حتمية نهاية الدفع النقدي لصالح ساعة «آبل» والهواتف الذكية

بسبب سهولة استخدام هذه التقنية وتقديمها مستويات أمان عالية

استخدام ساعة آبل والهواتف الذكية في المعاملات البنكية
استخدام ساعة آبل والهواتف الذكية في المعاملات البنكية
TT

حتمية نهاية الدفع النقدي لصالح ساعة «آبل» والهواتف الذكية

استخدام ساعة آبل والهواتف الذكية في المعاملات البنكية
استخدام ساعة آبل والهواتف الذكية في المعاملات البنكية

يقترب العالم من حقبة مالية جديدة تتمثل بالانتقال نحو الدفع الإلكتروني، حيث انتشرت سبل الدفع الرقمي عبر الأجهزة المحمولة وأصبحت أكثر أمانا من السابق، مع سهولة استخدامها للجميع والقدرة على التعافي بسهولة وبسرعة من حالات السرقة والفقدان. ومع وجود أكثر من ربع مليون متجر في بريطانيا يقبل وسيلة الدفع «آبل باي» عبر هواتف «آيفون» وساعات «آي ووتش»، ودفع نحو 2.5 مليار جنيه إسترليني النصف الأول من عام 2015 باستخدام تقنيات الاتصال من دون لمس، فإن هذه التقنية تهدد بتوقف التعاملات المالية.
وكان المفوض الأوروبي للاقتصاد الرقمي «جونتر أوتينجر» الألماني قد أعرب عن اعتقاده بحتمية نهاية الدفع النقدي خلال ندوة في مدينة شتوتغارت لتكون بالوسائل الرقمية، مؤكدا أن «الأموال السائلة ستنقرض، وسندفع بساعة آبل أو بالهاتف الذكي». وتأتي هذه التصريحات في ظل تحفظ الألمان مقارنة بالفنلنديين والدنماركيين فيما يتعلق بوسائل الدفع، حيث تمسك الألمان في السابق لفترة طويلة بالشيكات، كما أن بطاقات الخصم ظلت شائعة على مدار فترة طويلة.
وتتم عملية الدفع الرقمي بتقريب هاتف المستخدم الذي يدعم تقنية الاتصال عبر المجال القريب Near Field Communication NFC من جهاز الدفع، ليعمل تطبيق «ادفع فورا» ويطلب من المستخدم تأكيد هويته من خلال تمرير أصبع فوق مستشعر البصمات أو الضغط مرتين على زر ساعة «آبل»، كي يقبل النظام العملية.
وتوفر نظم الدفع الرقمية، ومن بينها «آبل باي»، وسيلة أكثر أمانا مقارنة بتقنية الدفع بملامسة البطاقة للجهاز، حيث إن بيانات البطاقة ليست مخزنة داخل الهاتف أو داخل أجهزة «آبل». ويقوم جهاز المستخدم بإنتاج رقم خاص مشفر (مرمز) يخزن داخل شريحة في الجهاز، الأمر الذي يسمح بإيقاف عمل هذه الميزة في حال فقدان المستخدم لهاتفه أو مسح جميع ما يحتويه من بيانات باستخدام ميزة الحذف عن بُعد.
ويتطلب انتقال المستخدمين إلى هذه التقنية دعم غالبية المتاجر لها، حيث يجب استخدام جهاز يحتوي على شريحة قراءة لتقنية الاتصال عبر المجال القريب. ويتوقع أن يزداد تبني قطاع الأعمال لهذه التقنية بعد ظهور منافعها. ويجب كذلك إطالة عمر بطاريات الأجهزة المحمولة، حيث إن آخر ما يريده المستخدم هو عدم القدرة على شراء البضائع ليلا بسبب أن بطارية هاتفه قد نفذت.
وعلى الرغم من أن كثيرا من الناس يفضلون حمل بطاقات المصارف والبطاقات الائتمانية في محافظهم أكثر من حمل النقود الورقية، وأن واحدا من بين كل 6 أشخاص لن يتسوقوا في متاجر لا تدعم الدفع باستخدام البطاقات، إلا أن نظم الدفع عبر الأجهزة المحمولة تهدف إلى عدم حمل محفظة بالأساس، حيث يمكن للمستخدم تحويل بطاقاته الائتمانية إلى صيغة رقمية بإدخال بياناتها في التطبيقات المتخصصة بذلك، الأمر الذي يزيل عناء حمل البطاقات. ويكفي بعد ذلك تمرير الهاتف فوق الجهاز لإتمام العملية، مع إزالة الحاجة لتذكر الأرقام السرية المختلفة للبطاقات الكثيرة للمستخدم، ذلك أن بصمته كفيلة بضمان تعريف هويته. وليست هذه التقنية الوحيدة التي تبشر بعادات شراء إلكترونية جديدة، حيث أعلنت «باي بال» PayPal (لدى الخدمة أكثر من 137 مليون حساب نشط في 193 بلدا يستخدمون 26 عملة) في وقت سابق عن إطلاق قارئات بطاقات لتقنية الدفع الإلكتروني الخاصة بها، مع تقديم «سامسونغ» لنظام «سامسونغ باي» Samsung Pay ومحفظة «غوغل» Google Wallet التي ستطلق بطاقة تحاكي عملية الدفع عبر الهواتف الجوالة للمتاجر التي لا تدعم تقنية الدفع الجديدة هذه. وبالنسبة لذوي الدخل الميسور الذين لا يستطيعون شراء هواتف ذكية بمواصفات متقدمة تدعم هذه التقنيات، فإن بروز فئة الهواتف متوسطة الفئة ذات المواصفات العالية والأسعار المنخفضة سيسهل تبنيهم لهذه التقنية، وخصوصا مع انتشار السرقات في الأحياء الفقيرة، حيث لن يستطيع اللصوص سرقة أي أوراق نقدية أو بطاقات ائتمانية بسبب أن عملية الدفع تتطلب بصمة المستخدم في كل مرة يتم استخدامها. ويتوقع أن تدعم جميع آلات الدفع النقدي في متاجر بريطانيا هذه التقنية بحلول عام 2020.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».