مدينة البعوث الجديدة.. مشروع يخدم 40 ألف وافدمن 120 دولة لرفعة الإسلام

مسؤول لـ «الشرق الأوسط» : المدينة تُعد أكبر دعم من السعودية للأزهر في تاريخه

خادم الحرمين مع شيخ الأزهر (واس)
خادم الحرمين مع شيخ الأزهر (واس)
TT

مدينة البعوث الجديدة.. مشروع يخدم 40 ألف وافدمن 120 دولة لرفعة الإسلام

خادم الحرمين مع شيخ الأزهر (واس)
خادم الحرمين مع شيخ الأزهر (واس)

في أكبر دعم تقدمه المملكة العربية السعودية للأزهر في تاريخه، دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مشروع مدينة البعوث الإسلامية الجديدة للطلاب الوافدين، لخدمة 40 ألف وافد من 120 دولة حول العالم للدراسة بالأزهر، لرفعة الإسلام.
المرحلة الأولى للمدينة الجديدة التي تقع في مدينة القاهرة الجديدة (شرق العاصمة القاهرة)، تستوعب 5000 وافد في مرحلتها الأولى، أما المرحلة الثانية فتشمل 35000 وافد حول العالم.
وتشير الإحصاءات الرسمية في مصر إلى أن عدد الطلاب الوافدين الدارسين بالأزهر يتعدى 40 ألف طالب وطالبة من 120 دولة، بعضهم وافد بمنح من الأزهر وبعضهم وافد على منح جهات مانحة أخرى، وبعضهم وافد على حسابه الخاص، ويقيمون في مدينة البعوث الإسلامية بالقاهرة والمدينة الأخرى في الإسكندرية.. والغالبية العظمى تقيم في مساكن خاصة.
مسؤول رفيع في مشيخة الأزهر قال، إن «مدينة البعوث الجديدة التي دشنها الملك سلمان أمس، تُعد أكبر دعم من المملكة العربية السعودية للأزهر في تاريخه».
وللأزهر مدينة للبعوث الإسلامية في حي الدراسة بالقاهرة بالقرب من مشيخة الأزهر في حديقة الخالدين، أسسها الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر عام 1959 لتكون قبلة لطلبة العلوم الإسلامية من دول العالم.. وهناك مدينة أخرى بالإسكندرية، وهي عبارة عن مُجمعات سكنية لإقامة وإعاشة الطلاب الوافدين للدراسة بالأزهر، لتوفير المسكن والمأكل للطلاب الوافدين المقيمين بها، وتوفير الرعاية المعيشية والاجتماعية والثقافية والرياضية والطبية لهم.
ويقيم بمدينتي البعوث القديمة بالقاهرة والإسكندرية أكثر من أربعة آلاف طالب وطالبة، ويجري الآن إنشاء مدينة ثالثة للبعوث بمحافظة قنا بصعيد مصر لزيادة أعداد الطلاب الوافدين المستفيدين من أنواع الرعاية المشار إليها، فضلا عن إعادة بناء بعض المباني بمدينة البعوث بالقاهرة، لزيادة سعتها، وبناء مبان إضافية بها.
الوافدون أعربوا عن سعادتهم بمدينة الملك سلمان الجديدة، مؤكدين أنها «ستكون إضافة كبيرة للمدينة القديمة.. وأنها سيكون لها دور كبير في قدوم الكثير من الوافدين للدراسة بالأزهر لنهل الوسطية».
وقال الوافدون في اتصال مع «الشرق الأوسط» من مقر إقامتهم في مدينة البعوث الإسلامية القديمة بالقاهرة أمس، إن «طلاب جامعة الأزهر أصبحوا الآن في قلب الملك سلمان، وهم بالفعل في قلب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب». مقدمين الشكر الجزيل للمملكة العربية السعودية على رعايتها للوافدين ومصر، مؤكدين قيامهم بنشر سماحة الإسلام ووسطيته في بلادهم عبر العالم ومحاربتهم للفكر المتطرف».
وخصصت المملكة العربية السعودية منحة لإقامة مدينة البعوث الجديدة في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وتبع ذلك تخصيص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساحة 170 فدانا لإقامة مدينة البعوث الإسلامية الجديدة في مدينة القاهرة الجديدة (شرق القاهرة)، لتكون مدينة مُتكاملة لخدمة الطلاب الوافدين الذين يدرسون في الأزهر.
ويقول الأزهر، إن «الطلاب المبعوثين هم طلاب العلم الوافدون من شتى بقاع الأرض الذين يشدون الرحال إلى الأزهر لينهلوا من علومه، ويتزودوا بالفكر الإسلامي الصحيح، والقيم الإسلامية الصافية النقية من شوائب الغلو والتطرف، ويعودون إلى بلادهم وأوطانهم علماء يبلغون رسالة الإسلام صافية نقية كما زودهم بها الأزهر».
وتقع مدينة البعوث الإسلامية القديمة بالدراسة على مساحة نحو 50 فدانا مُقسمة على 43 مبنى .. وتعد مدن البعوث الإسلامية أحد قطاعات الأزهر، ومنذ أن أنشئ الأزهر وهو يعتني بالطلاب الوافدين.. ويعد أكبر وأهم مراكز جذب الطلبة من مختلف أنحاء العالم للعلم.
الوافدون للدراسة بالأزهر كانوا يقيمون في البداية بأروقة الجامع الأزهر العريق تبعا لجنسياتهم، فكان لكل رواق جنسية معينة، وكانوا يعانون من نقص الرعاية الصحية والاجتماعية، إلى أن قامت ثورة 23 يوليو (تموز) عام 1952. حيث تمت إقامة مدينة البعوث الإسلامية، وكان الغرض من إنشائها توفير أسباب الراحة للطالب الوافد في معيشته، حتى يتفرغ لتحصيل علومه، وأيضا إزالة الفوارق بين الطلاب وتوثيق العلاقات بينهم وتهيئة الاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي للطالب. ومدينة البعوث الإسلامية وخريجو جامعة الأزهر من مختلف الدول الأفريقية والعربية والإسلامية، يعدون من القوى الناعمة لمصر، جاءوا إلى بلد الأزهر طلابا للعلم‏، وعادوا إلى بلادهم مفتين وعلماء دين ووزراء ورؤساء حكومات لا تكاد تخلو منهم دولة.
من جهته، قال مسؤول في الأزهر، إن «قرار خادم الحرمين الشريفين ببناء مدينة البعوث الجديدة، يُمثل إضافة لمواقفه الكبيرة التي تتجاوز حدود أحلام الطلاب الوافدين»، مشيرا إلى إسناد المشروع لشركة عالمية عملاقة حتى تخرج المدينة الجديدة في أبهى صورة لها».
وأضاف المسؤول لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن «توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تقضي بأن تكون مدينة البعوث الجديدة، تُحفة معمارية تضاف لمؤسسات الأزهر».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.