«الحُر» يحشد قرب حلب لاستعادة ما قضمه النظام خلال الهدنة

أبو زيد: الاتفاق أكد عدم أحقية أي طرف في التقدم على مناطق الطرف الآخر

رجل صدمه فقد بيته وأهله بعد غارة من الطيران الحربي على حي في مدينة حلب القديمة أول من أمس (رويترز)
رجل صدمه فقد بيته وأهله بعد غارة من الطيران الحربي على حي في مدينة حلب القديمة أول من أمس (رويترز)
TT

«الحُر» يحشد قرب حلب لاستعادة ما قضمه النظام خلال الهدنة

رجل صدمه فقد بيته وأهله بعد غارة من الطيران الحربي على حي في مدينة حلب القديمة أول من أمس (رويترز)
رجل صدمه فقد بيته وأهله بعد غارة من الطيران الحربي على حي في مدينة حلب القديمة أول من أمس (رويترز)

بدأت الفصائل المعارضة تحشد للرد على أي محاولات للنظام، للهجوم على مدينة حلب، وذلك باستقدامها المزيد من المقاتلين من بعض المناطق، لتدعيم الخطوط الدفاعية، في ظل استمرار محاولات قوات النظام و«حزب الاتحاد الديمقراطي» التقدم على أكثر من جبهة.
وفيما تستمر المعارك بوتيرة مرتفعة على جبهات عدة في محيط حلب وريفها الشمالي والجنوبي، أكد المستشار القانوني في «الجيش الحر» أسامة أبو زيد، لـ«الشرق الأوسط» أن استقدام المزيد من المقاتلين، بأعداد ليست ضخمة، إلى حلب، مع تجهيزاتهم بمختلف أنواع الأسلحة، الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، ليس لشن عملية عسكرية، بقدر ما هو للرد على انتهاكات قوات النظام المستمرة، بعدما كانت أول من أمس، قد شنت هجوما شرسا على «حي صلاح الدين» واستولت على نقطتين كانتا تحت سيطرة «الحر»، إضافة إلى ما تقوم به «وحدات حماية الشعب الكردية» لقطع «طريق الكاستيلو»، وبالتالي تمهيد الطريق أيضا للنظام لمحاصرة المدينة، مضيفا: «علما بأن هذه الطريق باتت مقطوعة ناريا بفعل استهدافها واستهداف السيارات التي تمر فيها، بالصواريخ، وهو ما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين، وبالتالي بات المرور هناك يشكّل خطرا على الجميع».
وفي حين شدد أبو زيد على أن المعارضة هي في موقع الرد على الخروقات التي يقوم بها النظام وستكون جاهزة لهذا الأمر، أوضح «من حقنا استعادة كل المناطق التي استولى عليها النظام خلال الهدنة، والقتال لاسترجاعها مشروع، انطلاقا من أنه عمد إلى استغلال اتفاق وقف إطلاق النار لقضمها، وهو ما يتناقض مع اتفاق الهدنة الذي أكد أنه ليس لأي طرف الحق بالتقدم على مناطق الطرف الآخر».
من جهته، أفاد «موقع الدرر الشامية» المعارض بأن «حشودًا عسكرية ضخمة للثوار من مناطق حماه وإدلب، وصلت إلى مدينة حلب، للبدء بتحرك عسكري ضخم ضد النظام». ونقل الموقع عن القائد العسكري، أبو العبد، المرافق لتلك القوات، قوله: «إن الهدف من الحشود العسكرية التي وصلت إلى المدينة إفشال مخطط إيران والنظام لحصار المدينة، حيث سيتم الهجوم على عدة محاور لتأمين أطراف المدينة والحفاظ على خطوط الإمداد».
وفي حين يقول «الجيش الحر» إن «حزب الاتحاد الديمقراطي» يعمل على مساندة قوات النظام لقطع «طريق الكاستيلو» المنفذ الوحيد للمعارضة، الذي يصل مناطق سيطرتها في المدينة بضواحيها الغربية والشمالية، ويقوم بالرد على هذا الأمر باستهداف «حي الشيخ مقصود» ذي الغالبية الكردية، يتهم الأكراد المعارضة بالسعي لفرض تغيير ديمغرافي عبر محاولتها السيطرة على الحي.
وتصف المعارضة معاركها في ريف حلب الشمالي والجنوبي بـ«المصيرية»، وخصوصا أنها تأتي بعد أشهر من قتال اتخذ طابع الدفاع، لتغير قوات المعارضة استراتيجيتها العسكرية على جبهات عدة. ويوم أمس، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بارتفاع عدد القتلى الذين سقطوا خلال الـ48 ساعة الماضية، إلى 8، بينهم 5 أطفال، 3 منهم شقيقات جراء قصف الفصائل المعارضة مناطق سيطرة قوات النظام بمدينة حلب. في المقابل أشار إلى سقوط صاروخ يعتقد أنه من نوع أرض - أرض أطلقته قوات النظام على منطقة في حي سيف الدولة بحلب، وتنفيذ طائرات حربية غارتين على مناطق في بلدة العيس بريف حلب الجنوبي، بينما قصفت طائرات حربية مناطق في بلدة مسكنة بريف حلب الشرقي، الخاضعة لسيطرة تنظيم «داعش» ما أدى لأضرار مادية.
وقال مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن: «هناك تصعيد واضح، هو الأكثر عنفا، في مدينة حلب وريفها من الأطراف كافة» منذ بدء الهدنة في سوريا في 27 فبراير (شباط) الماضي. وأضاف أن «الهدنة في كامل سوريا باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى جراء هذا التصعيد، كون محافظة حلب ومدينتها أهمية كبيرة، وتتواجد فيها كافة أطراف النزاع»، لافتا إلى أن «حلب تمتلك مفتاح السلام والحرب في سوريا».
ومنذ العام 2012، تشهد حلب معارك شبه يومية بين الفصائل المقاتلة في الأحياء الشرقية وقوات النظام في الأحياء الغربية، وتراجعت حدة هذه المعارك مع اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي يشمل هذه المدينة. وتتواصل الاشتباكات بين قوات النظام والفصائل المعارضة في حي جمعية الزهراء، في غرب المدينة، وحي صلاح الدين الذي يربط بين الجزأين. وفي محافظة حلب عموما تتنوع الجبهات وأطراف النزاع، إذ تخوض قوات النظام معارك ضد جبهة النصرة والفصائل المعارضة المتحالفة معها في ريف حلب الجنوبي والمناطق الواقعة شمال مدينة حلب. كما تدور معارك بين تنظيم «داعش» وقوات النظام في ريف حلب الجنوبي الشرقي، وأخرى بين التنظيم والفصائل المعارضة قرب الحدود التركية، في أقصى ريف حلب الشمالي.
وتتقاسم قوات النظام و«داعش» والأكراد والفصائل المعارضة وجبهة النصرة، السيطرة على هذه المحافظة.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.