبه، قال محمد الشحي مدير إدارة البحوث والإصدارات في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في كلمته خلال المؤتمر الصحافي: «نؤكد مجددا انتماءنا لإرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ووفاءنا له، عبر جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي تراكم منجزها الثقافي العريق بما يليق بمكانة ومقامه والدا وقائدا مؤسسا لدولتنا الحبيبة، كما نحتفل بكبار المبدعين العرب، وقامات السرد الروائي ضمن اللائحة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)». وأضاف الشحي: «كما نحتفي بابن رشد الشخصية المحورية لمعرضنا لهذا العام في دورته السادسة والعشرين، وبإيطاليا ضيف شرف المعرض، لنجمع بين خطين توازيا عبر تاريخ الإنسانية ومثلا معا تجربة ازدهار الحضارات في بعدها الأخلاقي المنفتح والإيجابي، حين كانت إيطاليا جسرا لانتقال الحضارة العربية إلى أوروبا».
ويقدم المعرض هذا العام أكثر من 500 فعالية ثقافية تتنوع بين تلك التي تسلط الضوء على حياة وسيرة ومنجز الفيلسوف والعالم ابن رشد، وفي مقدمها منبر ابن رشد، وتلك التي تقدم المنجز الثقافي والفكري لإيطاليا ضيف شرف المعرض، إلى جانب فعاليات البرنامج المهني للناشرين ضمن نادي الأعمال وركن الإبداع للناشئة وركن النشر الرقمي وعروض الطبخ وسينما الصندوق الأسود والبرنامج الثقافي وتواقيع الكتب وركن المؤلفين.
ويسعى المعرض عبر فعالياته المتنوعة إلى الارتقاء بصناعة النشر والكتاب في الإمارات والمنطقة لتقدم نموذجا عربيا متقدما وفعالا فيما يتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية إسهاما في تعزيز علاقة الناشئة من الشباب والطلبة بالأنشطة الثقافية والإبداعية، ليكونوا رجال الغد المزدهر فكرا وعلما وأدبا وثقافة وليكونوا صناع قرار شعوبهم في مسيرة النهضة الثقافية المستدامة.
من جانبه، قال ليبوريو ستيللينو السفير الإيطالي لدى الإمارات: «في الوقت الذي نحتفي به بمشاركتنا ضيف شرف في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، تشهد مدينة البندقية المدينة التي لطالما كانت جسرا يربط بين العالم العربي وأوروبا فعاليات معرض ألدو مانوزيو الذي اخترع الكتاب الحديث وصناعة النشر في القرن الخامس عشر».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».