«جاسمين».. مشروع نسائي يسترجع حرفيات التراث السوري

40 سيدة سورية تنقل مدينة الياسمين إلى ربوع عمان

بعض منتجات «جاسمين» في مقر المركز بالعاصمة الأردنية («الشرق الأوسط»)
بعض منتجات «جاسمين» في مقر المركز بالعاصمة الأردنية («الشرق الأوسط»)
TT

«جاسمين».. مشروع نسائي يسترجع حرفيات التراث السوري

بعض منتجات «جاسمين» في مقر المركز بالعاصمة الأردنية («الشرق الأوسط»)
بعض منتجات «جاسمين» في مقر المركز بالعاصمة الأردنية («الشرق الأوسط»)

40 سيدة سورية، أغلبهن زوجات وأمهات شهداء ومعتقلين في سجون النظام السوري، يتسلحن بالصبر، للتغلب على وضعهن الراهن كلاجئات في الأردن. ولإعالة أسرهن انضممن لأسرة مركز «جاسمين» للحرف اليدوية، الذي أسسته المرأة العصامية الشامية لارا شاهين، إلى جانب 5 نساء سوريات. توظف نساء «جاسمين» مهارات اكتسبنها من قلب التراث الدمشقي، لتوفير منتجات مميزة. هناك في مقر المركز بوسط عمان، يستعيد هؤلاء النساء ذكريات زمن الياسمين، ويتناسين، ولو لوهلة، المصائب، إذ بات هذا المنفذ يمثل لهن «شاما مصغرة».
وحول بدايات المشروع، تقول لارا شاهين، مديرة مؤسسة «جاسمين» للمشغولات اليدوية الخاصة بالنساء، في زيارة «الشرق الأوسط» للمقر في عمان، إنه مع بداية الثورة عام 2011، عملت هي و5 نساء في الإغاثة لمساعدة النازحين إلى دمشق من المناطق المنكوبة، ثم مع تدهور الوضع اضطرت النساء إلى السفر للاستقرار بعمان في 2012.
واستمرت النساء في العمل الإغاثي، إذ توضح أنهن استطعن إغاثة السوريين الفارين من المناطق المنكوبة إلى الأردن، بتوفير الإسعافات الأولية والطعام والشراب والمأوى. وتضيف: «مع مرور الوقت، طالت الأزمة السورية، ولم نعد نعرف متى ستنتهي، كما ازداد عدد الفارين إلى الأردن فيما تضاءلت المساعدات».
ولذلك فكرت لارا في مشروع يغني الجالية السورية عن المساعدات. وقررت أن يعنى بالنساء؛ لأنهن العنصر الأكبر الموجود في الأردن حاليا، فمعظمهن زوجات وأمهات «شهداء» ومفقودين، ويربين أبناءهن ويعلن أسرهن. واختارت لارا و5 نساء أخريات افتتاح مركز «جاسمين» للمشغولات اليدوية. ومن خلال عملها الإغاثي، تعرفت شاهين على نساء سوريات يمتلكن مهارات المشغولات اليدوية، ولديهن الرغبة في تطويرها.
وحول بدايات المشروع تقول لارا: «استأجرنا مكانا صغيرا في عمان، ودعونا السيدات المتمكنات في مجال الحرف اليدوية وأخريات لا يتقنها، ولكن لديهن نية التعلم». وتضيف: «ومن خلال دورات تعليمية أقمناها، استطعنا تعليم 40 سيدة الحرف من الصوف والشمع والصابون وغيرها».
