قبل بدء وقف إطلاق النار.. الميليشيات تحشد قواتها في محيط تعز

طيران التحالف يقوم بعملية إنزال أسلحة للمقاومة الشعبية والجيش الوطني

قبل بدء وقف إطلاق النار.. الميليشيات تحشد قواتها في محيط تعز
TT

قبل بدء وقف إطلاق النار.. الميليشيات تحشد قواتها في محيط تعز

قبل بدء وقف إطلاق النار.. الميليشيات تحشد قواتها في محيط تعز

مع اقتراب وقف إطلاق النار، المقرر البدء فيه غدا الموافق 10 أبريل (نيسان)، أي قبل أسبوع من انطلاق جولة جديدة من محادثات السلام في دولة الكويت، تعيش ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح حالة تخبط كبيرة في محافظة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة اليمنية صنعاء، في الوقت الذي تقوم فيه بارتكاب مجازر جديدة بحق المدنيين العُزل، وحشد قواتها على محيط المدينة.
وتواصل الميليشيات الانقلابية الدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى الجبهة الغربية، الأكثر اشتعالا في تعز، خصوصا في مدينة الوازعية، إحدى بوابات لحج الجنوبية، التي تشهد مواجهات عنيفة، وجبهة الضباب، حيث عاودت الميليشيات السيطرة على منفذ المدينة من الجبهة الغربية من الخط الرئيسي في الضباب الذي يصل بينها وبين المدينة ومدينة التربة (عاصمة قضاء الحجرية) ومدينة عدن الجنوبية. في حين تشهد الضباب مواجهات عنيفة بين قوات الشرعية، وبإسناد من طيران التحالف، من جهة، وميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح، من جهة أخرى.
وحققت قوات الشرعية تقدما كبيرا في الضباب، وتقترب من السيطرة على حدائق الصالح، بعدما سيطرت على مواقع عدة في محيط الحدائق، وكذلك تمكنت من فتح الخط الرئيسي في الضباب، وذلك بعد قيام طيران التحالف بعملية إنزال لأسلحة وذخائر للجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مديرية المواسط بمحافظة تعز.
وقالت الدكتورة ألفت الدبعي، عضو لجنة صياغة الدستور في الحوار الوطني، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن «التطورات الأخيرة للمشهد السياسي وخضوع جماعة الحوثي لمفاوضات مع الرياض أفضت إلى نزع الألغام في الحدود والاستعداد حاليا لترتيبات الحوار حول تنفيذ القرار الدولي، وكل هذه المؤشرات تؤذن بأن هناك بوادر لنية جادة في وضع حلول لإنهاء الحرب».
وأضافت: «لكن إذا جئنا نرصد الواقع نجد أن جماعة الحوثي وصالح تستمر في حصارها لتعز ومستمرة في إنزال التعزيزات وقصف المدينة، وهذا يعني أن الجماعة لا نية جادة لها في أن تكون مفاوضات الكويت القادمة هي محطة نهائية لإنهاء الحرب والانسحاب من المدن. ومن خبرتنا بجماعة الحوثي والعقلية التي تدير من خلالها الأحداث لا أتوقع أبدا أن تكون مرنة في تطبيق القرار الدولي، كما أتوقع أن يكون هناك تحريك لملفات أمنية في اليمن تربك الوضع داخل اليمن، بما ينعكس على المفاوضات، وهي وسائل اعتاد صالح على استخدامها في ضغوطاته السياسية».
ومن جانبه، شدد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على أهمية العمل بشكل مكثف لفك الحصار عن محافظة تعز وإغاثتها وتنفيذ التوجيهات الرئاسية بمعالجة جميع الأوضاع في المحافظة، خصوصًا المالية، والاستمرار في مواجهة الجماعات المتطرفة وكسر الإرهاب.
وخلال الـ48 ساعة الماضية، شهدت جبهة الضباب، غرب تعز، اشتباكات عنيفة سقط فيها قتلى وجرحى من الجانبين، فيما تكبدت الميليشيات، أيضا، الخسائر الكبرى في العتاد، حيث حققت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدما كبيرا، وسيطرت على مواقع كانت خاضعة للميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح، في الوقت الذي تشهد فيه المواجهات كرا وفرا، وتستعين فيها الميليشيات بالدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة، من عتاد ومسلحين.
وبينما شهدت منطقة المقهاية والكباب اشتباكات عنيفة، تمكنت فيها المقاومة الشعبية من إفشال محاولات الميليشيات الانقلابية إحراز أي تقدم والوصول إلى مشارف المدينة. وقال قائد الكتيبة الثانية في اللواء 22 ميكا، الرائد نائف الصالحي، إن أفراد اللواء خاضوا بجانب أبطال المقاومة معارك عنيفة في الضباب والربيعي غرب المدينة.
وذكر الرائد الصالحي، في تصريح صحافي له، أن أبطال اللواء والمقاومة تمكنوا من صد هجوم للميليشيات في الربيعي وقرب السجن المركزي، وبأنه تم شن هجوم مزدوج على مواقع تمركز الميليشيات الانقلابية في الضباب غرب المدينة. وأضاف: «تمكنا من التقدم باتجاه طريق الضباب وتحرير تبة السوداء والمقهاية، ووصلنا إلى قرب الحدائق، وما زلنا نتقدم لاستعادة الحدائق وتأمين خط الضباب وكسر الحصار عن المدينة».
وبدوره قال العقيد الركن منصور الحساني، الناطق الرسمي للمجلس الأعلى للمقاومة في محافظة تعز، إنه وبمجرد «التحدث عن وجود مفاوضات ووقف لإطلاق النار تزداد حدة الموجهات والمعارك العسكرية في جبهات تعز. وزاد القصف العشوائي على الأحياء والقرى، وسقط مزيد من قذائف المدفعية الثقيلة وصواريخ الكاتيوشا على المدنيين، وسقط عدد من الشهداء والجرحى من سكان المدينة».
وتابع القول إنه «بعد مواجهات شرسة دارت بين أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة وميليشيات الحوثي والمخلوع من جهة أخرى في الجبهة الغربية وجبهة الضباب وجبهة معسكر المطار القديم، تمكن فيها أبطالنا من حراز بعض التقدم والسيطرة على بعض المواقع المهمة ومنها محور معسكر المطار، كما وتمكنوا من السيطرة على مبنى الصالة في غراب، والسيطرة على منطقة مدرات المطلة على مصانع السمن والصابون، حيث كانت تتجمع فيه الميليشيات. وفي محور الضباب تمكنوا من السيطرة على جبل المنعم والتبة السوداء ومقهاية زط والتبة الحمراء». وسقط العشرات من ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح بين قتيل وجريح جراء غارات التحالف المركزة والمباشرة التي شنتها على تجمعات الميليشيات.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.