تفجير في جنوب لبنان يستهدف قياديًا في فتح يفاقم المخاوف الأمنية

اللينو لـ «الشرق الأوسط» : الوضع غير طبيعي.. وغرفة عمليات تدير مجموعات مشبوهة

سكان محليون يتابعون تداعيات تفجير سيارة قائد حركة فتح في مخيم المية ومية العميد فتحي زيدان في مدينة صيدا جنوب لبنان أمس («الشرق الأوسط»)
سكان محليون يتابعون تداعيات تفجير سيارة قائد حركة فتح في مخيم المية ومية العميد فتحي زيدان في مدينة صيدا جنوب لبنان أمس («الشرق الأوسط»)
TT

تفجير في جنوب لبنان يستهدف قياديًا في فتح يفاقم المخاوف الأمنية

سكان محليون يتابعون تداعيات تفجير سيارة قائد حركة فتح في مخيم المية ومية العميد فتحي زيدان في مدينة صيدا جنوب لبنان أمس («الشرق الأوسط»)
سكان محليون يتابعون تداعيات تفجير سيارة قائد حركة فتح في مخيم المية ومية العميد فتحي زيدان في مدينة صيدا جنوب لبنان أمس («الشرق الأوسط»)

قُتل مسؤول في حركة فتح، يوم أمس الثلاثاء، بتفجير سيارته في مدينة صيدا جنوب لبنان، مما أعاد الملف الأمني إلى الواجهة في ظل تنامي المخاوف من مخطط لضرب الاستقرار الهش الذي تشهده المخيمات الفلسطينية كما الساحة اللبنانية بشكل عام.
ولم تتمكن القيادات الفلسطينية بعد من مُعالجة تداعيات الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدها مخيم عين الحلوة (جنوب لبنان)، ليباغتها يوم أمس الانفجار الذي استهدف قائد حركة فتح في مخيم المية ومية الفلسطيني وعضو قيادة منطقة صيدا في الحركة العميد فتحي زيدان، الملقب بـ«زورو».
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الانفجار وقع بعد مغادرة زيدان اجتماعا في «المية ومية» متجها إلى صيدا، بحيث تم تفجير عبوة ناسفة وُضعت داخل سيارته عند «دوار الأميركان». وأظهرت صور التفجير جثة ممزقة بالكامل انتشرت أشلاؤها على الطريق العام، فيما بدت السيارة المستهدفة وسيارات أخرى مشتعلة.
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أن «عبوة ناسفة موضوعة داخل سيارة يقودها مسؤول حركة فتح في مخيم الميّة وميّة، فتحي زيدان، انفجرت فيها ظهر يوم أمس في محلة ساحة الأميركان - صيدا، مما أدى إلى مقتل سائقها على الفور»، وإثر ذلك فرضت قوات الجيش طوقًا أمنيًا حول المكان، كما حضر الخبير العسكري الذي قام بمعاينة موقع الانفجار، وحدّد زنة العبوة بنحو كيلوغرام من المواد المتفجرة.
من جهتها، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، بأن زيدان الذي شارك في اجتماع أمني بمخيم المية ومية، كان في طريقه لاستكماله باجتماع آخر في مقر فتح داخل مخيم عين الحلوة، لافتة إلى أنّه «تم تشكيل لجنة تحقيق فلسطينية لتتولى التنسيق مع أجهزة الدولة اللبنانية لكشف ملابسات الانفجار ومن يقف وراءه».
ويقع مخيم المية ومية شرق صيدا ويبعد ما يقرب من خمسة كيلومترات عن وسط المدينة. وفيما تبلغ مساحته 5 آلاف و404 مترات مربعة، يسكنه نحو 4 آلاف و500 نسمة. في المقابل يعيش نحو مائة وعشرين ألف شخص داخل عين الحلوة الذي لا تتعدى مساحته الكيلومتر المربع الواحد. وتشهد المخيمات الفلسطينية عموما وعين الحلوة، أحداثا أمنية بشكل مستمر، نتيجة تفلت السلاح وعدم وجود سلطة للأجهزة الأمنية اللبنانية داخلها، بحيث تتولى الأمن فيها قوة فلسطينية مشتركة. وقد توتر الوضع مؤخرا في عين الحلوة على خلفية تحرك مجموعات متطرفة داخله، قال مسؤولون فلسطينيون بوقت سابق إنّها مقربة من «داعش».
