السنغال تفوز بـ«التانيت الذهبي» في أيام قرطاج الموسيقية

عرض «ناتال» قدم مزيجًا رائعًا من الموسيقى الأفريقية

فاز عرض ناتال بالجائزة الأولى وقيمتها 20 ألف دينار تونسي (نحو عشرة آلاف دولار)
فاز عرض ناتال بالجائزة الأولى وقيمتها 20 ألف دينار تونسي (نحو عشرة آلاف دولار)
TT

السنغال تفوز بـ«التانيت الذهبي» في أيام قرطاج الموسيقية

فاز عرض ناتال بالجائزة الأولى وقيمتها 20 ألف دينار تونسي (نحو عشرة آلاف دولار)
فاز عرض ناتال بالجائزة الأولى وقيمتها 20 ألف دينار تونسي (نحو عشرة آلاف دولار)

باحت أيام قرطاج الموسيقية بأسرارها وأعلنت عن مختلف جوائزها المالية. وتمكن عرض «ناتال» لفرقة «ساهادو ذو ناتال باتش وورك» من السنغال من الفوز بـ«التانيت الذهبي» خلال هذه الدورة الثالثة التي اختتمت مساء أول من أمس (السبت) وسط أجواء احتفالية بقصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية.
وأعلنت لجنة التحكيم التي ترأسها الفنان التونسي عدنان الشواشي عن فوز عرض ناتال بالجائزة الأولى للمسابقة الرسمية وقيمتها 20 ألف دينار تونسي (نحو عشرة آلاف دولار)، وهي نتائج لم تفاجئ كثيرًا ممن تابعوا هذه التظاهرة واطلعوا على مختلف العروض المتنافسة على الجوائز.
وحصل عرض «أصلي» للتونسي صبري مصباح على «التانيت الفضي» (15 ألف دينار تونسي)، فيما عادت جائزة «التانيت البرونزي» للتونسي نصر الدين الشبلي عن عرضه «فلاقة»، وتبلغ قيمتها عشرة آلاف دينار تونسي.
ونالت فرقة «بانجبي براس باند» من بنين عن عملها الفني «جو سلو تو لاجوس» جائزة الجمهور والجائزة الخاصة للتأليف الموسيقي.
وتنافس على جوائز المسابقة الرسمية 12 عرضًا منها تسعة عروض تونسية وثلاثة عروض من السنغال وبنين والمغرب، فيما قدم خارج المسابقة أكثر من 25 عرضًا فنيًا متنوعًا وأقيم صالون للصناعات الموسيقية. وتواصلت عروض الدورة من 9 إلى 16 أبريل (نيسان) الحالي، وتضمنت عدة عروض موسيقية موازية وصالونًا للصناعات الموسيقية.
وتقتصر المنافسة بالمسابقة على المشاريع الموسيقية الجديدة والمبتكرة، التي تقدم في شكل عروض مباشرة من حاملي الجنسية التونسية أو إحدى جنسيات البلدان العربية والأفريقية.
وتكونت لجنة التحكيم من تسعة أشخاص برئاسة الملحن والمطرب التونسي عدنان الشواشي، وضمت البشير السالمي عازف الكمنجة التونسي، والمنتج الأردني رائد عصفور مدير مهرجان البلد، ووناس خليجان المؤلف الموسيقي التونسي، وميشال مار عازف الجاز الفرنسي، والفنانة اللبنانية أميمة الخليل، والموسيقي التونسي أمين بوحافة.
من جانبه، قال عدنان الشواشي رئيس لجنة التحكيم في تصريح إعلامي إثر الإعلان عن النتائج في اختتام هذه التظاهرة الموسيقية: «عبرت العروض المقدمة في المسابقة الرسمية عن مستويات مختلفة، إذ إن البعض منها ارتقى إلى العالمية بفضل الموسيقى الرائعة والاشتغال على الأداء الفرجوي المدهش، في حين أتت بعض الأعمال أقل مستوى رغم المجهود الكبير والجدي للموسيقيين».
وتحرص المجموعة السنغالية الفائزة على بث رسائل المحبة والسلام، وتعكس أنغامها تنويعات موسيقية مختلفة، فهي تمد جسورًا بين عدد من الثقافات الموسيقية المنتشرة بأفريقيا بتشكيل مزيج جذاب من موسيقى البلوز المالي والروك والأفروربيت والجاز، واعتمد عملها الفني الفائز على بحوث جادة لتبتكر نغمات فريدة وثرية يهتز معها الجسد وتنتشي بنغماتها الروح.
ومرت هذه التظاهرة الموسيقية بعدة محطات، إذ انطلقت بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي تحت اسم مهرجان الأغنية التونسية، قبل أن تتحول سنة 2005 إلى مهرجان الموسيقى التونسية، لتقام لأول مرة في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2010 تحت اسم أيام قرطاج الموسيقية، وتوقفت بعد الثورة لتعود خلال السنتين الماضيتين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».