يتوجان حبهما بالزفاف تحت نصب ساحة التحرير ببغداد

‏ مواقع التواصل الاجتماعي تداولت صورهما

يتوجان حبهما بالزفاف تحت نصب ساحة التحرير ببغداد
TT

يتوجان حبهما بالزفاف تحت نصب ساحة التحرير ببغداد

يتوجان حبهما بالزفاف تحت نصب ساحة التحرير ببغداد

وسط فرحة وتشجيع وحماسة الأصدقاء، حقق العراقيان ريهام وحارث حلمهما بالاحتفال والزفاف في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، تلك الساحة التي تعد رمزًا للتحرر، وشهدت ولا تزال احتجاجات العراقيين واعتصاماتهم، للمطالبة بالإصلاح السياسي والقضاء على الفساد في البلاد، وقد حققت صور زفافهما مشاهدات وتعليقات كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي ووصفت بأنها الصور الأجمل في العام الحالي.
يقول العريس حارث الهمام (29 عامًا)، وهو أحد شباب التظاهرات العراقية، ويعمل في ميدان الإخراج السينمائي: «اتفقت مع زوجتي على إتمام العرس وإقامة الحفل تحت نصب التحرير، لما يحمله من رمزية لدى العراقيين بالأمل والخلاص من الظلم، عبر أصوات الجمهور من المتظاهرين، وكان برنامج الحفل عبر التجوال في شوارع وساحات بغداد ومشاركة الناس فرحة زفافنا والتقاط الصور قرب أهم النصب في العاصمة».
وأضاف: «أخفيت الفكرة عن الأهل في البداية كي تكون مفاجأة للجميع، وكنت أعلم أنها ستلقى إعجابهم، وبالفعل هذا ما حصل وبشكل كبير، أما ردود أفعال الناس فهذا ما شكل مفاجأة لي أنا شخصيًا كونهم تفاعلوا مع الفكرة وأيدوها وأثنوا عليها أيضًا، وهناك من أكد أنه سيتزوج بالطريقة ذاتها».
وعن أهداف فكرته، قال الهمام: «أحلم أن تعود المدنية والسلام لبلدي، وأن نتخلص من أكوام التخلف والتراجع التي لحقت بنا منذ التغيير عام 2003، وأن نحيا بسلام ونخلق الفرح للجميع لأننا مللنا الأنظمة المستبدة، وكذلك هي رسالة احتفالية مميزة لتاريخ التاسع من أبريل (نيسان)، ذكرى الخلاص من نظام صدام حسين، ولهذا قررت أن يكون يوم زفافي في نفس ذلك التاريخ».
أما العروس ريهام، (25 عامًا) الحاصلة على شهادة الماجستير من كلية الفنون الجميلة، فقد بدت سعيدة وهي تستقبل تهاني وإعجاب الأصدقاء والأهل، وكذلك تداول الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت: «فرحت لأن فكرتنا وحلمنا نجح بخلق صور الجمال في بلدي رغم كل الظروف الصعبة والاحتقان الطائفي والسياسي».
وعن أطرف ما قرأته من تعليقات على صور زفافهما، قالت: «بعض الناس قالوا إنها صور مفبركة (فوتوشوب) بسبب المجازفة التي تحملها. امرأة شابة ترتدي ثوب زفاف وتلتقط الصور مع عريسها وسط منطقة شعبية هي منطقة (الباب الشرقي) لا ترتادها النساء في العادة، وهي محط أنظار الجميع كونها تتوسط العاصمة بغداد، وقريبة من مركز تجاري كبير».
حارث الهمام، يطمح لإكمال مشروعه الفني بعمل سينمائي كبير يرتقي بواقع السينما العراقية، وهو يفكر بإقامة مشروع احتفالي أكبر يحمل الكثير من المفاجآت في حال تخلص البلد من الطائفيين والمفسدين من الطبقة السياسية التي عاثت في البلاد خرابًا وتراجعًا. وبسبب نجاح فكرته، فهو يطمح أن تمتلئ ساحة التحرير بصور زفاف العرسان الشباب، وسيقدم أي دعم يحتاجونه، وقد تحمل الأيام القادمة مبادرة يقودها مع آخرين تحمل ذات المعنى.
تقول المعلمة زينب نوري، في تعليق كتبته على صفحتها في «فيسبوك» وهي تشارك صور العرسان: «بغداد ستبقى شعلة للأمل والفرح بعزم الشباب وهمتهم، ونحتاج إلى الأمل كي نكون أقوى، وهذه هي بغدادنا الأجمل رغم كل الجراح».
تصوير: أيمن العامري



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».