بروكسل: توقيف عبريني وأحد المشتبه بهم الرئيسيين في اعتداءات باريس

أنتويرب تتخوف من هجمات جديدة.. وأحد مسلحي «داعش» يتصل بأمه ليحذرها من الأماكن المزدحمة

لقطات بثتها الشرطة البلجيكية لمحمد عبريني قبل اعتقاله في العاصمة بروكسل أمس (إ.ب.أ)
لقطات بثتها الشرطة البلجيكية لمحمد عبريني قبل اعتقاله في العاصمة بروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

بروكسل: توقيف عبريني وأحد المشتبه بهم الرئيسيين في اعتداءات باريس

لقطات بثتها الشرطة البلجيكية لمحمد عبريني قبل اعتقاله في العاصمة بروكسل أمس (إ.ب.أ)
لقطات بثتها الشرطة البلجيكية لمحمد عبريني قبل اعتقاله في العاصمة بروكسل أمس (إ.ب.أ)

أعلن مصدر في الشرطة البلجيكية أمس توقيف عبريني محمد أحد المشتبه بهم الرئيسيين في اعتداءات باريس، مؤكدا ما ذكرته قناة تلفزيون «في آر تي» الناطقة بالفلمنكية. ولم يتم إعطاء أي تفاصيل حول مكان وظروف اعتقال عبريني البلجيكي المغربي البالغ من العمر 30 عاما والمقرب من الأخوين عبد السلام. وكان عبريني على القائمة الأوروبية لأبرز المطلوبين منذ أن رصدته كاميرا أمنية قبل يومين من الهجمات التي وقعت في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) في سيارة مع صلاح عبد السلام المشتبه به الرئيسي الذي اعتقل في الآونة الأخيرة. واعتقل عبد السلام في بلجيكا قبل نحو أسبوعين وقبل نحو أربعة أيام من هجمات انتحارية نفذها تنظيم داعش في بروكسل.
وكان العشرات من المواطنين البلجيكيين تقدموا ببلاغات ومعلومات تتعلق بالشخص الهارب عقب تفجيرات مطار بروكسل، وذلك في استجابة من المواطنين للنداء الذي أطلقه مكتب الادعاء العام البلجيكي، يناشد فيه المواطنين بتقديم أي مساعدة ممكنة، تساهم في القبض على المتهم الهارب عبريني، وقام مكتب التحقيقات بنشر صور جديدة وفيديو يظهر تحركات الشخص المطلوب عقب مشاركته في تنفيذ الهجمات في مارس (آذار) الماضي.
وقال ويلي بروخمان رئيس مجلس الشرطة الفيدرالي، إن الصور الأخيرة التي قدمتها النيابة العامة جعلت الفرصة كبيرة في إمكانية إيجاد الشخص المطلوب، وأضاف في تصريحات للإذاعة البلجيكية «راديو واحد» أنه يأمل في العثور على صور جديدة تساعد بشكل أكبر في التوصل إلى هذا الشخص، مشددا على أهمية التقنية الحديثة التي استخدمت في الفيديو الأخير، الذي بثته النيابة العامة حول تحركات المطلوب للعدالة، خلال مشواره من المطار إلى بلدية سكاربيك في بروكسل. وقد استخدمت النيابة العامة بعض لقطات الفيديو للدوائر التلفزيونية المغلقة لتنقلات المشتبه به عندما شوهد في أكثر من مكان بدءا من الثامنة صباحا وحتى العاشرة صباحا تقريبا وقد تخلص من سترة واقية من المطر وهو يسير على الطريق ولم يتم العثور عليها حتى الآن. ويبحث المحققون عن شهود عيان والذين شاهدوا المشتبه به، وأعلنت النيابة عن رقم هاتف وبريد إلكتروني للإدلاء بأي معلومات عنه. وبالتزامن مع هذا انتشرت حالة من الهلع في بلجيكا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب اتصال مسلح من «داعش» يشارك حاليا في العمليات القتالية بسوريا، أجراه مع والدته المقيمة في مدينة أنتويرب (شمال البلاد)، وحذرها خلاله من عدم الوجود في الأماكن المزدحمة في المدينة التي توجد بها إحدى أشهر الموانئ الأوروبية. وحسب ما ذكر الإعلام البلجيكي، فقد تلقت السيدة من ابنها الموجود في سوريا مكالمة الاثنين الماضي وحذرها من الوجود في الأماكن المزدحمة مثل منطقة وسط المدينة حيث المحلات التجارية ومراكز التسوق والسينما وصالات الاحتفالات. ومنذ الأربعاء الماضي انتشر الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة كبيرة، مما تسبب في حالة من الفزع من احتمال تعرض المدينة لهجمات إرهابية على غرار ما حدث في بروكسل قبل أكثر من أسبوعين.