واتهم العميد محمود عيسى اللينو، رئيس التيار الإصلاحي المسؤول السابق لقوات الكفاح المسلح التابعة لفتح، إن «مجموعات مشبوهة يديرها عقل مدبر وغرفة عمليات بالوقوف وراء الأحداث الأمنية الأخيرة»، معتبرا أن استهداف زيدان «استهداف لأمن واستقرار كل المخيمات». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب مواجهة هذا المخطط بوضع حد لحالة الاسترخاء لدى القوى المعنية والانتقال إلى مرحلة التعاطي الجدي مع الموضوع خصوصا أن كثيرا ممن نفذوا عمليات اغتيال معروفين بالاسم». ووصف اللينو الوضع بشكل عام بـ«غير الطبيعي والحذر»، متحدثا عن «مخاوف كبيرة لدى سكان عين الحلوة».
من جهته، وافق أمين سر القوى الإسلامية في عين الحلوة، الشيخ جمال خطاب اللينو، في رؤيته لعملية اغتيال زيدان، بحيث اعتبر أنها «تستهدف المخيمات ولبنان ككل وتأتي في إطار مخطط لزرع الفتنة التي يريدها العدو الصهيوني». وقال، لـ«الشرق الأوسط»، إننا «لا نعتقد أن المجموعات المحسوبة على (داعش) داخل عين الحلوة هي من نفذت العملية التي اعتمدت على تقنيات متقدمة، خصوصا أن تفخيخ السيارة لم يتم في المخيم، وأن العناصر المذكورة غير قادرة على التحرك بحرية بين الداخل والخارج».
وإذ شدّد قائد القوة الأمنية المشتركة في لبنان، اللواء منير المقدح المقدح، على أنه «من غير المسموح أن يأخذ أي فريق المخيمات رهينة»، موضحًا أن «التنسيق مع الجهة اللبنانية يجري على أعلى المستويات»، استنكر مسؤول حركة حماس في لبنان، علي بركة، عملية اغتيال زيدان، واضعًا إياها في دائرة استهداف المخيمات الفلسطينية في لبنان وإحداث فتنة داخلية. وأعرب بركة عن «مخاوفه من أن تكون الجريمة جزءا من مسلسل قد يدخلنا في عمليات اغتيال من أجل إشعال فتنة داخل المخيمات، لا سيما أن الموقف الفلسطيني في لبنان من مختلف القضايا موحد».
ودعا جميع الفصائل الفلسطينية إلى ضبط النفس، مطالبًا السلطات اللبنانية «بمتابعة القضية، خصوصًا أن الجريمة وقعت خارج المخيمات، بالإضافة إلى كشف المجرمين وإنزال أقصى العقوبات بهم».
ويتخوف فرقاء لبنانيون من أن يكون هناك من يسعى لافتعال أحداث أمنية في لبنان بهدف تأجيل الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها الشهر المقبل، باعتبار أن مجلس النواب كان قد أجّل الانتخابات النيابية ولدورتين متتاليتين، بحجة ما قال وقتها إنّها «أسباب أمنية». إلا أن وزارة الداخلية ردّت على «بعض التسريبات السياسية في وسائل الإعلام عن وجود أكثر من سيناريو لتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية، من بينها التأجيل لأسباب أمنية بعد انعقاد مجلس الأمن المركزي»، مؤكدة أنها «منهمكة في الإعداد الجدي لإجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها من دون أي تعديل أو تأجيل، وذلك في مختلف المحافظات اللبنانية». وأضافت: «إذا كان هناك من قوى سياسية راغبة في التأجيل، فلتتوجه إلى المجلس النيابي وليس إلى وزارة الداخلية».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.