قمة مصرية فرنسية في القاهرة اليوم تشهد التوقيع على اتفاقيات تعاون

وسط مخاوف من تأثير قضية مقتل الطالب الإيطالي على مباحثات الجانبين

قمة مصرية فرنسية في القاهرة اليوم تشهد التوقيع على اتفاقيات تعاون
TT

قمة مصرية فرنسية في القاهرة اليوم تشهد التوقيع على اتفاقيات تعاون

قمة مصرية فرنسية في القاهرة اليوم تشهد التوقيع على اتفاقيات تعاون

يعقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لقاء قمة مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند، في القاهرة اليوم (الأحد)، في ثاني زيارة للرئيس الفرنسي للقاهرة خلال العامين الماضيين. ومن المقرر أن تشهد الزيارة التي يشارك فيها ممثلو نحو 60 شركة فرنسية كبرى، إضافة إلى وزيري الدفاع جون إيف لودريان، والثقافة والإعلام أودري أزولاي، توقيع عدد من الاتفاقيات بين القاهرة وباريس، وإبرام صفقات تسليح جديدة. ويخشى مراقبون أن تتأثر الزيارة بالضغوط المتزايدة على الرئيس الفرنسي لطرح ملف حقوق الإنسان على جدول أعمال مباحثاته في القاهرة، على خلفية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة.
وشهدت العلاقات المصرية الفرنسية تناميا ملحوظا في الآونة الأخيرة، حيث عقدت مصر صفقات تسليح مع فرنسا قدرت بنحو 6 مليارات يورو، من بينها اتفاقية عسكرية وقعت في فبراير (شباط) العام الماضي لشراء طائرات «رافال»، وفرقاطة «فريم» وذخائر، بالإضافة لصفقة أخرى لشراء حاملة المروحيات «ميستيرال». وقالت مصادر مطلعة إن زيارة هولاند للقاهرة ستشهد التوقيع على صفقات أسلحة تقدر بنحو مليار دولار.
ويرى مراقبون أن مشاركة وزير الدفاع الفرنسي ضمن الوفد الذي يزور القاهرة، تؤكد عمق العلاقات العسكرية بين البلدين، لافتين إلى وجود مصلحة كبرى لفرنسا في التنسيق مع القاهرة في إطار حربها على الإرهاب في ليبيا.
وكان الرئيس الفرنسي قد شارك في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة في 6 أغسطس (آب) العام الماضي، لكن زيارته للقاهرة هذه المرة تأتي ضمن جولة في الشرق الأوسط من المقرر أن تشمل لبنان والأردن.
ويخشى مراقبون من أن يعكر صفو الزيارة الانتقادات الأوروبية المتزايدة بشأن ملف حقوق الإنسان والحريات على خلفية حادث مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي يكتنفه الغموض.
واجتمع اثنان من أبرز مستشاري الرئيس الفرنسي الخميس الماضي مع مسؤولي ست منظمات دولية وفرنسية وإقليمية. وناقش الاجتماع أوضاع حقوق الإنسان في مصر. وقالت مصادر حقوقية مصرية إن اللقاء جاء بهدف وحث الرئيس الفرنسي على إدراج قضايا حقوق الإنسان على جدول أعماله في القاهرة، وتقديم توصيات محددة تتبنى أولويات المنظمات الحقوقية المصرية المستقلة.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز»، قد شنت في افتتاحيتها قبل يومين هجوما حادا على الرئيس الفرنسي على خلفية زيارته للقاهرة، ووصفت موقف فرنسا من قضية الطالب الإيطالي بـ«المخزي».
وواجهت مصر أزمة عميقة في علاقتها المزدهرة مع إيطاليا على خلفية مقتل ريجيني الذي عثر على جثته وعليها آثار تعذيب غرب القاهرة أوائل شهر فبراير (شباط) الماضي بعد أيام من اختفائه يوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي.
ويرى مراقبون أن زيارة الرئيس الفرنسي لمصر تمثل تحديا لقرار البرلمان الأوروبي بشأن قضية ريجيني. وكان البرلمان الأوروبي قد دعا الدول الأعضاء إلى حظر تصدير الأسلحة أو المعدات الأمنية لمصر في أعقاب مقتل الطالب الإيطالي.
ومن المتوقع أن تشهد القمة الفرنسية المصرية التوقيع على اتفاقيات حكومية، بالإضافة للتوقيع على 19 اتفاقية تجارية بين شركات مصرية وفرنسية على هامش انعقاد منتدى فرص الاستثمار المصري الفرنسي، والذي يفتتحه الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي يوم غد (الاثنين).
وتأتي فرنسا المركز السادس من حيث إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية بمصر، خلف بريطانيا وأميركا والسعودية والإمارات وبلجيكا، بقيمة بلغت نحو 3.2 مليار يورو، من خلال 150 شركة فرنسية تعمل بالسوق المصرية، توظف 33 ألف عامل مصري.
إلى ذلك، استقبل الرئيس السيسي أمس الفريق أول جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأميركية، وذلك بحضور الفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، بالإضافة إلى سفير الولايات المتحدة بالقاهرة.
وقال علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إن الرئيس السيسي أكد على العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين مصر والولايات المتحدة، معربا عن حرص مصر على الارتقاء بالتعاون الثنائي مع الولايات المتحدة على الأصعدة كافة، بما فيها على الصعيد العسكري الذي يشهد تعاونا بناء وممتدا بين البلدين على مدار العقود الماضية. وأشار الرئيس خلال اللقاء إلى أن ما تمر به منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن من اضطرابات وتحديات تستوجب زيادة التنسيق والتعاون بين مصر والولايات المتحدة من أجل التغلب على مختلف التحديات المشتركة، منوها إلى ما تبذله مصر من جهود على صعيد مكافحة الإرهاب والتطرف.
وأضاف المتحدث الرسمي أن قائد القيادة المركزية الأميركية أكد خلال اللقاء على دور مصر المحوري والرئيسي في المنطقة باعتبارها دعامة أساسية للسلام والاستقرار، مشيرا إلى أن مصر تمثل شريكا هاما للولايات المتحدة التي تحرص على تعزيز علاقاتها الاستراتيجية معها، لا سيما في ضوء ما يربط الدولتين من علاقات تعاون وثيق في المجال العسكري يمتد لسنوات طويلة، كما أشاد فوتيل بجهود مصر في مجال مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى الخطوات التي تتخذها على صعيد التحول الديمقراطي وتحقيق التنمية الشاملة.
وأشار السفير يوسف إلى أن اللقاء تطرق إلى آخر التطورات بالنسبة للأزمات التي يمر بها عدد من دول المنطقة، حيث تلاقت وجهات النظر حول ضرورة مواصلة الجهود الدولية من أجل إعادة السلام والاستقرار إلى تلك الدول، والعمل على التوصل إلى حلول سياسية تنهي هذه الأزمات وتوقف نزيف الدم وسقوط الضحايا من الأبرياء.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.