الفنان سعد الفرج يطرز مهرجان الكويت الدولي لـ«المونودراما»

جانب من حفل الافتتاح
جانب من حفل الافتتاح
TT

الفنان سعد الفرج يطرز مهرجان الكويت الدولي لـ«المونودراما»

جانب من حفل الافتتاح
جانب من حفل الافتتاح

انطلقت مساء أول من أمس الدورة الثالثة من مهرجان الكويت الدولي للمونودراما التي تحمل هذا العام اسم «دورة الفنان سعد الفرج» وتستمر حتى 23 أبريل (نيسان) الحالي.
وشهد حفل الافتتاح عرضًا مسرحيًا ارتجاليًا بعنوان «تحية إلى سعد الفرج» من إخراج نجف جمال، كما شهد الافتتاح معرضًا للصور الفوتوغرافية الخاصة بالفنان سعد الفرج، إضافة إلى توزيع كتاب من إعداد عبد الله الرويشد وعماد جمعة، ومعرض الرواد التشكيليين.
وكُرّم في الحفل الفنان سعد الفرج، الذي ارتجل كلمة قال فيها: «أنا سعيد جدًا بهذا التكريم وهو فعلاً يكفيني عن أي تكريم آخر، وأشكر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ولجميع زملائي الفنانين».
كذلك جرى تكريم خاص لاسم المخرج الراحل فؤاد الشطي، ثم تم عرض فيلم قصير مدته 15 دقيقة من إعداد عبد الله الرويشد وإخراج نجف جمال والمخرج المنفذ ناصر البلوشي، بمشاركة النجوم سعد الفرج ومحمد جابر وهيفاء عادل وغانم السليطي.
ويتضمن المهرجان فعاليات متنوعة من العروض المسرحية والندوات التطبيقية والشهادات الفنية، علاوة على معارض للفنون التشكيلية والصور الفوتوغرافية بمشاركة عربية وعالمية.
وتشهد الدورة الحالية مشاركة 13 عرضًا خليجيًا وعربيًا وعالميًا، وهي: «السجينة» إنتاج فرقة الوطن في قطر، تأليف وإخراج الفنان صالح المناعي وتمثيل حنان صادق، و«في انتظار مريم» من البحرين، و«a fall for rise» من أرمينيا، و«رائحة القهوة» من فرنسا، و«أنتيغون» من ليتوانيا الذي تشارك به النجمة العالمية الليتوانية بيروتي مار (مواليد 1969)، الحاصلة على جائزة «فاليري كازانوف» للمونودراما في «الفجيرة»، التي تمنحها لجنة التحكيم الخاصة من الرابطة الدولية للمونودراما، و«الحلاج وحيدًا» من الإمارات، و«حكاية ونهاية» من تونس، و«اللي ميتسماش» من مصر لفرقة الشروق للمكفوفين، و«from front and from behind» من بولندا، و«مايا» من الجزائر، و«هذه المدينة لا تحب الخضار» من عُمان، وأخيرًا الكويت بعرضي «فريا ستارك: رسائل من الكويت» باللغة الإنجليزية من تأليف هدى الشوا وإخراج عبد العزيز الحداد، و«قلوب شجاعة».
وبدأت عروض المهرجان منذ يوم أمس وتستمر حتى 23 أبريل الحالي، وتقام على فترتين على مسرح الدسمة يعقبها ندوات تطبيقية.
وفي حفل الافتتاح قال الدكتور بدر الدويش الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب: «نلتقي هذه الليلة في أمسية مسرحية بامتياز تجمع بين نخبة من محترفي وهواة المسرح والمحبين والمهتمين بهذا الفن الجميل الذي نؤمن بأهميته في حياتنا لبث روح الوعي والتنوير بكيفية مواجهة قضايا المجتمع وبناء الإنسان في بيئة صحية وثقافية وفنية مما يمكنه من المساهمة الفاعلة في التقدم الحضاري الذي ننشده جميعًا».
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن محمد العسعوسي الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب قوله على هامش افتتاح المهرجان: «إن هذا المهرجان أصبح علامة مميزة من علامات الفعل المسرحي»، مضيفًا: «المهرجان أثبت نجاحه على المستويين العربي والمحلي، لا سيما أنه جاء ليسد فراغًا مسرحيًا وثقافيًا في الكويت، إذ إن المونودراما فن راسخ وله مريدوه»، موضحًا أن استمرارية هذا المهرجان دليل على اهتمام الكويت بالأعمال المسرحية وتشجيعها.
من جهة أخرى، قال الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الدكتور بدر الدويش، إن دورة المهرجان لهذا العام تحمل اسمًا فنيًا كبيرًا هو الفنان سعد الفرج الذي يعبر بأعماله الفنية عن ضمير وإرادة الشعب، ويستحق أن يكون «ممثل الشعب» لإثرائه الحركة المسرحية في الكويت خلال 58 عامًا من العطاء الفني، حيث ترك إرثًا خالدًا من الأعمال المسرحية التي لا تنسى في تاريخ الكويت.
في حين قالت الممثلة المصرية فردوس عبد الحميد إن «للكويت مكانة فنية كبيرة وللمسرح مساحة في وجداننا، فالكويت حققت الريادة دومًا وهذا المهرجان حقق سمعة طيبة عربيًا ودوليًا ولا بد من تشجيع استمرارية المهرجان».
و«المونودراما» فن من الفنون الدرامية، وهو من أشكال المسرح التجريبي التي تطورت واتسعت رقعتها خلال القرن العشرين، وهي قائمة على ممثل واحد يسرد الحدث عن طريق الحوار.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».