مؤتمر الوسطية العالمي يدعو إلى محاربة التطرف وتقديم نهج الاعتدال

40 دولة ومنظمة في مؤتمر «بين نهج الإعمار ونهج الدمار» في العاصمة عمّان

مؤتمر الوسطية العالمي يدعو إلى محاربة التطرف وتقديم نهج الاعتدال
TT

مؤتمر الوسطية العالمي يدعو إلى محاربة التطرف وتقديم نهج الاعتدال

مؤتمر الوسطية العالمي يدعو إلى محاربة التطرف وتقديم نهج الاعتدال

قال رئيس المنتدى العالمي للوسطية، الإمام الصادق المهدي: إن «نهج الإعمار يبدأ بمعرفة حقيقة الدمار الذي تعاني منه الأمة»، داعيا إلى البدء بصحوة فكرية في مختلف البلدان الإسلامية، والعمل على توضيح مشروعية التعايش الديني في الإسلام، واحترام التعددية الدينية في المجتمع الواحد».
جاء ذلك أمس في العاصمة الأردنية عمّان، خلال افتتاح فعاليات مؤتمر «بين نهج الإعمار ونهج الدمار». ويهدف المؤتمر، الذي يشارك فيه نحو 40 دولة ومنظمة وهيئات فكرية وتيارات حركية، إلى تسليط الضوء على التحديات وآفات العصر التي تواجه العالم العربي والإسلامي، من تطرف وإرهاب. ويبحث المشاركون فيه على مدار يومين، آليات وسبل إعمار البلدان الإسلامية وتمكينها في مختلف المجالات، ومحاربة الفكر المتطرف، ونشر مبادئ الوسطية والاعتدال.
وينظم أعمال المؤتمر، الذي يشارك فيه عشرات العلماء ورجال السياسة من مختلف البلدان الإسلامية، المنتدى العالمي للوسطية «مستقل» الذي يتخذ من العاصمة عمّان مقرا له.
وأضاف المهدي: «ولغايات تحقيق الإعمار في البلدان الإسلامية، لا بد من العمل على وقف الحروب والاقتتال الداخلي، وإدراك أن التحول في تركيا من علمانية تعادي الدين إلى علمانية تصادقه، إنما هي خطوة في الاتجاه الصحيح».
وقال الأمين العام للمنتدى، مروان الفاعوري: «الوسطية لا تعني الوقوف في منتصف الطريق بين الخير والشر، ولا بين الإسلام والإرهاب، لكنها انحياز كامل نحو الحق والعدل والحرية، فالإسلام جاء وسطا بين الأديان والثقافات، ورسالته إحقاق الحق ومواجهة الظلم وإعلان حرية الإنسان».
وعد نائب رئيس البرلمان التونسي، عبد الفتاح مورو، أن «الأمم لا تقام من دون علمائها وشبابها الذين يبنون الواقع ويخططون للمستقبل، فعندما نسعى إلى بيان أن الإسلام هو دين الوسطية والاعتدال، فلا بد من بذل الجهود من قبل الصغير قبل الكبير، لمواجهة التحديات الكبيرة التي تتعرض لها أمتنا».
ودعا مورو إلى «ضرورة وجود طريق ومنهج لعلماء الأمة، لمعالجة مختلف القضايا العالقة التي أدت إلى تراجع البلدان العربية والإسلامية في مختلف الحقول، وأن يكف رجال الدين والسياسة في الأمة عن الخطابات والتنظير، وأن يبدأوا النزول إلى واقع الناس ومعايشته».
وأكد نائب أمين عام حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي، أن اقتراب حزب العدالة والتنمية من هموم الناس، وتسخير كوادره لخدمة الناس وحل مشكلاتهم، هو سر نجاح الحزب واستمراره في السلطة طيلة 14 عاما. وقال: «لا شك أن تركيا تشكل قصة نجاح منذ 14 عاما، منذ أن تولى حزبنا السلطة عبر الديمقراطية وصناديق الاقتراع، التي أفرزته لقيادة البلاد عبر انتخابات حرة ونزيهة لا يمكن لأحد أن يشك في نزاهتها». وأكد أقطاي أن جملة من الأسباب أدت إلى استمرار تميز الحزب في الوصول إلى السلطة، منها الاهتمام بمجال الرعاية الصحية للمواطنين، قائلاً: «إذ إن الجميع في بلادي يتلقون أفضل الرعاية الصحية بمختلف المستشفيات، وبمستوى يفوق الدول الأوروبية»، وأضاف أن الحزب سخر نفسه لخدمة الناس بشتى المجالات، فتم بناء قرابة 20 ألف كيلومتر من الطرقات، وتم تجديد مختلف الطرقات في جميع أنحاء البلاد، وقال: «صرفنا كل الأموال لخدمة الناس، ولذلك كان من الطبيعي أن يكون الحزب خيارهم في السلطة».
ويشارك في أعمال المؤتمر رجال سياسة ودين من دول (السعودية، وتركيا، وتونس، والكويت، وسوريا، والسودان، والمغرب، وموريتانيا، والجزائر، ولبنان، ونيجيريا، وباكستان)، بالإضافة للدولة المستضيفة الأردن.
ومن أبزر القضايا التي يبحثها المشاركون: «دور الإعلام والمحطات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي في الاستقرار والتنمية، والتصدي لحملات التطرف والعنف»، و«حقيقة الوحدة والانتماء إلى الأمة.. التأصيل الشرعي والحقيقة الفطرية والضرورة الاجتماعية»، و«علاقة الانتماء بالعمران البشري»، و«توظيف الحوار والتعددية في مواجهة المتطرفين ودعاة العنف»، و«دور المؤسسات التعليمية والشبابية والأهلية في نبذ العنف والتعصب».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.