قطر: ملحمة شعرية يسطرها 30 شاعرًا على مسرح الأوبرا

في مهرجان فني وشعري تحت عنوان «تجمل الشعر بخير البشر»

الشعراء على مسرح الأوبرا
الشعراء على مسرح الأوبرا
TT

قطر: ملحمة شعرية يسطرها 30 شاعرًا على مسرح الأوبرا

الشعراء على مسرح الأوبرا
الشعراء على مسرح الأوبرا

حين انتهى الشاعر العربي كعب بن زهير من إنشاد قصيدته (بانت سعاد فقلبي اليوم متبول، متيم إثرها لم يفد مكبول)، خلع النبي محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، بردته تكريما له، وعلى منوال كعب بن زهير يتسابق ثلاثون شاعرا تجمعوا في العاصمة القطرية الدوحة، للفوز بجائزة شاعر الرسول، في أول نشاط ثقافي ديني ينظم على مستوى الوطن العربي، ضمن مهرجان «كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم».
وتهدف المسابقة إلى اختيار أفضل 5 متسابقين، في مسابقة شعرية يستخدم فيها الشعراء الأدوات الشعرية وأساليب وتراكيب اللغة العربية للارتقاء بالحس الشعري، والوصول إلى جماليات الشعر المتخصص في مديح الرسول وسيرته النبوية العطرة.
وفي حفل كبير أقيم في مسرح الأوبرا الكبير في الحي الثقافي (كتارا) تدفق الشعراء والخطباء وفنانو الخط العربي والموزاييك الإسلامي، يعبرون عن تقديرهم للنبي الذي ألهم البشرية السماحة والسلام.
وازدان الحي الثقافي في الدوحة بعدد كبير من المقتبسات التي ترمز إلى أقوال وآراء مفكرين عالميين في شخصية الرسول محمد ورسالته الخالدة.
وقد انطلق، مساء أمس، في العاصمة القطرية الدوحة، مهرجان «كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم» الذي يقام خلال الفترة من 10 إلى 14 أبريل (نيسان)، وتنظمه المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا».
تضمن عديدا من الفعاليات، بينها معرض الخط العربي، ومعرض شعراء عبر العصور في مدح الرسول، صلى الله عليه وسلم، والمعرض الإسلامي، ومعرض الرسول، واستضافة محاضرين لتقديم دروس في حب الرسول، ومحاضرات بعنوان: «الرسول الإنسان».
وستكون ذروة المهرجان يوم 14 أبريل (نيسان) الحالي؛ حيث يقام حفل ضخم لتوزيع جوائز «كتارا لشاعر الرسول»؛ حيث تأهل 30 نصا من بين 828 مشاركة لتشمل العالم العربي ككل من المحيط إلى الخليج، ومجموعة من الدول الأخرى كالهند، وتشاد، وإريتريا، وبوركينا فاسو، والسنغال، والسويد، وبلجيكا، ومن بين الشعراء المتأهلين 4 شاعرات، هن: (آمنة حزمون من الجزائر، نيفين بشير من فلسطين، مروة حلاوة من سوريا، مناهل فتحي من السودان).
وتبلغ مجموع الجوائز التي خصصتها «كتارا» للفائزين في هذه المسابقة 675 ألف دولار؛ حيث يحصل الفائز بالجائزة الأولى: 300 ألف دولار أمريكي، والجائزة الثانية: 200 ألف دولار، والجائزة الثالثة: 100 ألف دولار، والجائزة الرابعة: 50 ألف دولار، والجائزة الخامسة: 25 ألف دولار.
وأشارت اللجنة المنظمة للمسابقة، إلى أن النصوص المشاركة مثلت طيفا واسعا من الأساليب والأنماط، تراوحت بين القصيدة التقليدية، والسطور النثرية، وبين المحاولات الجادة الرصينة المبدعة، وغيرها من المشاركات الكثيرة التي ازدانت بمدح الرسول.
وأكد الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي، المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا»، أن لجنة الفحص والتدقيق التي تتألف من أساتذة وأكاديميين متخصصين في النقد الأدبي، لم تنظر إلى نجومية أي شاعر أو شهرته، أو حتى جنسه أو جنسيته، وإنما عالجت النصوص بتقييمها في ذاتها، كما اهتمت اللجنة خلال مرحلة التقييم بعدة جوانب كان أهمها لغة النص وإيقاعه، وجدة معالجة موضوعه، وأن يكون النص نصا حيا ونابضا، ومستوحى من سيرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، في الوجود الإنساني الممتد إلى يومنا هذا.
ومن جهته أوضح خالد عبد الرحيم السيد، المشرف العام على جائزة كتارا لشاعر الرسول، أن أربع نساء فقط وصلن إلى مرحلة التصفيات النهائية، بينما جاءت أعلى المشاركات من بلاد الشام والعراق بـ 12 قصيدة، يليها الخليج العربي واليمن بـ 7 قصائد، ثم المغرب العربي بـ 6 قصائد، ثم مصر والسودان بـ 4 قصائد، وقصيدة واحدة من دول غير عربية.
ويجسد المهرجان تصويرا مجسما لبيت الرسول، والبيئة المكية والمدنية التي عاش فيها، ويمكن للزائر للمهرجان أن يشاهد تمثيلات لشعراء ينشدون الشعر في حب النبي، ولوحات فنية ترمز إلى سيرته وحياته، وكذلك الشعراء الذين عاصروا النبي محمد، صلى الله عليه وسلم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».