«وثائق بنما»: دهم مكتب «موساك فوسيكا» بالسلفادور.. ومطالب بتنحي كاميرون

بنما تعتبر قرار فرنسا بإدراجها مجددًا على قائمة الملاذات الضريبية «خاطئًا»

«وثائق بنما»: دهم مكتب «موساك فوسيكا» بالسلفادور.. ومطالب بتنحي كاميرون
TT

«وثائق بنما»: دهم مكتب «موساك فوسيكا» بالسلفادور.. ومطالب بتنحي كاميرون

«وثائق بنما»: دهم مكتب «موساك فوسيكا» بالسلفادور.. ومطالب بتنحي كاميرون

أعلن مكتب النائب العام في السلفادور أن السلطات السلفادورية داهمت أمس (الجمعة) المكاتب المحلية لشركة «موساك فونسيكا» للاستشارات القانونية البنمية وصادرت وثائق ومعدات.
وتعد هذه الشركة التي تتخذ من بنما مقرًا لها محور فضيحة دولية لتسرب بيانات أحرجت الكثير من زعماء العالم وسلطت الضوء على العالم الغامض للشركات العاملة خارج دول المنشأ (الأوفشور).
وقال مكتب النائب العام: «عُثر على كمية كبيرة من معدات الحاسبات في مكتب موساك فونسيكا».
وأضاف، أن موظفي الشركة أزالوا شعار الشركة من المدخل قبل يوم، ونقل عن موظف قوله إن الشركة بصدد الانتقال لمكان آخر.
وقال المكتب إن النائب العام دوجلاس ميلينديز أشرف بنفسه على المداهمة.
وبدأت حكومات في شتى أنحاء العالم في التحقيق في احتمال ارتكاب شخصيات ثرية ونافذة مخالفات مالية بعد تسريب أكثر من 11.5 مليون وثيقة أطلق عليها اسم «وثائق بنما» من تلك الشركة القانونية.
وكشفت الوثائق ترتيبات مالية لشخصيات بارزة من بينها أصدقاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأقارب لرئيسي وزراء بريطانيا وباكستان ورئيس الصين ورئيس أوكرانيا.
ولم يتسن الاتصال على الفور بمسؤولين من شركة موساك فونسيكا بشكل فوري للتعليق على ذلك.
وكان الشريك المؤسس للشركة رامون فونسيكا قال لـ«رويترز» في بنما هذا الأسبوع، إن شركته التي تخصصت في إنشاء شركات خارجية لم تخالف القوانين وإن كل عملياتها قانونية.
وقال أيضًا إن شركته لم تدمر أي وثائق على الإطلاق ولم تساعد أحدًا على التهرب من الضرائب أو غسل الأموال.
وفي بريطانيا، بعد اعتراف رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، بامتلاك حصة في ودائع والده السرية في الخارج، حسبما كشفت «وثائق بنما»، طالب بريطانيون باستقالة رئيس الوزراء من منصبه.
وتصدر هاشتاغ يطالب باستقالة كاميرون قائمة هاشتاغات بريطانيا، كما خطط ناشطون لبدء احتجاجات خارج مقر البرلمان البريطاني غدًا (الأحد)، فيما دعا حزب العمال البريطاني كاميرون للتنحي أيضًا، وفقًا لصحيفة إندبندنت البريطانية.
وواجه كاميرون تساؤلات عدة بشأن تدابير ضريبية اتخذتها عائلته، كشفتها تسريبات «وثائق بنما»، واضطرت الحكومة البريطانية إلى توضيح موقفه رسميًا، وقالت إنه «لا توجد أي أموال أو ودائع، قد يستفيد منها رئيس الوزراء وعائلته المباشرة في المستقبل».
وذكر مكتب المراهنات البريطاني، تصاعد الرهان على رحيل كاميرون خلال الأسبوع المقبل.
كما أظهرت استطلاعات الرأي، أن شعبية كاميرون الأسوأ منذ توليه منصبه عام 2010، وذكر مصوتون أن كاميرون غير جدير بالثقة، بعد وثائق التهرب الضريبي، لا سيما أن كاميرون هو من أشدّ الداعين إلى تشديد الإجراءات في بلاده ضدّ التهرب الضريبي.
واعترف رئيس الحكومة البريطانية بحيازته أسهم قيمتها نحو 30 ألف جنيه إسترليني في شركة والده الراحل، وقال إنه باعها قبل دخوله مقر 10 داونينغ ستريت كرئيس للوزراء عام 2010.
وفي بنما، أعلن الرئيس البنمي خوان كارلوس فاريلا أمس، أن قرار فرنسا إعادة إدراج بلاده على قائمة الملاذات الضريبية هو قرار «خاطئ» و«غير ضروري» لأن حكومته «التزمت الشفافية».
وقال فاريلا أمام الصحافيين: «أريد أن يكون واضحًا للغاية أن القرار الذي اتخذته الحكومة الفرنسية هو إجراء خاطئ وغير ضروري، لا سيما أنه أتى في وقت يجري فيه اتصال بين رئيسي الدولتين وفي وقت يطلب فيه العالم من كل الدول أن تتعاون فيما بينها للتصدي للمشكلات العالمية».
وأضاف، أن «بنما تجدد التأكيد على التزامها الشفافية، خصوصًا على الاستمرار في العمل مع كل الدول، عبر التعاون والدبلوماسية، للتوصل إلى النتائج المطلوبة».
يأتي تصريح الرئيس البنمي، إثر الدعوة التي وجهها إليه نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند، للتجاوب مع طلبات السلطات المالية الفرنسية بالحصول على معلومات إثر كشف مسألة «أوراق بنما» حول شبهات عن محاولات تهرب ضريبي.
وبحسب الرئاسة الفرنسية، فإن هولاند تحادث هاتفيًا مع نظيره البنمي، و«شدد على ضرورة احترام الالتزامات القائمة بين الدول بالانتقال إلى التبادل الأوتوماتيكي للمعلومات بين الإدارات المالية».
وشرح الرئيس الفرنسي لنظيره البنمي الأسباب التي تبرر إعادة إدراج بنما على اللائحة الفرنسية للملاذات الضريبية، التي كانت سحبت منها عام 2012.
بدورها قالت الرئاسة البنمية، إن فاريلا أبلغ نظيره الفرنسي بعزم بلاده على «اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ الاتفاق بين البلدين الذي يتيح تجنب الازدواج الضريبي وتبادل المعلومات بين البلدين».
وكان ميشال سابان وزير المالية الفرنسية، أعلن الأربعاء الماضي أن فرنسا تنوي الطلب من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أيضًا إعادة إدراج بنما على لائحة الملاذات الضريبية.
وتواصل الصحف الأعضاء في الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الكشف عن أسماء زبائن مكتب المحاماة البنمي «موساك فونسيكا»، بعد وصول 11.5 مليون وثيقة إلى وسائل الإعلام متسببة في فضيحة مدوية في العالم.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.