وقال وواتر براينز المتحدث باسم شرطة أنتويرب: «لقد توصلنا إلى رسائل مشابهة تشير إلى هذا الأمر ونعتبرها معلومة هامة، وفي مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد لا نترك شيئا للظروف ونتعامل بجدية مع مثل هذه الأمور ولكن في الوقت نفسه أود أن أشير إلى أن مثل هذه المخاوف عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتكرر بشكل شبه يومي في الفترة الأخيرة». هذا ولم يتم الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بجنسية الأم وابنها أو أي بيانات أخرى.
ويأتي ذلك فيما أطلقت السلطات البلجيكية سراح شخص يدعي عبد الإله شواع، كانت اعتقلته نهاية نوفمبر الماضي على خلفية تفجيرات باريس، بشروط صارمة، ومنذ ذلك الوقت كان المشتبه به ينفي أثناء التحقيقات أي علاقة له بالهجمات. وكان صلاح عبد السلام أحد الذين شاركوا في تنفيذ الهجمات قد أجرى اتصالا هاتفيا بشخص في سجن ناميور البلجيكي يدعى نعيم في نفس يوم التفجيرات وبتفتيش الزنزانة الخاصة بالسجين نعيم عثر على رقم هاتف عبد الإله على قطعة ورقية وكان صلاح قد زار السجين نعيم قبل وقت قصير من تفجيرات باريس.
وكان عبريني، أحد المعتقلين في هذا الملف، قد سافر إلى تركيا في صيف العام الماضي وقام عبد الإله بتوصيله إلى المطار في بروكسل وكان أيضا في انتظاره لدى عودته إلى بلجيكا وكان معهما شخص آخر يدعى أحمد دحماني الذي اعتقلته الشرطة التركية في وقت سابق عقب تفجيرات باريس.
من جهة أخرى قال سفين ماري، محامي صلاح عبد السلام، إن موكله تلقى قرارا كتابيا من مكتب التحقيقات الفيدرالي البلجيكي يخبره فيه بأنه لن يتم تسليمه إلى فرنسا إلا بعد عدة أسابيع، وذلك حتى يستمع قاضي التحقيقات إلى أقواله، في حادث هروبه من جنوب بروكسل منتصف مارس وتبادل إطلاق النار مع الشرطة، وأيضا يجب أن تحدد السلطات الموقف من مذكرة الاعتقال التي صدرت ضد عبد السلام في بلجيكا.
وفي تصريحات للإعلام البلجيكي قال سفين ماري إن غرفة المستشارين ببروكسل قررت تمديد مذكرة اعتقال صلاح عبد السلام. ولم يطلب المحامي إطلاق سراح موكله. ووفقا للمحامي، لن يتم اتهام صلاح عبد السلام بالتورط في قضية اعتداءات بروكسل. كما أشار المحامي أيضا إلى أنه لن يتم الاستماع إلى موكله في الأيام القادمة بشأن الهجمات التي وقعت يوم 22 مارس الماضي بمطار بروكسل ومحطة مترو مالبيك. وقال إنه «من المقرر أن يتم نقل صلاح عبد السلام باتجاه فرنسا خلال الأسابيع المقبلة، وقبل نقله، يتعين أولا رفع مذكرة الاعتقال التي تم تأكيدها الخميس في غرفة المستشارين». ودائما - وفقا للمحامي - سيتم الاستماع إلى صلاح عبد السلام بشأن محاولة القتل، في موعد لم يتم تحديده بعد، وذلك في إطار قضية إطلاق النار الذي جرى يوم 15 مارس الماضي بفورست، والذي تم فيه استهداف أفراد من الشرطة.
أما في الدولة الجارة هولندا، وفي شأن متصل، كافح وزير الأمن الهولندي للحفاظ على منصبه، في وجه انتقادات من مختلف الأطياف السياسية بشأن أسلوب تعامله مع معلومات تتعلق بمكافحة الإرهاب قبل هجمات بروكسل الشهر الماضي.. وواجه أرد فان دي شتير انتقادات حادة خلال نقاش برلماني محتدم الخميس بشأن الهجمات التي شهدتها العاصمة البلجيكية في 22 مارس وقتل فيها 32 شخصا. وفي الأيام التي تلت الهجمات قال الوزير إن الشرطة الأميركية حذرت الهولنديين قبل نحو أسبوع من وقوع الهجمات من أن الشقيقين اللذين فجرا نفسيهما كانا مطلوبين لكن لم تتم متابعة التحذير الأميركي. وتساءل ايميلي ريومر زعيم الاشتراكيين المنتمين للمعارضة: «لماذا لم يكن هناك رد فعل استباقي تجاه هذه المعلومات الاستخبارية». وتابع قائلا: «أود أن أعرف هل هذا الوزير جزء من الحل أم من المشكلة. ونشر الوزير الشهر الماضي خطابا من تركيا بشأن ترحيل أحد الشقيقين في يوليو (تموز) 2015. ومر الرجل من الجمارك الهولندية دون أن يتم وقفه لأنه لم يكن قد سجل بعد على قائمة سوداء دولية وطلب عدم إرساله إلى بلجيكا حيث انتهك إطلاق سراح مشروط. الوزير وفي رده على الانتقادات من جانب أعضاء البرلمان، عن المخابرات، دافع قائلا إنها بذلت قصارى جهدها. وقال إنه لا ينوي الاستقالة، لكنه أقر بأنه كان ينبغي على السلطات توجيه بضعة أسئلة إضافية.



الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
TT

الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإيطالية، الأربعاء، أن الصحافية الإيطالية تشتشيليا سالا التي اعتقلت في 19 ديسمبر (كانون الأول) في إيران بتهمة «انتهاك قوانين» إيران، أُفرج عنها. ونشرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، صورة لاستقبالها الصحافية، بعد ماراثون دبلوماسي واستخباراتي لتأمين الإفراج عنها.

حراك دبلوماسي

وقبل ساعات من وصول سالا إلى بلادها، أعلن مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية في بيان: «أفرجت السلطات الإيرانية عن مواطنتنا، وهي في طريقها إلى إيطاليا. تعرب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني عن امتنانها لجميع الأشخاص الذين ساعدوا في جعل عودة تشتشيليا أمراً ممكناً، ما يسمح لها بالعودة إلى عائلتها وزملائها»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في البيان أن «الطائرة التي تقل الصحافية تشتشيليا سالا غادرت طهران قبل دقائق»، بعد «تحرك مكثف عبر القنوات الدبلوماسية والاستخباراتية». وبحثت ميلوني، في زيارة قصيرة ومفاجئة إلى مارالاغو، قضية الصحافية المحتجزة مع الرئيس الأميركي المنتخب وفريقه الانتقالي الأسبوع الماضي.

وكانت ميلوني استقبلت والدة الصحافية في مقر الحكومة في الثاني من يناير (كانون الثاني)، وتحادثت هاتفياً مع والدها. وكتبت على منصة «إكس» إنها «أبلغتهما شخصياً عبر الهاتف» بالإفراج عن ابنتهما.

من جهتها، أعربت منظمة «مراسلون بلا حدود» غير الحكومية عن «ارتياحها الكبير». وأضافت في بيان مقتضب: «الآن يجب أيضاً إطلاق سراح الصحافيين الـ25 الذين ما زالوا محتجزين في السجون الإيرانية». واعتقلت سالا خلال زيارة مهنية لطهران بتأشيرة صحافية، لكن السلطات الإيرانية لم تعلن أبداً عن أسباب الاعتقال. وكانت الصحافية، البالغة من العمر 29 عاماً، محتجزة منذ ذلك الحين في زنزانة بسجن إيفين بطهران. وتكتب سالا لصحيفة «إل فوليو»، وتقدّم مدونة صوتية إخبارية.

وكان وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، استدعى السفير الإيراني في 2 يناير، مطالباً بـ«الإفراج الفوري» عن الصحافية. وطالبت إيطاليا أيضاً بمعاملة المعتقلة «بطريقة تحترم كرامة الإنسان»، بينما ذكرت الصحافة الإيطالية أنها في الحبس الانفرادي وتنام على الأرض وحُرمت من نظارتها. وفي 3 من الشهر الحالي، استدعت طهران بدورها السفيرة الإيطالية لدى إيران.

ورقة مساومة

أوقفت سالا بعد فترة قصيرة على توقيف الولايات المتحدة وإيطاليا مواطنين إيرانيين اثنين بتهمة انتهاك العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران. واعتُقل محمد عابديني (38 عاماً) في ديسمبر بإيطاليا، بناءً على طلب السلطات الأميركية. أما مهدي محمد صادقي (42 عاماً) الذي يحمل جنسية مزدوجة، فمسجون في الولايات المتحدة.

ترمب وميلوني في صورة جمعتهما مع المرشّحين لمنصبي وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار) والخارجية ماركو روبيو في مارالاغو 4 يناير (إ.ب.أ)

واتهمهما القضاء الأميركي رسمياً في 17 ديسمبر بـ«تصدير مكونات إلكترونية متطورة إلى إيران»، في انتهاك للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وبحسب وزارة العدل الأميركية، تم استخدام هذه المكونات خلال هجوم بطائرة من دون طيار في الأردن أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين في يناير 2024. ونفت إيران أي تورط لها، وندّدت بادعاءات «لا أساس لها». لكن طهران شددت، الاثنين، على عدم وجود «صلة» بين اعتقال سالا وعابديني. وتُتّهم إيران، التي تحتجز العديد من الرعايا الغربيين أو مزدوجي الجنسية، من قِبَل المنظمات غير الحكومية باستخدامهم ورقة مساومة في المفاوضات بين الدول.

وتتهم السلطات الإيرانية سيسيل كوهلر، وجاك باري، وهما زوجان فرنسيان مسجونان منذ عام 2022 خلال زيارة سياحية بـ«التجسس»، وهو ما «ينفيه أقاربهما بشدة». كما يعتقل فرنسي ثالث يُدعى أوليفييه، ولم يكشف عن اسمه الكامل، في إيران منذ عام 2022. وتصف باريس هؤلاء السجناء بأنهم «رهائن دولة». كما دعا وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الثلاثاء، الرعايا الفرنسيين إلى عدم السفر إلى إيران حتى «الإفراج كلياً» عن المعتقلين الفرنسيين في هذا البلد.