أول تقدم لقوات المعارضة في ريفي اللاذقية وحماه منذ 7 أشهر

شكلت غرفة عمليات مشتركة.. وأعادت انتشارها في الشمال

أول تقدم لقوات المعارضة في ريفي اللاذقية وحماه منذ 7 أشهر
TT

أول تقدم لقوات المعارضة في ريفي اللاذقية وحماه منذ 7 أشهر

أول تقدم لقوات المعارضة في ريفي اللاذقية وحماه منذ 7 أشهر

استأنفت قوات المعارضة السورية وحلفاء بينهم كتائب تضم مقاتلين أجانب، تقدمها العسكري في الشمال، بعد سبعة أشهر على انحسار نفوذها بفعل الضربات الروسية التي واكبت قوات النظام، فأطلقت أمس معركة عسكرية واسعة في شمال غربي سوريا، أثمرت تقدمًا على حساب قوات النظام التي تراجعت في ريفي اللاذقية وحماه، وذلك ردا على ما سمته «كثرة الانتهاكات» التي يقوم بها النظام لاتفاقية الهدنة الهشة السارية منذ 27 فبراير (شباط) الماضي.
ويعد هذا التطور العسكري، الأهم بالنسبة لقوات المعارضة وحلفائها منذ 7 أشهر، حيث استعادت قدرتها على الهجوم، إثر تقليص سلاح الجوي الروسي لعدد طلعاته منذ سحب القوة العسكرية الرئيسية في سوريا. كما يعتبر التصعيد الأكبر في شمال سوريا منذ التوصل إلى الهدنة في فبراير الماضي. وأرجعت قوات المعارضة دوافع الهجوم، إلى «الرد على الخروقات» التي يرتكبها النظام.
في الوقت نفسه، أوضح مصدر في الفرقة الأولى الساحلية الموقعة على بيان الفصائل، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، أن «النظام استغل الهدنة ليتقدم في ريف اللاذقية الشمالي وكاد يخرجنا منه، لكن طفح الكيل وحان الوقت لاستعادة المناطق»، فيما وضع مصدر معارض في الشمال هذه العملية في إطار «الرد على تقدم النظام في مدينة حلب»، كاشفًا لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدنة بالنسبة لنا انتهت منذ وقت طويل، حين بدأ النظام معاركه وخروقاته للهدنة وخصوصًا في حلب واللاذقية».
وكان قيادي في «حركة أحرار الشام» قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بأن «الهدنة ولدت ميتة عند الحركة وغيرها من الفصائل».
وأعلنت فصائل سورية مقاتلة، بينها «أحرار الشام» و«جيش الإسلام»، بدء معركة أطلقت عليها اسم «رد المظالم» بعد «كثرة الانتهاكات والخروقات من قبل قوات النظام من استهداف لمخيمات النازحين والقصف المتواصل من نقاط النظام القريبة على الأحياء السكنية».
ولا يبدو أن الهجوم سيؤثر على اتفاق الهدنة، وقال القيادي في حركة «أحرار الشام» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، موضحًا بأن «معظم الفصائل المشاركة في معركة (رد المظالم)، لا تعترف بالهدنة، وبينها كتيبة التركستانيين، وكتيبة المقاتلين القوقازيين والشيشان، إضافة إلى أسود الغاب، وكتيبة تحمل اسم شهداء الساحل».
أما عن فصيل «أحرار الشام» الذي يشارك في العملية، فقال: إنه ملتزم بالهدنة «لكن هناك تنسيق يفرض على الفصائل المشاركة في عمليات عسكرية، في حال دخول فصائل أخرى حليفة لها في المعركة».
بدوره، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الأطراف المنخرطة في معارك ريفي اللاذقية وحماه، هي قوات النظام والمسلحون الموالون لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من طرف، والفرقة الأولى الساحلية وحركة أحرار الشام الإسلامية وأنصار الشام والفرقة الثانية الساحلية والحزب الإسلامي التركستاني وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وفصائل إسلامية ومقاتلة أخرى من طرف آخر.
