«كالبيليا» الهندية تبهر الجمهور في «كتارا» القطرية

استوحت استعراضاتها من الفلكلور المحلي في «راجيستان»

عروض راقصة على المسرح المكشوف في «كتارا» تمثل  أشهر أغاني التراث الشعبي في «راجيستان» الهندية
عروض راقصة على المسرح المكشوف في «كتارا» تمثل أشهر أغاني التراث الشعبي في «راجيستان» الهندية
TT

«كالبيليا» الهندية تبهر الجمهور في «كتارا» القطرية

عروض راقصة على المسرح المكشوف في «كتارا» تمثل  أشهر أغاني التراث الشعبي في «راجيستان» الهندية
عروض راقصة على المسرح المكشوف في «كتارا» تمثل أشهر أغاني التراث الشعبي في «راجيستان» الهندية

يبدأ مساء اليوم، في المسرح المكشوف بالحي الثقافي «كتارا»، في العاصمة القطرية الدوحة، العرض الثاني لفنون «كالبيليا» الهندية، بعد أن حقق العرض الأول، الذي أقيم في المكان عينه مساء السبت الماضي، نجاحا باهرا.
وتنظم «كتارا» العروض الفنية «كالبيليا» الشعبية الهندية، بالتعاون مع سفارة الهند في الدوحة، برعاية المجلس الهندي للعلاقات الثقافية، وبالتعاون مع المركز الثقافي الهندي. وكان من أبرز فقرات الحفل استعراض قامت بتأديته قائدة الفرقة «سوبكي» التي أبهرت الحضور بأداء رائع وهي تحمل فوق رأسها جرّة اعتادت المرأة القروية في «راجيستان» استخدامها في نقل الماء، مع الرقص فوق قضبان مدببة من المعدن تارة، وفوق عدد من السيوف تارة أخرى، في حركات رشيقة انتزعت إعجاب وتصفيق الحضور.
وقد استهلت الفرقة الحفل برقصة «شيري» التقليدية في «راجيستان»، حيث تضع مجموعة من السيدات جرار الماء فوق رؤوسهن، مع أداء حركات متناغمة على إيقاع الأغاني الفلكلورية، وأعقب ذلك أغنية صوفية للفرقة عن «معين الدين الجشتي» الذي يعد من أشهر المتصوفين في شبه القارة الهندية، ويعرف بـ«مغيث الفقراء».
كما أديت أغنية «جوربان»، وهي من أشهر أغاني التراث الشعبي في «راجيستان»، وتتحدث على لسان زوجة قروية سافر عنها زوجها إلى بلاد بعيدة، وكيف أنها تذكره وتستحضر أيامهما معًا، وتشدو بكلمات مؤثرة وهي تقوم بتزيين مجسّم صغير على شكل بعير، حتى تهديه له عند عودته إلى وطنه، الأمر الذي يعكس مكانة الإبل في تراث وثقافة «راجيستان».
كما قدمت الفرقة إحدى الأغنيات الفلكلورية الشهيرة التي جاءت ضمن أحد أفلام السينما الهندية «بوليوود»، ما يعكس تأثر السينما في الهند بالفنون الشعبية في «راجيستان»، ثم اختتمت الفرقة فقرات الحفل برقصة الكوبرا، حيث استعرضت رقصات متمايلة تشبه حركات أفعى الكوبرا، في أداء رائع، كان مسك الختام في هذا الحفل الذي استمتع به الجمهور من مختلف الجنسيات.
وفي تعليقه على عرض فنون «كاليبيليا»، اعتبر السفير الهندي في قطر، سانجيف أرورا، أن مثل هذه الفعاليات تعكس الاهتمام بالتواصل الثقافي بين الشعوب، ما يجعلها وجهة مثالية للتنوع الثقافي في قطر، وقال: «يأتي هذا الحفل إيذانًا بانطلاق فعاليات مهرجان «الطريق إلى الهند» الذي تتواصل فعالياته في «كتارا»، مساء اليوم الاثنين، ويشهد عروضًا فنية ثرية متنوعة».
وأضاف السفير الهندي: «تعبّر هذه الفرقة التي نستمتع بأدائها الليلة عن الفنون الشعبية لقبيلة (كالبيليا) التي تنحدر من منطقة (راجيستان)، جنوب الهند، والتي تتشابه مع قطر إلى حد كبير في أن معظم أرضها صحراء، إلى جانب تشابه كبير في نمط الحياة. وتستخدم الفرقة الآلات الموسيقية الهندية التقليدية. وقد أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونيسكو، أغاني ورقصات (كالبيليا) ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية، في العام 2010».
من جهة أخرى، يشهد الحي الثقافي، مساء اليوم، حفلا للأوركسترا السيمفونية الرئاسية التركية، بدار الأوبرا بـ«كتارا». ويتضمن الحفل مجموعة متنوعة من المعزوفات الأوركسترالية لهذه الفرقة التركية التي تأسست تحت عنوان «مزيكا هومايون» مع المجلس التأسيسي في عهد السلطان محمود الثاني، عام 1826.
وفي عام 1924، نُقلت «مزيكا هومايون» إلى أنقرة، بأمر من مؤسس الجمهورية التركية كمال أتاتورك، وفي عام 1932، استمرت أعمالها مرتبطةً حينها بوزارة التربية والتعليم التركيّة، تحت اسم «أوركسترا الرئاسة التركية».
واتخذت في عام 1957 اسم «أوركسترا سيمفونية رئاسة الجمهورية»، وترتبط السيمفونية حاليا بوزارة السياحة والثقافة التركية.
وقد لعبت الأوركسترا الرئاسية، كأقدم فرقة في تركيا، دورًا حيويًا في نشر الموسيقى ذات الطبقات الصوتية المتعددة، من خلال حفلات لا تحصى قدمتها في كافة ربوع تركيا، لتجعل هذا النوع من الموسيقى محبوبًا لدى عامة الناس. كما قامت بتعريف الموسيقى التركية المتعددة الأصوات في الخارج، بواسطة أمسيات موسيقية قدمتها في ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وكوريا الجنوبية، وغيرها من الدول.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».