الصناعات اليدوية تدر 66 مليون دولار على السعوديين

1833 شخصًا سجلوا في السجل الوطني للحرف

مبيعات الصناعات الحرفية المحلية تتجاوز 250 مليون ريـال سنويا
مبيعات الصناعات الحرفية المحلية تتجاوز 250 مليون ريـال سنويا
TT

الصناعات اليدوية تدر 66 مليون دولار على السعوديين

مبيعات الصناعات الحرفية المحلية تتجاوز 250 مليون ريـال سنويا
مبيعات الصناعات الحرفية المحلية تتجاوز 250 مليون ريـال سنويا

تستورد السعودية منتجات حرفية بمبلغ يتجاوز مليارا ونصف المليار ريال (400 مليون دولار) سنويًا، وفقًا للدكتور جاسر الحربش المشرف العام على البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية (بارع)، أكد أن الإنتاج المحلي من الصناعات اليدوية يبلغ 250 مليون ريال (66.6 مليون دولار) سنويًا.
وذكر الحربش في ورقة عمل بعنوان: «تكامل التنمية السياحية في المناطق»، التي نظمتها الهيئة في أبها مؤخرًا، أن برنامج الحرف والصناعات التقليدية (بارع) توجه الآن لإدخال الحرف اليدوية والصناعات التقليدية للفنادق من خلال تصاميم ومفروشات وديكورات الفنادق، لتحفيز الشراء من الحرفيين السعوديين، ومن الشركات التي ستنتج الحرف الوطنية بأيدٍ سعودية.
ولفت إلى أن الحرف اليدوية مشروع اقتصادي وتنموي يعول عليه كثيرًا في إيجاد فرص العمل والتنمية المحلية مع المحافظة على عنصر ثقافي مهم ومكون أساس في الهوية الوطنية وتعزيز المواطنة والانتماء الوطني.
واعتبر الدكتور الحربش أن تدشين السجل الوطني للحرفيين من أهم مخرجات البرنامج، لأنه الوسيلة الأساسية لتوثيق العمل الحرفي في السعودية من خلال حصر الحرفيين والحرفيات، مشيرًا إلى أن السجل الوطني هو مشروع نفذ خلال السنتين الماضية عبر ممثلين برنامج (بارع) في مناطق المملكة كافة ومن خلال فريق تقنية المعلومات بالهيئة.
وأوضح، أن فكرة السجل الرئيسية ليس فقط حصر الأسماء، وإنما إيجاد قاعدة بيانات متكاملة تشمل الاسم ورقم السجل المدني والعمر وجنس الحرفي وجميع المعلومات الأساسية لتكون مرجعًا للبرنامج، بحيث يسلم لكل حرفي بطاقة تعريفية يستخدمها في المشاركات ويجري تحديثها بشكل دوري في الوقت الذي جرى تسجيل 1833 حرفيا من الجنسين بالمملكة ووصلنا لهم عن طريق مسؤولي بارع في المناطق وسيكونون الركيزة الأساسية لأي فعالية أو ورش عمل تدريبية، ومشروع استثماري حرفي.
وقال: إن عدد المسجلين في السجل الوطني للحرفيين والحرفيات يبلغ حتى الآن 1833 حرفيا وحرفية من مناطق السعودية المختلفة، ففي المنطقة الشرقية تم تسجيل 267، المدينة المنورة 256، مكة المكرمة 223. الجوف 185، عسير 156. حائل 148. القصيم 135، تبوك 116، الباحة 97. جازان 87، الرياض 70. الحدود الشمالية 57، نجران 36.
كما أكد أن البرنامج الوطني لتنمية وتطوير الحرف والصناعات اليدوية (بارع) يعد تتويجًا لجهود الهيئة في هذا المجال، كما يعد إطارًا تنظيميًا لنشاط هذا القطاع الحيوي.
وتطرق إلى أن العقبة التي كانت توجه الهيئة هي توفير أماكن ثابتة للحرفيين، وجرى تقليص تلك العقبة عبر اتفاقيات مع بعض الأسواق لإنشاء أماكن دائمة للحرفيين، إضافة إلى اتفاقية بارع مع الضيافة التراثية، إذ سيعمل البرنامج بموجب الاتفاقية على توظيف الحرفيين في إنتاج منتجات وتجهيزات التصميم الداخلي لفنادق التراث بحيث تعكس التراث الثري للمملكة والعالم الإسلامي، والتعاون في مخططات التصميم الداخلي المستوحاة من الحرف التقليدية في السعودية والعالم الإسلامي، إضافة إلى جمعيات تتعاقد مع الحرفيين في مختلف المناطق لعرض منتجاتهم مثل شركة فنون التراث بالرياض، وجمعية الأيدي بجدة، وجمعية حرفة بالقصيم، وجمعية طيبة بالمدينة، وفتاة الأحساء بالأحساء. وهناك أيضا مركز الحرف والصناعات اليدوية بالبيوت الطينية في مركز الملك عبد العزيز الثقافي حيث انتهت من الفترة الأولى التي كانت متركزة على تدريب الحرفيات. وأشار إلى التوقيع مؤخرًا على اتفاقية بين بارع وبعض البنوك لتدريب حرفيات، على حرفة الحياكة والنسيج، لمدة 4 أشهر، حيث يتدربن على أربع مراحل تدريبية، لتوفير مصدر دخل لهن يساعدهن على توفير متطلبات الحياة.
وأعلن عن إصدار «بطاقة الحرفي» التي ستسلم لجميع الحرفيين المسجلين عبر فروع الهيئة الـ16 في مختلف مناطق المملكة. وأضاف أنه في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري سيشارك الحرفيون السعوديون في معرض لدول مجلس التعاون الخليجي في قطر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».