وفيما أعلن «جيش الإسلام» أن المعركة المعلن عنها «تتعلق بريف اللاذقية الشمالي»، اتسعت المعركة لتشمل ريف حماه الشمالي، حيث سيطر «جند الأقصى» و«الحزب الإسلامي التركستاني» والفصائل الإسلامية على قرية خربة الناقوس بسهل الغاب في ريف حماه الشمالي الغربي، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بالتزامن مع تقدم القوات المعارضة للنظام في محاور كباني ورويسة الملك وعكو بريف اللاذقية الشمالي، والسيطرة ناريًا على بلدة كنسبا التي تم الهجوم عليها من ثلاثة محاور.
هذا، وأفاد ناشطون بسيطرة فصائل المعارضة على قرية المازغلي وتلة الملك في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي.
وقال الشامي بأن التقدم «أحرز حول بلدة سلمى الاستراتيجية التي شاركت في الهجوم عليها قوة كبيرة»، مؤكدًا أن «كنسبا باتت تحت النيران وفوهات القناصين»، مشيرًا إلى أن التقدم «تم إحرازه خلال أقل من ساعتين».
وأكد الشامي أن القوة العسكرية التي شاركت في هجمات ريفي اللاذقية وحماه «موجودة في حماه وإدلب، وانتقلت إلى اللاذقية وريف حماه الشمالي لتخفيف الضغط عن حلب ولتشكيل ضغط على الساحل»، نافيًا في الوقت نفسه أن يكون هناك عناصر دخلوا من الأراضي التركية. وقال: «تركيا أغلقت الحدود منذ 6 أشهر، ولا تسمح حتى للحالات الإنسانية بالخروج»، واضعًا الحديث عن دخول مقاتلين من تركيا في إطار «الشائعات التي يبثها النظام». وأضاف: «جند الأقصى خرّج قبل أيام دفعات كبيرة من المقاتلين، شاركوا أمس في معارك (رد المظالم)، وبينهم عدد من الانتحاريين والانغماسيين»، لافتًا إلى أن القوى المشاركة في العملية العسكرية «جرى تجميعها وفق خطة إعادة انتشار عسكري، وتوزيع للقطاعات».
وخلال الأسبوع الذي سبق الهدنة، أحرزت قوات النظام تقدما واسعا في ريف اللاذقية الشمالي وسيطرت على بلدة كنسبا، آخر معاقل الفصائل الإسلامية والمقاتلة في تلك المنطقة. وشهد ريف اللاذقية الشمالي خلال الهدنة اشتباكات متقطعة بين قوات النظام والفصائل الإسلامية والمقاتلة، وبينها جبهة النصرة.
ولا تقتصر المعارك على اللاذقية، إذ تشهد محافظة حلب منذ بداية الشهر الحالي تصعيدا عسكريا زادت حدته الأسبوع الماضي، تنوعت أطرافه بين متشددين وقوات نظام وفصائل مقاتلة. وقتل 30 مدنيا منذ يوم السبت الماضي في مدينة حلب جراء تبادل قصف بين شطري المدينة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة.
بالموازاة، تجددت المعارك العنيفة في قرية تل بطال بالريف الشمالي لحلب، قرب الحدود السورية – التركية، بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف، وتنظيم داعش من طرف آخر، حيث تمكن التنظيم من استعادة السيطرة على معظم القرية، كما نفذت طائرات حربية عدة غارات على أماكن في طريق بلدة الراعي بريف حلب الشمالي، بينما سقطت عدة قذائف أطلقتها الفصائل الإسلامية والمقاتلة على مناطق سيطرة قوات النظام بحيي الأعظمية وصلاح الدين وأماكن في منطقة الراموسة بأطراف مدينة حلب، في حين قصفت قوات النظام مناطق في بلدة حريتان بريف حلب الشمالي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».