ومع الوقت، استطاعت مؤسسة «جاسمين» تنمية مواهب السيدات، وتسويق منتجاتهن التي تشمل الصوف، والرسم على الزجاج، وصناعة الصابون العربي وصابون الغليسرين، والشموع بكافة أنواعها وأشكالها، إلى جانب الورد الصناعي والأزهار، والتحف الشرقية، وقطع الخشب المرتبطة بالتراث السوري والأردني والفلسطيني. وتشمل المنتجات أيضا كل شيء يخص المرأة من الكريمات الطبيعية والمعطرة من الزيوت. وتستطرد لارا: «منتجاتنا أعمال سورية محترفة، ونعمل أيضا في إنتاج الغذائيات من الزيتون للمقدوس للكشكة الخضراء، وجنبة الشنكليش والمأكولات البيتية على الطريقة الشامية الأصيلة، التي تشمل المجمدات أيضا، كالكبة الشامية والشوشبرك وغيرها». ومن أهم منتجات «جاسمين» صابونة عربية، هي الأولى من نوعها بخلاصة زبدة الشيا الأفريقية.
وبعد مرور عام ونصف العام على تأسيس «جاسمين»، استطاعت المؤسسة تأمين دخل واكتفاء مادي كامل لأربعين عائلة سورية في الأردن.
وعن مسيرة المؤسسة تقول لارا: «كانت مساحة المكتب الذي استأجرناه في بادئ الأمر 50 مترا مربعا، ويجمع كل السيدات، والآن بتنا مؤسسة متكاملة في مكتب تبلغ مساحته 120 مترا مربعا، وطورنا تشكيلة منتجاتنا من 5 أصناف إلى 18 صنفا». وتضيف: «كما اكتسبت النساء ثقة لتسويق منتجاتهن، بالمشاركة بالبازارات ونقل الحرفة لجاراتهن».
وعند سؤال شاهين عن أكثر القصص المؤثرة التي تحتضنها «جاسمين»، كشفت عن حكاية إحدى السيدات التي تعمل بالخياطة. قالت: «أكثر القصص التي أسرت قلبي هي قصة هذه السيدة الستينية، هي لا تقوى على المشي نظرا لسنها ومرضها. كانت خياطة في حمص، وهي والدة شهيدين. باتت هذه السيدة تعمل معنا رافضة المساعدات والتبرعات لتعيل عائلتها المكونة من 14 شخصا». وتستطرد: «هذه السيدة رمز للصبر والمثابرة، تعمل وراء ماكينتها 8 ساعات يوميا، ولا تتوقف إلا للأكل أو الصلاة، وعملها محترف ومميز». ومن القصص الأخرى التي لن تنساها شاهين، قصة سيدة سورية فرت إلى عمان بعد أن اعتقلها النظام وعذبها لمدة 7 شهور، لتفشي عن مكان وجود ابنها المعارض. وتقول لارا: «هذه السيدة لديها 3 أبناء؛ الأول استشهد، والثاني معتقل في سجون النظام، والثالث مفقود، وهي الآن في عمان مع زوجها وبناتها». وتضيف: «تعمل هذه السيدة معنا في الموزاييك، وباتت تتحسن نفسيتها شيئا فشيئا، ولكنها ترفض استذكار أيامها في المعتقل لشدة دمويتها».
وانتقل بعض السيدات اللاتي كن يعملن في المركز إلى تركيا والسويد وألمانيا. إلا أنهن لم يهجرن الحرف اليدوية، بل بادرن بنقل تلك المهن التي لطالما تميزت بها المرأة السورية إلى بلاد المهجر.
وتكشف لارا عن ردود الفعل الإيجابية التي يتلقاها المركز، بعدما جرى تصدير منتجاته لمختلف دول العالم، منها ألمانيا، وبريطانيا، وكندا، وتركيا، ومصر، والسعودية، ودول الخليج الأخرى.
ومن خلال «جمعة البنات» ومشاركة القصص، تهون مآسي نساء المركز، وتشكل لهن مجتمعا سوريًا مصغرا في بلاد الاغتراب، يسترجعن من خلالها أيام سوريا.
وأخيرا تقول لارا: «نحن كسوريات في الأردن، لا نريد أن نكون عالة على المجتمع، بل نريد أن نكون معيلات، في أمل أن نعود يوما ما لسوريا، وننقل المؤسسة إلى هناك لإعادة تعمير البلاد».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».